لعدة أشهر، كان الإجماع في سوق النفط العالمية يُشير إلى أن عام 2025 سيتسم بفائض كبير وأسعار ثابتة إلى ضعيفة. لكن على نحو مفاجئ، وبعد حزمة العقوبات الأميركية الأكثر شدة حتى الآن ضد صناعة الطاقة في روسيا، أصبحت التوقعات أكثر تعقيداً.
كتب محللو "آر بي سي كابيتال ماركتس" (RBC Capital Markets LLC) بما في ذلك بريان ليسن في مذكرة صدرت يوم الأحد: "بعد أسبوع واحد فقط من بداية العام، اختبرنا بالفعل قمة النطاق السعري لعلاوة المخاطر المرتبطة بالأحداث...العقوبات الجديدة على روسيا من جانب الإدارة المنتهية ولايتها هي إضافة صافية إلى الإمدادات العرضة للخطر".
بلغت أسعار النفط أعلى مستوى لها في أكثر من أربعة أشهر يوم الإثنين، لترتفع لليوم الثاني على التوالي مع تقييم المستثمرين العواقب المحتملة لحزمة العقوبات الأميركية على السوق. استهدفت التدابير -التي تم الكشف عنها قبل أقل من أسبوعين من تولي الرئيس المنتخب دونالد ترمب منصبه- كبار المنتجين وشركات التأمين، فضلاً عن العشرات من الناقلات المستخدمة لنقل الشحنات حول العالم.
مزيد من الإجراءات الأميركية ضد موسكو
"في ظاهر الأمر، ثمة مبرر لأن يصل برنت إلى النطاق العلوي لسعر 80 دولاراً للبرميل في الأمد القريب، مع الأخذ في الاعتبار جميع الإمدادات، على الرغم من العوامل المعاكسة للهوامش"، حسبما قال ليسن من "آر بي سي". وأضاف "مع ذلك، فقد رأينا هذا السيناريو عدة مرات في السنوات الأخيرة، وأثبتت متانة سلاسل التوريد تفوقها باستمرار".
ألمحت إدارة الرئيس جو بايدن المنتهية ولايتها إلى أنها تدرس اتخاذ المزيد من الإجراءات ضد موسكو، مستشهدة بنفس ضعف السوق الذي دعم التوقعات الواسعة النطاق لأسعار أضعف. في الشهر الماضي، وصفت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين الظروف بأنها "غير عادية"، مع وفرة الإمدادات وضعف الطلب.
يُعتبر الخطر الرئيسي الذي يواجه السوق الآن هو أن القيود الأحدث قد تعرقل تدفقات النفط الروسية، وتجعل عملاء موسكو أكثر حذراً بشأن الحصول على الإمدادات. بالإضافة إلى ذلك، ثمة احتمال أن تشدد إدارة ترمب القادمة العقوبات ضد إيران، وهي منتج كبير آخر.
وجهة نظر "غولدمان ساكس"
"قد يرتفع برنت فوق قمة نطاقنا (السعري)، إذا انخفض الإنتاج الروسي لفترة وجيزة بمقدار مليون برميل يومياً، وإلى 90 دولاراً للبرميل في سيناريو مشترك حيث تنخفض الإمدادات الإيرانية أيضاً بمقدار مليون برميل يومياً ولكن بطريقة مستمرة"، بحسب ما كتبه محللون في "غولدمان ساكس غروب" بما في ذلك دان سترويفين في مذكرة.
ومع ذلك، تبنى البنك نظرة حذرة، إذ اختار الإبقاء في الوقت الحالي على توقعاته الأساسية لكل من الإنتاج الروسي والأسعار، حيث يتوقع أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 76 دولاراً للبرميل على مدى عام 2025. ومن بين العوامل التي تدعم هذا الرأي إمكانية تقديم خصومات أكبر على التدفقات الروسية، فضلاً عن تفضيل ترمب المحتمل لأسعار طاقة أميركية أقل.
بحسب تقديرات "سيتي غروب"، فإن ما يصل إلى 30% مما يُطلق عليه أسطول ناقلات الظل الروسي قد يتأثر، مما يهدد ما يصل إلى 800 ألف برميل يومياً، على الرغم من أن الخسارة الفعلية قد تكون أقل من نصف هذا الرقم. ووصف البنك الحزمة الأميركية بأنها "غير مسبوقة".
يتعامل مراقبو السوق مع تحولات أخرى بخلاف حزمة العقوبات الأميركية الواسعة النطاق. من العوامل الأخرى محل الاهتمام، والتي تدعم ارتفاع الأسعار، تراجعت مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة خلال الأسابيع السبعة الفائتة، في أطول سلسلة من الانخفاضات منذ عام 2022. بالإضافة إلى ذلك، وصلت المخزونات في مركز كوشينغ الرئيسي في أوكلاهوما إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2014. كما دعم الطقس البارد العقود المستقبلية، مع اتساع ارتفاع السعر الفوري عن سعر العقود المستقبلية.
وكالة الطاقة الدولية وأوبك
من أجل مساعدة المستثمرين على فهم ما يدور هذا الأسبوع، من المقرر أن تُصدر الجهات الثلاث البارزة التي تقدم تعليقات على سوق النفط أحدث تقاريرها الشهرية. ستنشر الحكومة الأميركية توقعاتها يوم الثلاثاء، تليها وكالة الطاقة الدولية ومقرها في باريس ومنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) يوم الأربعاء. وفي الوقت الحاضر، تخطط المنظمة لتخفيف قيودها على الإمدادات اعتباراً من أبريل.
وفي تقييم للآفاق، رفع "مورغان ستانلي" التوقعات الفصلية لخام برنت خلال هذا العام، على الرغم من أن أرقامه المعدلة تظل دون المستويات الحالية. ومن ضمن تلك التوقعات، يُتوقع الآن أن يبلغ سعر خام برنت 77.50 دولار للبرميل هذا الربع، ارتفاعاً من توقعات سابقة بلغت 72 دولاراً، وفقاً لما كتبه محللون من بينهم مارتين راتس في مذكرة بتاريخ 13 يناير.
ذكر راتس أن "العقوبات الأميركية الجديدة على صناعة النفط الروسية تجاوزت التوقعات". وأضاف "سوف يستغرق الأمر بعض الوقت لاستيعاب هذه التدابير، لكن هذا يُنشئ مخاطر بهبوط إمدادات النفط، على الأقل لفترة من الوقت".