قالت مصادر مطلعة، إن شركة أرامكو السعودية تجري مراجعة استراتيجية لأعمال التنقيب والإنتاج، في خطوة قد تمكن الشركة الحكومية من استقطاب مستثمرين خارجيين إلى بعض أصولها من النفط والغاز.
وتجري أكبر شركة طاقة في العالم مناقشات أولية مع المستشارين، لتقييم خياراتها، كما تدرس احتمالات تشمل بيع حصص في العمليات في حقول معينة أو الدخول في مشروعات مشتركة مع منتجي الطاقة الكبار الآخرين، وكذلك إمكانية تكوين شراكات لتطوير موارد غاز جديدة، بحسب المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها لخصوصية الأمر. ومن المتوقع أن تولّد أي صفقة مليارات الدولارات لأرامكو، التي تقع في قلب خطة التحوّل الاقتصادي في المملكة العربية السعودية.
واستبعدت المصادر أن تفتح أرامكو أهم أصولها النفطية، رغم أنها قد تجلب المستثمرين إلى عمليات أقل حساسية. ولا تزال المداولات في مرحلة مبكرة، ولم يتم تحديد هيكل أي صفقة محتملة. وامتنعت أرامكو ووزارة الطاقة السعودية عن التعليق.
شراكات المصب
منذ تأميم أرامكو بالكامل في عام 1980، اقتصرت معظم الاستثمارات الأجنبية في صناعة الطاقة بالمملكة العربية السعودية على الأصول النهائية، مثل المصافي ومصانع البتروكيماويات. وأبرمت الشركة في الماضي اتفاقيات لمشاريع مشتركة مع شركات من بينها "رويال داتش شل" و"وتال" للتنقيب عن الغاز الطبيعي في المملكة.
حتى قبل أن تجتذب أرامكو شركاء أجانب للتنقيب عن الغاز الطبيعي في 2003-2004، أجرت محادثات مفصلة مع شركات النفط الكبرى في أواخر التسعينيات لتطوير احتياطياتها. فشلت المحادثات حيث رفضت معظم الشركات الشروط التي كانت الرياض مستعدة لتقديمها.
وقبل بضع سنوات، أجرت أرامكو أيضاً مناقشات مع شركات أجنبية لتطوير حقل الشيبة النفطي الشاسع، لكنها قررت في النهاية إدخال الأصل في الإنتاج بمفردها.
الجدير بالذكر أن احتياطيات النفط والغاز في السعودية مملوكة للدولة، وتستغلها أرامكو من خلال اتفاقية امتياز متعددة العقود.
مركز الربح
بدأ رئيس مجلس إدارة أرامكو، ياسر الرميان، في بيع حصص في الأصول غير الأساسية للمساعدة في الحفاظ على أرباح الشركة البالغة 75 مليار دولار، التي يذهب معظمها إلى الحكومة السعودية.
الصفقة الأولى تم إبرامها في وقت سابق من هذا الشهر، عندما قالت أرامكو، إنها ستجمع أكثر من 12 مليار دولار من حقوق تأجير عبر خطوط أنابيب النفط الخاصة بها لتحالف مستثمرين تقوده "إي آي جي غلوبال إينرجي بارتنرز".
وأعادت الشركة تشكيل إدارتها العليا العام الماضي، وأنشأت وحدة تهدف لتحسين المحفظة التابعة قائمة على تقييم الأصول الحالية وتعزيز الوصول إلى أسواق النمو، ويرأسها عبد العزيز القديمي، الذي يتبع مباشرة الرئيس التنفيذي لـ"أرامكو" أمين الناصر.
وأبلغ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، القائد الفعلي للمملكة، مديرين لكبريات الشركات الشهر الماضي أن أرامكو ووزارة الطاقة تعملان على "برنامج طموح في المنبع والمصب" أكبر من الخطط المعلنة سابقاً.
وقال: إن الدفعة قد تشمل إنفاقاً إضافياً يتراوح بين 500 مليار ريال إلى تريليون ريال (133 إلى 266 مليار دولار) على مدى السنوات العشر المقبلة.
تأتي معظم أرباح أرامكو من أعمال التنقيب والإنتاج. وفي العام الماضي، سجلت الشركة انخفاضاً بنسبة 40% في الأرباح قبل الفوائد، والضرائب، والزكاة إلى حوالي 110 مليارات دولار، وضخت نحو 9.2 مليون برميل يومياً من الخام عام 2020.
اكتتاب تاريخي
تعمل أرامكو على توسيع نطاق بحثها عن الغاز لتلبية الطلب المحلي المتزايد بسرعة.
في الوقت الحالي، تحرق السعودية كميات ضخمة من الخام مباشرة في محطات توليد الكهرباء خلال فصل الصيف لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء لتبريد الهواء. وتريد المملكة استخدام الغاز لإنتاج البتروكيماويات، وهي صناعة ذات أولوية مرتفعة في استراتيجية الحكومة لتنويع الاقتصاد.
تعتزم السعودية استثمار نحو 110 مليارات دولار لتطوير احتياطيات غاز غير تقليدي في حقل الجافورة بالمنطقة الشرقية، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء السعودية. ويتوقع أن يبدأ الحقل في الإنتاج 2024.
يعود تاريخ أرامكو إلى بداية الامتيازات الممنوحة لشركات النفط الأمريكية منذ ما يقرب من 90 عاماً. واشترت الحكومة السعودية حصة في الشركة لأول مرة عام 1973.
مؤخراً، بدأت أرامكو عملية الانفتاح التي بلغت ذروتها في طرح عام أولي حطم الأرقام القياسية في البورصة السعودية عام 2019. وهي الصفقة التي شهدت بيع أرامكو أقل من 2% من أسهمها لمستثمرين خارجيين، جمعت حوالي 29.4 مليار دولار.
وقبل الإدراج، سعت أرامكو لجذب بعض أكبر شركات النفط في العالم كمستثمرين أساسيين، بيد أنها لم تتوصل في النهاية لاتفاق لشراء أسهم في الطرح.