يواجه التاجر الذي يسعى لشراء أصول غاز تابعة لشركتي "شل" و"إكسون موبيل" في المملكة المتحدة دعوى قضائية، بسبب اتهامات بتحويل أموال من شركة بتروكيماويات إيرانية تم حظر التعامل معها من قِبل الولايات المتحدة العام الماضي.
اتهمت دعوى رُفعت في لندن فرانشيسكو مازاغاتي بالتربح من ملكية غير مباشرة لشركة "مهر بتروكيميكال" (Mehr Petrochemical) الإيرانية لصنع راتنغ البلاستيك، فيما أشارت وزارة الخزانة الأميركية إلى أن الشركة كانت محور شبكة كبيرة من "بنوك الظل" ساعدت شركات أخرى على مواصلة نشاطها لصالح النظام الإيراني.
شركة "أليانس بتروكيميكال إنفستنمنت" (Alliance Petrochemical Investment) السنغافورية التي تملك حصة مسيطرة في "مهر" هي من رفعت الدعوى في لندن في أغسطس، وتتهم فيها مازاغاتي بتوزيع منتجات الشركة الإيرانية والتكتم على احتفاظه بحصة فيها، رغم فرض السلطات الأميركية عقوبات على الشركة في 2023.
من جهته، نفى مازاغاتي هذه المزاعم، وأشار إلى إنه لم يسيطر على "مهر" قط، ووصف الدعوى بأنها جزء من حملة "كيدية" يشنها أرشيا جاهانبور، شريكه السابق في العمل، والمدير الفعلي للشركة السنغافورية، على حد قوله.
وقال المتحدث باسمه في رسالة إلكترونية: "مازاغاتي لا يخضع لأي تحقيق أو تدقيق بسبب أي تعاملات مع (مهر)". كشفت صحيفة "فاينانشال تايمز" عن تفاصيل الدعوى في وقت سابق.
الاستحواذ على أصول بريطانية
تسعى شركة "فيارو إنرجي" (Viaro Energy) التي أسسها مازاغاتي للحصول على موافقة الجهات التنظيمية لإبرام مجموعة من الصفقات مع شركتي "شل" و"إكسون" قبالة سواحل المملكة، فيما ذكرت الشركة أن هذه الصفقات ستمنحها السيطرة على حوالي 5% من إجمالي إنتاج الغاز في المملكة المتحدة.
وأفادت "فيارو" في بيان صدر عند الإعلان عن الصفقة، في يوليو، أنها في حالة الموافقة على الاستحواذ ستمتلك ركيزة لإنتاج وأمن الطاقة في المملكة المتحدة.
تشمل صفقتا "شل" و"إكسون" 11 منشأة بحرية، وتتوقف على موافقة "الهيئة البريطانية الانتقالية لبحر الشمال" (NSTA)، التي يجوز لها تقييم "ملاءمة" المرخص له للمشاركة بهذه العملية، وأشار مازاغاتي إلى أنه يتواصل بشكل دوري مع الجهة التنظيمية.
سوء سلوك مالي
تركز الدعوى المرفوعة في لندن على مزاعم إدارة مازاغاتي الفعلية لشركة "أليانس بتروكيميكال"، وتدّعي أنه أدار الشركة رغم تنحيه عن مجلس إدارتها في سبتمبر 2020، وأنه تعامل مع "مهر" على أساس أنه ما زال الرئيس التنفيذي للشركة السنغافورية.
تطالب "أليانس بتروكيميكال" في الدعوى بمبلغ 143 مليون دولار إلى جانب تعويض عن الأضرار، مدعيةّ أن مازاغاتي حوّل المال من بيع منتجات "مهر" إلى حساب منفصل للشركة فتحه في الإمارات.
مازاغاتي متهم بسوء السلوك أيضاً، حيث قدّم في اجتماع عُقد عام 2021 مستنداً مصرفياً مزيفاً يحمل رصيداً بنكياً مغلوطاً، بحسب مستندات الدعوى، التي تتهمه أيضاً بشكل منفصل بالتربح من توقيعات مزيفة.
وأفاد مديرو "أليانس بتروكيميكال" الحاليون في الدعوى أن "السيد مازاغاتي واصل التصرف بصفته الرئيس التنفيذي، واعتاد مجلس إدارة الشركة وإدارتها التصرف وفق توجيهاته".
يختلف الطرفان حول مجموعة كبيرة من المسائل، من بينها ما إذا كان مازاغاتي قد شغل منصب الرئيس التنفيذي لـ"أليانس بتروكيميكال" من قبل، فيما يقول مازاغاتي إنه كان مجرد عضو في مجلس الإدارة.
وأشار محامو مازاغاتي إلى أن جاهانبور، الذي كان صديقه المقرب في الماضي، كان المدير الفعلي للشركة، وأن مازاغاتي سعى دوماً إلى التخلص من أسهمه في "أليانس بتروكيميكال" قبل دخول العقوبات حيز التنفيذ.
قضية فساد في إيطاليا
على صعيد منفصل، يواجه مازاغاتي (الإيطالي الجنسية) محاكمة جنائية في ميلان، حيث كان واحداً من 6 أفراد مدعى عليهم يواجهون تهماً مرتبطة بقضية فساد مستمرة منذ شهور، ويُتهم مازاغاتي في جزء صغير من القضية باستخدام حصيلة ما يُزعم أنها صفقة احتيالية مع شركة "إيني" لشراء حصة في "أليانس بتروكيميكال".
وأسقط القاضي تهماً جنائية إيطالية أخرى مرتبطة بالشروع في تسليم النفط من إيران، ونفى مازاغاتي هذه المزاعم، وأشارت "فيارو" في يوليو إلى توقعها إسقاط بقية التهم في حقه.
العقوبات الأميركية
فُرضت العقوبات الأميركية على "مهر" في مارس 2023، في خطوة تهدف لمنع أي تعاملات أميركية مع الشركة. وأشار مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) إلى أن أي مؤسسة مالية أجنبية تسهل عمداً الصفقات مع الشركة قد تعرض نفسها لإجراء قانوني.
ولفت مكتب مراقبة الأصول الأجنبية إلى أن منتجات "مهر" تم تسويقها من خلال شبكة من الشركات حققت للحكومة الإيرانية مليارات الدولارات، كما أن شبكة "مهر" ساعدت شركة "بيرجان غلف بتروكيميكال إندستري كوميرشال" (Persian Gulf Petrochemical Industry Commercial) الإيرانية في تسويق بولي إيثلين عالي الكثافة بقيمة ملايين الدولارات، من إنتاج "مهر"، إلى مشترين من أطراف ثالثة لتسليمه في تركيا وآسيا.
استخدمت "أليانس بتروكيميكال" الدعوى التي رفعتها لتوضيح الطريقة التي يُزعم بها أن مازاغاتي استحوذ على حصة في "مهر"، وإثارة الشكوك حول ما إذا كان سعى إلى التكتم على هذه الحصة بعد فرض العقوبات الأميركية.
يقول مازاغاتي إنه لم يعتزم قط الاحتفاظ بأسهمه في "أليانس بتروكيميكال" بعد شرائها عبر شركة في هونغ كونغ في يوليو 2018، وإنه نقل ملكية 50% منها إلى شركة عائلية يملكها جاهانبور بعد أشهر قليلة.
وبعد 5 أيام من فرض العقوبات، نقل مازاغاتي رسمياً ملكية أسهمه في الشركة التي يقع مقرها في هونغ كونغ، واسمها "بتروكيميكال إندستريز" (Petrochemical Industries)، التي امتلكت بقية أسهم "أليانس بتروكيميكال"، التي تبلغ نسبتها 50%.
صديقة مازاغاتي
تم بيع الأسهم إلى شركة مقرها الإمارات، واسمها "سونيك إنفستمنت" (Sonic Investment)، تملكها صديقة لمازاغاتي تقيم في دبي، وأشارت "أليانس بتروكيميكال" إلى أن مازاغاتي حاول نقل ملكية الأسهم إلى "سونيك" قبلها بشهور مقابل "القيمة الاسمية".
كما قالت "أليانس بتروكيميكال" في الدعوى إنه "يُستدل من ذلك على أن مازاغاتي ما يزال يسيطر على (بتروكيميكال إندستريز) وأنه المالك النهائي المستفيد".
من جانبها، أشارت نجلاء باكوش، صديقة مازاغاتي، إلى أنها وزوجها منخرطان في تجارة السلع الأولية، وكانا يسعيان إلى الاستحواذ على "بتروكيميكال إندستريز" و"مهر" قبل فرض العقوبات.
وأوضحت في رسالة إلكترونية إلى "بلومبرغ" أنها لم تتمكن من السداد إلى مازاغاتي نظراً "لعدم تمكنها من الحصول على أرباح من (أليانس بتروكيميكال). لم يتوقع أحد منا أن يصل الأمر إلى ما وصل إليه، وأن يسبب مشكلات لكل من شارك فيه".