بعد انتهاء تخمة المعروض.. النفط يتأهب للصعود إلى 74 دولاراً للبرميل

شاحنات نقل الوقود في محطة تخزين للوقود في منطقة سنري بولاية تكساس الأمريكية - المصدر: بلومبرغ
شاحنات نقل الوقود في محطة تخزين للوقود في منطقة سنري بولاية تكساس الأمريكية - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تكاد تخمة مخزونات النفط غير المسبوقة تنتهي، بعدما تراكمت خلال جائحة فيروس كورونا، مما أدى إلى تعافي الأسعار الذي ينقذ الدول المنتجة ولكنه يزعج الدول المستوردة.

وحسب وكالة الطاقة الدولية، ظلّ خُمس الفائض الذي تدفق إلى صهاريج التخزين في الاقتصادات المتقدمة عندما انهار الطلب على النفط في 2020، حتى فبراير 2021، قبل تقليص البقايا العالقة مع غرق الإمدادات في البحر ونضوب مستودع رئيسي في جنوب إفريقيا.

وتأتي إعادة التوازن بين العرض والطلب، فيما يُبقي تحالف "أوبك بلس" الذي يضمّ الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) بالإضافة إلى منتجين آخرين بقيادة روسيا، كميات كبيرة من الإنتاج خارج السوق، ويعيد الانتعاش الاقتصادي المؤقت تنشيط الطلب العالمي على الوقود.

وساعدت خطوة "أوبك بلس" على دعم أسعار النفط الخام الدولية قرب 67 دولاراً للبرميل، ويمثل السعر نعمة للدول المنتجة، ومع ذلك فهو مصدر قلق متزايد لسائقي السيارات والحكومات التي تشعر بالقلق من التضخم.

وقال إد مورس رئيس أبحاث السلع في "سيتي غروب": "تراجعت مخزونات النفط التجارية في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى متوسطها على مدار خمسة أعوام. ما تبقى من الفائض يتركز بالكامل تقريباً في الصين، التي عملت على تشكيل احتياطيات دائمة من النفط".

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

نهاية التخمة تلوح في الأفق

ولم تنتهِ تخمة المخزونات النفطية تماماً، ويبدو أن قبالة ساحل مقاطعة شاندونغ الصينية فائضاً كبيراً من المخزونات النفطية، رغم أنه قد يكون تراكم لتغذية مصافي التكرير الجديدة، وفقاً لشركة "آي إتش إس ماركيت ليمتد" للاستشارات.

وقد يستغرق التخلص من بقايا الفائض العالمي بعض الوقت، إذ يعمل تحالف "أوبك بلس" على ضخ بعض الإمدادات المتوقفة كما يهدّد تفشي فيروسات جديدة في الهند والبرازيل، بتراجع الطلب على النفط.

ومع ذلك يبدو أن نهاية التخمة تلوح في الأفق على الأقلّ.

وبحلول فبراير الماضي بلغت مخزونات النفط في الاقتصادات المتقدمة 57 مليون برميل فقط فوق متوسطها بين عامي ​​2015 و2019، بانخفاض عن مستوى الذروة البالغ 249 مليون برميل في يوليو 2020، حسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية، في تحوُّل صارخ عما كان عليه قبل عام، عندما سحقت عمليات الإغلاق الطلب العالمي على الوقود بنسبة 20%، وأعربت شركة "غانفور غروب ليمتد" عن قلقها من أن مساحة تخزين النفط لديها ستنفد قريباً.

المصدر: وكالة الطاقة الدولية
المصدر: وكالة الطاقة الدولية

هبوط المخزونات

وفي الولايات المتحدة تراجع تراكُم مخزونات النفط، وانخفض إجمالي مخزونات النفط الخام والمنتجات بنهاية فبراير 2021 إلى 1.28 مليار برميل (مستوى مسجَّل قبل تفشي فيروس كورونا)، ولا يزال يحوم عن نفس المستوى، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية.

وفي الأسبوع الماضي تراجعت المخزونات في الساحل الشرقي إلى أدنى مستوياتها منذ 30 عاماً على الأقلّ.

وقالت مرسيدس مكاي، كبيرة المحللين في شركة "إف جي إي" للاستشارات: "بدأنا نرى زيادة في تشغيل المصافي بالولايات المتحدة، وهو ما سيكون مفيداً لاحتمال سحب مخزون الخام".

كما تراجع الاحتياطي البترولي الاستراتيجي في البلاد داخل مستودعات لتخزين النفط للاستخدام في حالات الطوارئ.

وسمح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، للمستثمرين والشركات بتخزين فائض المعروض النفطي في أماكن الاحتياطي البترولي، قبل أن يسحبوا في الأشهر الأخيرة نحو 21 مليون برميل من المخزونات، وفقاً لمصادر مطّلعة.

ويتناقص فائض النفط المتجمع في بحار العالم، وحُوّلَت السفن إلى مستودعات عائمة مؤقتة عندما نمت المرافق البرية العام الماضي، لكن الأحجام تراجعت، وفقا لشركة "آي إتش إس ماركيت ليمتد".

وتراجعت المخزونات بنحو 27% في الأسبوعين الماضيين إلى 50.7 مليون برميل، أدنى مستوى في عام، حسب تقديرات المحللَين ين لينغ سونغ وفوتيوس كاتسولاس، في "آي إتش إس ماركيت ليمتد".

ومن الأدلة الحية على تراجع تخمة المعروض النفطي، استنزاف صهاريج تخزين الخام في مركز "خليج سالدانها" بالغ الأهمية من الناحية اللوجستية على الساحل الغربي لجنوب إفريقيا. ويمثل الخليج مقصداً للمتداولين، مما يتيح لهم المرونة في إرسال الشحنات بسرعة إلى أسواق جغرافية مختلفة.

ومن المتوقَّع أن تنخفض المخزونات في خليج سالدانها إلى 24.5 مليون برميل، أدنى مستوى في عام، وفقاً لبيانات تتبع السفن التي رصدتها بلومبرغ.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

استراتيجية "أوبك" الجريئة

وبالنسبة إلى تحالف "أوبك بلس" الذي يضمّ 23 دولة بقيادة المملكة العربية السعودية وروسيا، فإن تراجع المخزونات يمثل برهاناً على الاستراتيجية الجريئة التي اعتمدها قبل عام.

ويشكّل خفض التحالف الإنتاج بمقدار 10 ملايين برميل يوميّاً في أبريل 2020، نحو 10% من الإمدادات العالمية، وبصدد زيادة الإنتاج بعناية.

ولطالما قالت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) إن هدفها الرئيسي هو عودة المخزونات المتضخمة إلى وضعها الطبيعي، رغم عدم وضوح موقف المنظمة من زيادة الإنتاج بمجرد تحقيق المستهدف.

وفي الماضي، دفع إغراء الأسعار المرتفعة منظمة " أوبك" إلى إبقاء الإنتاج منخفضاً حتى بعد الوصول إلى هدف المخزون.

نعمة ونقمة

وبالنسبة إلى الدول المستهلكة، فإن التخفيض الكبير للمخزونات النفطية ليس نعمة، إذ يقدّر السائقون في كاليفورنيا بالفعل 4 دولارات مقابل غالون البنزين، وفقاً لبيانات من اتحاد السيارات الأمريكي (إيه إيه إيه) لنوادي السيارات.

واشتكت الهند، وهي دولة مستوردة رئيسية للنفط، المتاعب المالية لعودة أسعار النفط إلى الارتفاع.

وفي كل الأحوال، يجب أن تستمر عملية إعادة التوازن إلى السوق، ومع زيادة الطلب ستنخفض المخزونات العالمية بمعدل 2.2 مليون برميل يومياً في النصف الثاني من 2021، مما يدفع خام برنت إلى 74 دولاراً للبرميل وربما أعلى، حسب توقعات مجموعة "سيتي غروب".

وقال مورس: "ترتفع أسعار مبيعات البنزين في الولايات المتحدة. سيصل الطلب على جميع المنتجات إلى مستويات قياسية في الربع الثالث، مدفوعاً بالطلب على وقود النقل والموادّ الأولية البتروكيماوية".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات