فرضت روسيا قيوداً على تعدين العملات المشفرة في أكثر من 12 منطقة حيث يتركز هذا النشاط، وذلك بسبب مخاوف متزايدة من نقص الكهرباء، ما يؤثر سلباً على الاقتصاد الوطني.
وافقت لجنة حكومية مختصة بقطاع الطاقة على فرض حظر شامل على تعدين العملات المشفرة حتى عام 2031 في 6 مناطق بجنوب روسيا وأيضاً في بعض المناطق التي سيطرت عليها القوات الروسية في أوكرانيا، وفقاً لبيان نُشر في وقت سابق من هذا الأسبوع.
كما يخطط المسؤولون لفرض حظر على التعدين لمدة 6 سنوات خلال فترات الذروة لاستهلاك الطاقة في الشتاء، وذلك في 3 مناطق بجنوب شرق سيبيريا بالقرب من بحيرة بايكال، وفقاً لما جاء في البيان.
ومن المقرر فرض القيود اعتباراً من 1 ديسمبر، حسبما ذكرت صحيفة "كوميرسانت" في وقت سابق من هذا الأسبوع.
العقوبات الدولية
تعد المناطق التي تواجه القيود موطناً لبعض أكبر شركات تعدين العملات المشفرة في البلاد، والتي تستفيد من الكهرباء الأرخص، وسهولة الوصول إلى شبكة الكهرباء. بشكل عام، يستهلك عمال التعدين الروس حوالي 16 مليار كيلوواط في الساعة سنوياً، أو ما يقرب من 1.5% من إجمالي استخدام الكهرباء في روسيا، وفقاً لوزارة الطاقة في البلاد.
شهد التعدين الروسي للعملات المشفرة نمواً في السنوات الأخيرة، مدفوعاً بارتفاع هائل في سعر "بتكوين"، وقرار الصين في عام 2021 بفرض حظر شامل على هذه الممارسة.
العقوبات الدولية المفروضة بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير 2022، أعاقت المدفوعات المصرفية التقليدية من روسيا وإليها، ما دفع الكرملين إلى تقنين تعدين العملات المشفرة، وإعداد إطار لاختبار استخدام الرموز الرقمية في المعاملات عبر الحدود.
ومع ذلك، تأتي هذه الطفرة في الوقت الذي زاد فيه القطاعان العسكري والصناعي في روسيا من استخدامهما للكهرباء بشكل كبير، مدفوعان بالإنفاق المرتبط بالحرب.
استهلاك الطاقة
أعرب المسؤولون الروس، بمن فيهم الرئيس فلاديمير بوتين نفسه، عن مخاوف متكررة بشأن "النمو غير المنضبط" في الطلب على الكهرباء من مراكز تعدين العملات المشفرة، بما في ذلك في العديد من المناطق التي يغطيها الحظر.
في العام الماضي، زاد استهلاك الطاقة في البلاد بنسبة 1.4% ومن المتوقع أن ينمو بمعدل 2.4% سنوياً بين عامي 2025 و2027، حسبما أفادت الجهة المسؤولة عن تشغيل نظام الطاقة في روسيا.
كشفت موجات الحر في المناطق الجنوبية والقوقازية في روسيا هذا الصيف عن نقاط ضعف في شبكة الكهرباء في البلاد، وأدت إلى انقطاع التيار الكهربائي الذي أثر على ما يصل إلى 2.5 مليون شخص.
نقص الطاقة
في وقت سابق من هذا الأسبوع، طلب رئيس منطقة داغستان الروسية، سيرغي ميليكوف، من الحكومة الفيدرالية حظر تعدين العملات المشفرة في تلك المنطقة وسط نقص في إمدادات الطاقة. وقال في بيان عبر قناته على "تلغرام" إن استهلاك الطاقة في داغستان قفز بنسبة 26% على مدى السنوات الثلاث الماضية، ويؤدي الآن إلى انقطاع التيار الكهربائي.
منطقة إيركوتسك في سيبيريا وداغستان في منطقة القوقاز تتمتعان ببعض من أدنى أسعار الكهرباء في البلاد. هذا يخلق ظروفاً مواتية لتعدين العملات المشفرة، وفقاً لتقرير صدر في نوفمبر عن وكالة التصنيف "أكرا" (ACRA) ومقرها موسكو.
"تواجه روسيا نقصاً في الكهرباء على مدى السنوات الخمس إلى العشر المقبلة"، بحسب آني أصلانيان، المحللة التي تدير قناة "تلغرام" متخصصة بالعملات المشفرة. أضافت: "السؤال هو، هل من المنطقي بناء قدرة كهربائية جديدة خصيصاً لتعدين العملات المشفرة؟".
ومع ذلك، تتبع السلطات نهجاً دقيقاً، "فهم لا يقومون بحظر تعدين العملات المشفرة بشكل مباشر، بل يعملون على خلق ظروف تجعله أقل جاذبية"، كما ذكرت.