توجه اهتمام الأسواق نحو متابعة أسعار الغاز في أوروبا بعد بدء توغل القوات الأوكرانية في أجزاء من منطقة كورسك الروسية،في هجوم مفاجئ منذ الثلاثاء الماضي، والتي تضم محطة "سودجا" لنقل الغاز، وهي الرابط الوحيد المتبقي لشحنات الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب إلى القارة الغربية.
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اعتبر أمس الأحد، أن ما تقوم به قوات بلاده داخل الأراضي الروسية يهدف لإقرار العدالة، والضغط على قوات موسكو.
تثور تساؤلات عن تأثير ما يحدث على أسعار الغاز وما البدائل أمام أوروبا حال توقف تلك الإمدادات العابرة لمحطة سودجا، وما أكثر الدول تضرراً؟
توجد عدة عوامل، ذكرتها وكالة "فيتش" في تقرير حديث، تجعل توغل أوكرانيا في كورسك الروسية، ليس له آثار ملموسة على إمدادات الغاز في أوروبا، تشمل أن الغاز الذي مر عبر محطة "سودجا" بلغ 14.6 مليار متر مكعب في 2023، ما يمثل 5% فقط من الطلب الأوروبي.
سد الفجوة
في حال توقف إمدادات الغاز عبر محطة سودجا تماماً، يمكن لأوروبا سد الفجوة بشحنات الغاز الطبيعي المسال، والاستعانة بمستويات تخزين الغاز المرتفعة. يظل مستوى تخزين الغاز في الاتحاد الأوروبي عند مستوى 86%، مقابل 87% في هذا الوقت من العام الماضي، ومن المتوقع أن يصل إلى ما يقرب من 100% قبل أشهر الشتاء. قد يغطي التخزين ما يقرب من نصف الاستهلاك في الفترة من أكتوبر إلى مارس، على افتراض أن الطلب مماثل لشتاء العام الماضي.
كما أنه من المقرر توقف مرور الغاز الطبيعي عبر أوكرانيا إلى أوروبا في نهاية 2024 بعد انتهاء مدة العقد الحالي، ومن غير المرجح تجديده. كما أن الطلب على الغاز الطبيعي في أوروبا أقل بكثير من مستويات ما قبل عام 2022.
انخفض طلب الاتحاد الأوروبي على الغاز بنسبة 3% على أساس سنوي في الشهور الخمسة الأولى من عام 2024، وأصبح أقل بنسبة 24% مما كان عليه في نفس الفترة من عام 2021.
أسعار الغاز الطبيعي
يوم الجمعة الماضي، بلغت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا حوالي 12.3 دولار لكل ألف قدم مكعب، أي أعلى بنحو 20% عن أواخر يوليو. مع ذلك، يبلغ متوسط السعر منذ مطلع العام نحو 9.7 دولار لكل ألف قدم مكعب، وهو ما يتماشى مع توقعات فيتش الحالية للأسعار للعام بأكمله والبالغة 10 دولارات لكل ألف قدم مكعب.
من جانبها، أعلنت شركات الكيماويات الأوروبية عن زيادة أحجام المبيعات في الربع الثاني من عام 2024 بعد تراجعها في عام 2023 وأوائل عام 2024، لكن الطلب لا يزال بطيئاً. في حال استمر هذا الاتجاه، فقد يستقر الطلب على الغاز الطبيعي، الذي ينخفض منذ بداية الحرب بين روسيا وأوكرانيا، في أفضل الأحوال عند مستويات عام 2023.
الدول غير الساحلية مثل النمسا وسلوفاكيا والمجر ستكون الأكثر انكشافاً لتوقف تدفقات الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب عبر أوكرانيا. مع ذلك، حصلت شركة النفط والغاز النمساوية "أو إم في" ( OMV) مؤخراً على حقوق إضافية لنقل الغاز الطبيعي الأوروبي، وتتمتع النمسا بقدرة كافية لتخزين الغاز تكفي احتياجات الاستهلاك خلال عام كامل تقريباً.
تعويض التدفقات الروسية
تتمتع المجر بالقدرة على الحصول على الغاز الروسي من خط أنابيب "ترك ستريم" والعديد من محطات ربط الغاز مع الدول المجاورة. في سلوفاكيا، يمكن تعويض الاضطرابات في التدفقات الروسية بواسطة زيادة التدفقات عبر طرق العبور التي تنقل الغاز من محطات الغاز المسال البولندية والكرواتية. وبلغت واردات الاتحاد الأوروبي 133 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال في عام 2023.
تظل أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا متقلبة وعرضة للتطورات الجيوسياسية وتوقف الإمدادات، بما في ذلك تلك التي لا تؤثر بشكل مباشر على طرق الإمداد إلى القارة. كما قد يكون للتوترات المتزايدة في الشرق الأوسط تأثير أكثر وضوحاً على أسعار الغاز الأوروبية في الأسابيع المقبلة في ضوء الإنتاج الكبير للمنطقة من الغاز الطبيعي، وفق التقرير.
