ارتفعت شحنات روسيا من النفط الخام لأعلى مستوى لها منذ أوائل يوليو، إذ دفعت أعمال الصيانة الموسمية في المصافي إلى تقليص حجم عمليات التكرير المحلية.
قفز متوسط شحنات الخام على مدى أربعة أسابيع بمقدار 7000 برميل يومياً حتى الأسبوع المنتهي في 13 أكتوبر. وفي المقابل، تراجعت عمليات التكرير خلال الأيام التسعة الأولى من الشهر إلى أدنى مستوى لها منذ منتصف مارس، حيث بلغ متوسطها 5.07 مليون برميل يومياً، مما أتاح مزيداً من الخام للتصدير.
جاءت هذه الزيادة الطفيفة في الشحنات مصحوبة بارتفاع في متوسط أسعار الخام الروسي، التي صعدت بفضل زيادة عامة في المؤشرات المرجعية العالمية لأسعار النفط وسط قلق الأسواق من تصاعد الصراع بين إيران وإسرائيل وتأثيره على إمدادات الشرق الأوسط.
زادت القيمة الإجمالية لصادرات روسيا من الخام لتصل إلى 1.52 مليار دولار أسبوعياً خلال 28 يوماً حتى 13 أكتوبر، مقارنة بـ1.48 مليار دولار في فترة الأسابيع الأربعة حتى 6 أكتوبر، مسجلة أعلى قيمة لها منذ نهاية أغسطس.
يتسارع استخدام موسكو للناقلات التي فُرضت عليها عقوبات نتيجة مشاركتها في تجارة النفط الروسية، حيث عاد نحو ثُلث السفن المدرجة على القائمة السوداء إلى العمل. منذ فرض عقوبات على روسيا بسبب شنها حرباً على أوكرانيا في 2022، تم تحميل ما لا يقل عن 21 من أصل 72 ناقلة عوقبت من قبل الدول الغربية في العام الماضي بشحنات بلغ مجموعها 24 شحنة من النفط الروسي.
شحنات الخام
تظهر بيانات تتبع السفن وتقارير وكلاء الموانئ أن 31 ناقلة قامت بتحميل ما مجموعه 23.14 مليون برميل من الخام الروسي حتى الأسبوع المنتهي في 13 أكتوبر. ولم يطرأ تغيير كبير على حجم الشحنات مقارنة بـ23.58 مليون برميل على نفس عدد السفن في الأسبوع السابق.
بذلك، ظل متوسط التدفقات لأربعة أسابيع مستقراً عند 3.33 مليون برميل يومياً، مع ارتفاع طفيف عن 3.32 مليون برميل في الأسبوع السابق.
انخفضت التدفقات اليومية للخام الروسي -والتي تتسم بالتقلب- خلال الأسبوع المنتهي في 13 أكتوبر بحوالي 60 ألف برميل لتصل إلى 3.31 مليون برميل يومياً، مع تراجع الشحنات القادمة من موانئ البحر الأسود والقطب الشمالي في روسيا.
حتى الآن هذا العام، كانت شحنات الخام أقل بنحو 50 ألف برميل يومياً، أو ما يعادل 1.4%، عن متوسط عام 2023 بالكامل.
كما تم تحميل شحنة واحدة من خام "كيبكو" (KEBCO) الكازاخستاني في ميناء نوفوروسيسك الواقع على البحر الأسود خلال هذا الأسبوع.
أنهت روسيا أهدافها التصديرية بنهاية مايو الماضي، وبدلاً من ذلك قررت تقييد الإنتاج بما يتوافق مع شركائها في تحالف منتجي النفط "أوبك+". وتم تحديد هدف الإنتاج عند 8.978 مليون برميل يومياً حتى نهاية نوفمبر، بعد تأجيل تخفيف بعض تخفيضات الإنتاج المخطط لها لمدة شهرين.
علاوة على ذلك، تعهدت موسكو بإجراء تخفيضات أعمق في الإنتاج خلال أكتوبر ونوفمبر من هذا العام، ومن ثم بين مارس وسبتمبر 2025، لتعويض تجاوز حصتها المقررة في "أوبك+" في وقت سابق من هذا العام.
تُظهِر البيانات الرسمية الروسية أن إنتاج سبتمبر كان أقل بقليل من الهدف المحدد في اتفاق "أوبك+"، بعد ضغوط من المجموعة لتحسين الامتثال لاتفاق الإمدادات. بلغ الإنتاج الموسمي 8.97 مليون برميل يومياً، وهو أقل بنحو 8000 برميل عن الهدف، بعد تطبيق التخفيض الإضافي الذي تم الاتفاق عليه الشهر الماضي.
لكن هذه البيانات تعرضت للتشكيك من قبل المصادر الثانوية التي تعتمد عليها "أوبك" في مراقبة الامتثال لأهداف الإنتاج، والتي قدرت إنتاج روسيا في سبتمبر بنحو 9.001 مليون برميل يومياً، أي بزيادة تبلغ حوالي 23 ألف برميل عن السقف المحدد لها.
قيمة صادرات النفط
ارتفعت القيمة الإجمالية لصادرات روسيا من الخام إلى 1.6 مليار دولار في الأيام السبعة المنتهية في 13 أكتوبر، مقارنة بـ1.54 مليار دولار في الأسبوع المنتهي حتى 6 أكتوبر. جاء هذا الارتفاع نتيجة زيادة متوسط الأسعار الأسبوعية للأنواع الرئيسية من الخام الروسي، التي تأثرت بارتفاع عام في سوق النفط العالمية وسط التوترات المستمرة في الشرق الأوسط، مع تزايد التوقعات بشأن رد إسرائيل المحتمل على الهجوم الصاروخي الإيراني.
شهدت القيم التصديرية في موانئ البلطيق زيادة بحوالي 3.10 دولار للبرميل على أساس أسبوعي، بينما ارتفعت الشحنات من البحر الأسود بنحو 3.25 دولار للبرميل. كما سجل خام "إسبو" (ESPO) ارتفاعاً بحوالي 3.60 دولار مقارنة بالأسبوع السابق. بالإضافة إلى ذلك، ارتفعت أسعار التسليم في الهند بما يقارب 3.3 دولار للبرميل، بحسب أرقام "آرغوس ميديا" (Argus Media).
كذلك، ارتفع متوسط الدخل لأربعة أسابيع إلى حوالي 1.52 مليار دولار أسبوعياً، مقارنة بـ1.48 مليار دولار في الفترة المنتهية في 6 أكتوبر، وهو أعلى مستوى منذ الفترة المنتهية في 1 سبتمبر. وكان أعلى متوسط مسجل للأربعة أسابيع عند 2.17 مليار دولار أسبوعياً في الفترة المنتهية في 19 يونيو 2022.
خلال الأسابيع الأربعة الأولى بعد تطبيق سقف الأسعار الذي فرضته مجموعة السبع على صادرات الخام الروسي في أوائل ديسمبر 2022، انخفضت قيمة التدفقات المنقولة بحراً إلى أدنى مستوى لها حيث بلغت 930 مليون دولار أسبوعياً، لكنها سرعان ما تعافت.
التدفقات حسب الوجهة
آسيا
انخفضت الشحنات المتجهة إلى عملاء روسيا في آسيا، بما في ذلك الشحنات التي لم تُظهر وجهة نهائية، لتصل إلى 3.09 مليون برميل يومياً خلال الأسابيع الأربعة حتى 13 أكتوبر، منخفضة بنسبة 5% مقارنة بالمتوسط الذي المسجّل خلال الذروة الأخيرة في أبريل.
تم تحميل حوالي 1.21 مليون برميل يومياً من النفط الخام على ناقلات متجهة إلى الصين. وارتفعت واردات الدولة الآسيوية المنقولة بحراً بنحو 800 ألف برميل يومياً من الخام الروسي المنقول عبر خطوط الأنابيب، إما بشكل مباشر أو عبر كازاخستان.
بالنسبة للهند، فقد بلغ متوسط الشحنات المحملة على السفن المتجهة إليها 1.7 مليون برميل يومياً، بزيادة عن الرقم المعدل للفترة حتى 6 أكتوبر والبالغ 1.65 مليون برميل.
يُتوقع أن ترتفع الشحنات المتجهة إلى الصين والهند مع اتضاح وجهات التفريغ النهائية للسفن التي لم تُحدد وجهتها بعد.
كما بلغت الشحنات التي تشير وجهاتها إلى بورسعيد أو قناة السويس في مصر حوالي 150 ألف برميل يومياً. وعادةً ما تنتهي هذه الشحنات في موانئ الهند أو الصين، وتظهر في البداية على أنها "وجهات آسيوية غير محددة" حتى يتضح المسار النهائي.
أما شحنات "الوجهات المجهولة الأخرى"، التي تحملها ناقلات لا تُظهر وجهة محددة، فقد بلغت حوالي 30 ألف برميل يومياً في الأسابيع الأربعة حتى 13 أكتوبر. تنطلق معظم هذه الشحنات من الموانئ الغربية في روسيا لتعبر قناة السويس، فيما قد ينتهي المطاف ببعضها في تركيا، وبعض الشحنات قد يتم نقلها من سفينة إلى أخرى.
مدّدت اليونان فترة التدريبات البحرية في منطقة تُستخدم عادة لنقل الخام الروسي حتى نوفمبر. ومع ذلك، لم تتوقف عمليات نقل الخام من سفينة إلى أخرى بشكل كامل. فقد استلمت الناقلة العملاقة "ألما" (Alma) شحنة نفط خام مؤخراً من ناقلتين أصغر حجماً هما "ساغار فيوليت" (Sagar Violet) و"أرلان" (Arlan)، في ممر ضيق يقع بين منطقتين ملاحيتين مغلقتين.
أوروبا وتركيا
توقفت صادرات الخام الروسية المنقولة بحراً إلى الدول الأوروبية، بعد توقف التدفقات إلى بلغاريا نهاية العام الماضي. بالإضافة إلى ذلك، خسرت موسكو نحو 500 ألف برميل يومياً من صادرات النفط المنقول عبر خطوط الأنابيب إلى بولندا وألمانيا في بداية 2023، حينما أوقفت الدولتان عمليات الشراء.
في ظل هذه التطورات، أصبحت تركيا السوق الوحيدة القريبة للشحنات القادمة من الموانئ الغربية لروسيا، حيث ارتفعت التدفقات في 28 يوماً حتى 6 أكتوبر إلى حوالي 180 ألف برميل يومياً.
ملاحظات:
تشكل هذه القصة جزءاً من سلسلة أسبوعية تتعقب شحنات الخام من موانئ التصدير الروسية والقيمة الإجمالية لتلك التدفقات.
التحديث التالي للبيانات سيكون يوم الثلاثاء 22 أكتوبر. تستثني جميع الأرقام الشحنات المحددة باعتبارها من درجة "كيبكو" الكازاخستاني، والتي تقوم شركة "كازترانسويل جي إس سي" (KazTransoil JSC) بشحنها عبر روسيا للتصدير عبر ميناءي "نوفوروسيسك" و"أوست لوغا"، والتي لا تخضع لعقوبات الاتحاد الأوروبي أو قيود سقف الأسعار. يتم مزج النفط الكازاخستاني مع الخام الروسي لإنشاء خام تصدير موحد. ومنذ الحرب الروسية على أوكرانيا، أعادت كازاخستان تسمية شحناتها لتمييزها عن تلك التي تشحنها الشركات الروسية. يتم التحقق من بيانات تتبع السفن عبر التدقيق في تقارير وكلاء الموانئ، بالإضافة إلى بيانات التدفقات وحركة السفن التي يقدمها مزودو المعلومات الآخرون مثل "كبلر" (Kpler) و"فورتيكسا" (Vortexa).