قفزت العقود الآجلة للغاز الطبيعي في أوروبا إلى مستوى قياسي، جاعلةً منها سوق طاقة آخر يزيد من مخاوف التضخم، مع خروج العالم مما يزيد عن عام من الوباء العالمي.
ارتفعت العقود الآجلة القياسية للغاز الهولندي إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق الخميس، في حين تواجه أوروبا أزمة إمدادات شديدة. وارتفعت الأسعار بما يقارب 90% هذا العام بعد أن أدى فصل الشتاء الأبرد والأطول من المعتاد إلى نضوب في الخزانات. كما أنَّ روسيا تضخ وقوداً أقل عبر أوكرانيا، وهي طريق عبور رئيسية إلى أوروبا.
ترتفع أسعار الطاقة من الولايات المتحدة وصولاً الى آسيا مع تعافي الاقتصادات، وتلقيح مزيد من الناس، مما يعزز الطلب على كل شيء من الكهرباء إلى البنزين. ومن المرجَّح أن يواجه المستهلكون فواتير باهظة في الشتاء المقبل، مع قيام دول مثل المملكة المتحدة برفع الحدِّ الأقصى لمقدار الرسوم الذي يمكن أن تفرضه خدمات المرافق على المستهلكين، في حين تتجه إسبانيا لخفض الضرائب على الطاقة.
قال دانييل هاينز، كبير محللي السلع الأساسية في "مجموعة أستراليا ونيوزيلندا المصرفية المحدودة، إنَّ "أسعار الغاز الأوروبية ارتفعت في الأسابيع الأخيرة وسط محدوديات العرض، فقد لجمت روسيا الصادرات إلى أوروبا الغربية على الرغم من الطلب القوي. ما تزال المنطقة تتعافى من قسوة استنزاف الشتاء القارص للمخزونات."
بلغت مخزونات الغاز في أوروبا أدنى مستوياتها منذ أكثر من عقد لمثل هذا الفترة من السنة، كما أنَّ الإمدادات لا تُعوَّض بالسرعة الكافية. وقد اختارت روسيا يوم الثلاثاء عدم إرسال غاز إضافي إلى أوروبا عبر أوكرانيا للشهر الثالث على التوالي، وقد تجاهلت بذلك مزاداً من اثنين يقامان شهرياً.
هذه ليست أعلى الأسعار التي دفعتها أوروبا
من جهته، قال تريفور سيكورسكي، رئيس نقل الغاز الطبيعي والطاقة في شركة "إنرجي أسبكتس" الاستشارية) في لندن: "كان ينظر إلى شهر يوليو على أنَّه الشهر الوحيد الذي سيحجزون فيه سعة إضافية، نظراً للصيانة على جميع الأنابيب الرئيسية الأخرى."
يخضع خط أنابيب "نورد ستريم 1" الذي يربط روسيا مباشرة بألمانيا للصيانة لمدَّة 10 أيام في يوليو، في حين سيتمُّ إغلاق خط أنابيب "يامال-أوروبا" من 6 إلى 10 يوليو.
ارتفعت عقود الغاز الهولندي الآجلة في منصة "مرفق نقل الملكية" (TTF)%5.1 لتصل إلى 36.375 يورو لميغاوات/الساعة.
من المؤكَّد أنَّ هذه ليست أعلى الأسعار التي دفعتها أوروبا على الإطلاق. فقبل أن تصبح السوق الهولندية هي المعيار، ارتفعت أسعار الغاز الروسي على الحدود الألمانية إلى حوالي 16 دولاراً لكلِّ مليون وحدة حرارية بريطانية في عام 2008، وفقاً لبيانات شهرية من "صندوق النقد الدولي". هذا يعادل ما ينيف قليلاً على 12 دولاراً لكلِّ مليون وحدة حرارية بريطانية مقارنةً بعقود الغاز الهولندي الآجلة.
إنَّ الإمدادات شحيحة أيضاً، في حين تخضع النرويج لعمليات صيانة مكثَّفة بعد التأخيرات الناجمة عن الوباء، وارتفاع تكلفة التلوُّث في أوروبا إلى مستوى قياسي قبل إصلاحات السوق هذا الشهر، مما يجعل الغاز أكثر تكلفة. وتشتري آسيا أيضاً بشدة شحنات الغاز الطبيعي المسال.
كما تشهد الأسعار في آسيا والولايات المتحدة ارتفاعاً هي الأخرى.
لكنَّ بيارن شيلدروب، كبير محللي السلع في مجموعة "إس إي بي" البنكية (SEB AB) يقول، إنَّ: "الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة يحتاجان إلى استيراد الغاز الطبيعي المسال، وسعر ذلك في ارتفاع. إنَّه ارتفاع عالمي في أسعار الغاز الطبيعي المسال والغاز الطبيعي، ولا ينحصر بأوروبا."