يُتوقع أن يبدأ استهلاك الصين من البنزين في التراجع، في إضافة جديدة للمخاوف بشأن الطلب الضعيف على النفط مقارنة بالمعروض، وفقاً لشركة التجارة العملاقة "فيتول غروب".
قال الرئيس التنفيذي راسل هاردي في مقابلة: "يُرجح أن يبلغ الطلب على البنزين في الصين ذروته العام الجاري أو المقبل، والسبب في ذلك ليس عدم استخدام السيارات، لكن ببساطة لأن أسطول (المركبات) يتحول ببطء إلى السيارات الكهربائية".
تراقب جهات متابعة النفط على مستوى العالم الطلب في الصين عن قرب، لا سيما على خلفية عملية تحول الطاقة. كانت أسعار الخام هبطت الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوياتها منذ 2023، ما يرجع جزئياً إلى أداء اقتصادي فاتر في أكبر دولة مستوردة للنفط في العالم. وستمثل هذه المسألة موضوعاً رئيسياً هذا الأسبوع في مؤتمر "أبيك" (APPEC) في سنغافورة، وهو التجمع السنوي الأكبر لصناعة النفط في المنطقة.
في الوقت نفسه، يقترب إنتاج النفط في الولايات المتحدة من مستويات قياسية، وأرجأ تحالف "أوبك+" زيادة إنتاجه لمدة شهرين وسط مخاوف بشأن الطلب. وتتوقع "فيتول"، أكبر شركة مستقلة لتجارة النفط في العالم، وفرة الإمدادات في السوق خلال العامين المقبلين على الأقل.
صدمة في الإمدادات
أضاف هاردي: "يستنتج الناس أن الأوضاع لن تكون سهلة بالنسبة لهم في الاثني عشر شهراً المقبلة، ما لم تحدث صدمة في الإمدادات"، في إشارة إلى منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها، و"لا تشعر السوق بقلق بالغ بشأن المعروض لعامي 2025 و2026" في الوقت الحالي.
أرجأت "فيتول" الموعد المتوقع لبلوغ إجمالي الطلب العالمي على النفط ذروته إلى ثلاثينيات العقد الجاري، وأشار هاردي إلى أن نمو الطلب من المفترض أن يبقى قوياً بشكل معقول في السنوات القليلة المقبلة. مع ذلك، توقع أن تتمثل نقاط الضعف في الطلب الصيني على البنزين والديزل، حيث تحل السيارات الكهربائية والشاحنات التي تعمل بالغاز الطبيعي المسال محل المنتجات النفطية.
ويُتوقع أن ينخفض نمو الطلب على النفط على مستوى العالم إلى حوالي 1.1 مليون برميل يومياً بحلول العام المقبل، مقارنة بتوقع يبلغ 1.65 مليون برميل هذا العام. كما أن الدول النامية ستشكل مصدر أغلب هذا النمو، وفقاً لهاردي.
الاستفادة من الاحتياطي النقدي
تخرج "فيتول" من الفترة الأكثر ربحية في تاريخها بعد أن أدت الاضطرابات المشتركة الناتجة عن الجائحة وغزو روسيا لأوكرانيا إلى اضطرابات هائلة في أسواق الطاقة. فيما أشار هاردي إلى أن هذه الفترة تقترب من نهايتها حالياً.
وأضاف: "كانت السوق هذا العام أكثر تنظيماً واستقراراً، وأصبح ممكناً توقع تدفقات وأنماط التجارة بشكل أفضل، واقترب معدل التقلب كثيراً من المتوسط، وتناسبت الفرصة داخل شركات التجارة مع ذلك إلى حد ما".
للتصدي لهذا التباطؤ واستثمار قدراً من الاحتياطي النقدي الهائل الذي تراكم خلال السنوات الماضية، تشتري "فيتول" أصولاً يُتوقع أن تدعم الهوامش في الفترات الأقل ربحية والأقل تقلباً. فهي تسارع إلى شراء مصفاة نفط، ومحطات وقود، وبنية تحتية للغاز الطبيعي المسال، بل وشركة تجارة أخرى، بالإضافة إلى توزيع أرباح كبيرة على الرؤساء التنفيذيين البالغ عددهم 450 تقريباً الذين يمتلكون الشركة.
توسع في تجارة سلع أولية
أشار هاردي إلى أن "فيتول" حافظت على استقرار أحجام النفط المتداولة رغم فقدانها إمكانية الوصول إلى أغلب إمداداتها من روسيا التي مثلت جزءاً كبيراً من نشاطنا"، والاستعاضة عنها بالمزيد من الولايات المتحدة وشرق السويس، كما تدرس الشركة أيضاً التوسع في سلع أولية أخرى، إذ تسعى إلى دخول مجال تجارة النحاس، والألمنيوم، وخام الحديد، كما تنمو في مجال الغاز الطبيعي المسال.
احتجزت الشركة، المعروفة بأنها واحدة من أكثر الشركات العاملة في تجارة السلع تحفظاً من الناحية المالية، بأغلب أرباحها الضخمة وشهدت أيضاً زيادة حقوق الملكية المجموعة بأكثر من الضعف خلال عامين، لتصل إلى 32.5 مليار دولار في نهاية 2023. ولفت هاردي إلى أن الشركة الآن ربما تكون مستعدة لتراجع هذا الرقم، ما قد يمهد الطريق أمام توزيعات أرباح كبيرة أخرى لمساهميها الموظفين.
واختتم هاردي: "من المنطقي افتراض أننا نعدل توقعاتنا لتقلبات السوق وكيف يؤثر ذلك على تمويلنا ومالياتنا".