أدى تغلغل متحوِّر "دلتا" سريع الانتشار في منطقة جنوب شرق آسيا غير المحصَّنة إلى حدٍّ كبير، إلى فرض قيود على العمل والتنقل، مما يهدد بزوال بريق انتعاش الطلب على النفط في المنطقة.
تتعرَّض إندونيسيا، أكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا، لموجة وحشية بشكل خاص من فيروس كوفيد-19، مع كبح الحركة في المنطقة الصناعية في "جاوه"، والجيب السياحي في بالي. وما تزال ماليزيا في خضم إغلاق على مستوى البلاد، في حين شدَّدت تايلاند قيودها للتو.
أدت القيود المفروضة على التنقل، وعدم النجاح في كبح جماح متحوِّر "دلتا" إلى إجراء مراجعات هبوطية في توقُّعات استهلاك الوقود، وخاصة البنزين، إذ سينخفض الطلب على وقود السيارات الإندونيسي بنسبة 8% في الربع الثالث مقارنة بشهر مايو، وذلك قبل أن تبدأ معاودة ظهور الفيروس في التأثير بشكل كبير على الاقتصاد، وفقاً لتوقُّعات شركة "إف جي إي" (FGE) الاستشارية في مجال الطاقة، التي أشارت إلى أنَّ الطلب سينخفض في ماليزيا بنسبة 17% خلال الفترة نفسها.
كما أظهرت بيانات "أبل موبيليتي"، وحسابات "بلومبرغ" أنَّ مستويات حركة المرور اليومية في إندونيسيا انخفضت إلى الخمس مقارنة بشهر يونيو.
معاناة نشاط التكرير
يُشكِّل انتشار متحوِّر "دلتا" عبر جنوب شرق آسيا -التي يبلغ عدد سكانها حوالي ضعف سكان الولايات المتحدة- تحديات جديدة لمصافي التكرير الآسيوية التي تكافح مع هوامش التكرير التي ما تزال منخفضة. كما لم يتعافَ الطلب الهندي على الطاقة بالكامل بعد موجة الفيروس الشرسة في إبريل ومايو. أما في الصين، فهناك علامات على تباطؤ التعافي الاقتصادي للدولة من كوفيد-19، وهو تعافٍ أخذ شكل حرف (V).
بلغ متوسط هوامش التكرير المختلط في سنغافورة -الوكيل للمنطقة- 62 سنتاً للبرميل منذ نهاية مايو، مقارنة بـ3.49 دولاراً لعام 2019.
وإلى الجنوب، نجت أستراليا من ارتفاع أعداد الوفيات مقارنة بجيرانها، إلا أنَّ المدينة الأكبر سيدني، ما تزال مغلقة، وتراجعت حركة المرور فيها.
في هذا الصدد، قال بيتر لي، كبير محللي النفط والغاز في شركة "فيتش سوليوشنز": "تستمر الظروف في الوقوف بوجه استهلاك الوقود" مما يؤثر على الهوامش؛ وأضاف " تُشكِّل كل من إندونيسيا، وماليزيا، وأستراليا مجتمعة 17% من الطلب على البنزين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وحوالي 14% من استهلاك الديزل".
كما قالت شركة "إف جي إي"، إنَّ الطلب الماليزي على الديزل سينخفض بنسبة 15% في هذا الربع مقارنة بشهر مايو، في حين من المفترض أن يظلَّ ثابتاً تقريباً في إندونيسيا. في حين أوضح "غرايسون ليم"، كبير محللي سوق النفط لدى الشركة الاستشارية في هذا المجال "لن يكون للقيود المشددة تأثير كبير على الديزل، مثل معظم الأنشطة الصناعية في إندونيسيا".
معدلات حركة المرور اليومية
وفي الحقيقة، تُظهر لقطات من نشاط الركاب أنَّ الوضع أكثر خطورة بالنسبة لاستهلاك البنزين. إذ انخفضت مستويات حركة المرور اليومية بنسبة 21% حتى الآن في هذا الشهر في إندونيسيا مقارنة بمتوسط يونيو، كما بلغ نشاط القيادة نحو 88% من خط الأساس لشهر يناير 2020، وفقاً لبيانات "أبل موبيليتي"، وحسابات "بلومبرغ". في حين بلغ الانخفاض في أستراليا 3% مقارنة بمتوسط يونيو.
علاوةً على ذلك، قال إيرتو جينتينغ، القائم بأعمال المتحدِّث باسم "بيرتامينا باترا نياغا" (Pertamina Patra Niaga)، وهي وحدة تابعة لشركة الطاقة الإندونيسية المملوكة للدولة، إنَّ استهلاك الوقود الإندونيسي يتجه نحو الانخفاض، وكان تقدير "بيرتامينا" السابق له أن ينخفض بنحو 5% هذا العام مقارنة بعام 2020. كما أشار إلى أنَّ القيود الأخيرة على الحركة، التي فُرضت في أوائل يوليو، قد تدفع استهلاك الوقود إلى الانخفاض في حال تمَّ تمديد القيود حتى الربع الثالث.