تشير تقديرات إلى تحقيق اقتصادات دول منطقة الخليج معدلات نمو أكثر ارتفاعاً خلال العامين المقبلين، بفضل زيادة إنتاج النفط والغاز، كما تواصل القطاعات غير النفطية النمو بقوة، وفق مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس".
وحسب تقرير حديث، من المرتقب أن تحافظ الإمارات على مكانتها باعتبارها أسرع الاقتصادات نمواً في منطقة الخليج خلال العامين الحالي والمقبل، وأن تصبح قطر واحدة من أسرع الاقتصادات نمواً في جميع أنحاء العالم، خلال عام 2026، بفضل بدء إنتاج الغاز من حقل الشمال.
يجعل قرار تحالف "أوبك+" بإبقاء إنتاج النفط منخفضاً حتى أكتوبر، الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي لدول المنطقة تستغرق وقتاً أطول من المتوقع، بحسب التقرير. في 2 يونيو الجاري، اتفق التحالف على تمديد التخفيضات الطوعية الإضافية البالغة 2.2 مليون برميل يومياً، التي أُعلن عنها في نوفمبر 2023، حتى نهاية سبتمبر 2024. وسيتم، بعد ذلك، إعادة كميات هذا التخفيض تدريجياً على أساس شهري، حتى نهاية سبتمبر من 2025.
من المقدر اعتباراً من عام 2026، أن ترفع دول الخليج إنتاجها من النفط بسرعة أكبر. كما من المتوقع أن تبدأ دورة التخفيف النقدي قريباً، حيث تحذو دول الخليج مسار بنك الاحتياطي الفيدرالي، المرتقب أن يبدأ في خفض أسعار الفائدة بحلول سبتمبر، بحسب كابيتال إيكونوميكس.
لكن التقديرات المستقبلية لمنطقة الخليج تواجه صعوبات اعتباراً من عام 2025، في ظل توقعات بتراجع أسعار خام برنت إلى 75 دولاراً للبرميل في العام المقبل، مقابل نحو 83 دولاراً للبرميل هذا العام، حسب التقرير.
من شأن انخفاض أسعار الخام، أن يُصعب استمرار تطبيق سياسة مالية توسعية، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى حلقة مفرغة حيث يتعين على الحكومات أن تقترض المزيد لتغطية الفجوة، بين الإيرادات والمصروفات مما يزيد من عبء الديون أو توقف تمويل بعض المشروعات المخطط تنفيذها.
اقتصاد السعودية
قد يحد قرار السعودية بإبقاء إنتاج النفط منخفضاً لفترة أطول (بموجب اتفاق تحالف أوبك +) من انتعاش نمو الاقتصاد المتوقع أن يُسجل 1.3% في عام 2024، وهو مستوى أقل من توقعات صندوق النقد الدولي الصادرة في أبريل الماضي البالغة 2.6% مقابل 2.7% في توقعات يناير الماضي.
لكن مع زيادة إنتاج النفط من الربع الرابع وحتى 2026، من المرتقب أن يتسارع معدل نمو اقتصاد المملكة، أكبر اقتصاد في المنطقة، إلى 4.8% و4.5% على التوالي خلال العامين المقبلين.
توقعات مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس" لنمو اقتصادات منطقة الخليج في ثلاثة أعوام
الدولة | 2024 (%) | 2025 (%) | 2026 (%) |
السعودية | 1.3 | 4.8 | 4.5 |
الامارات | 3.3 | 5.5 | 4.3 |
قطر | 2 | 2.3 | 11.5 |
الكويت | 1.5- | 2.8 | 6 |
عمان | 3 | 2.5 | 1.8 |
البجرين | 2.5 | 3.3 | 3.3 |
الإمارات تستفيد من زيادة حصتها الإنتاجية والسياحة
ستكون الإمارات العربية المتحدة قادرة على زيادة إنتاج النفط بشكل أسرع من أعضاء "أوبك +" الآخرين، إذ من المقرر أن تبدأ في إنهاء تخفيضاتها الطوعية لإنتاج النفط اعتباراً من أكتوبر، ويمكنها من يناير المقبل الاستفادة من حصتها الأساسية التي تم رفعها حديثاً. حصلت الإمارات على زيادة إنتاجها بمقدار 300 ألف برميل يومياً إلى هدف إنتاجها العام المقبل، وسيتم تطبيق هذه الزيادة تدريجياً اعتباراً من يناير 2025 حتى نهاية سبتمبر 2025.
وكونها تتمتع بموازنة عامة قوية للغاية، لا ينبغي أن تواجه الإمارات تحدياً بسبب انخفاض أسعار النفط، مما يسمح لها باستمرار السياسة المالية التوسعية. من المتوقع أن يسجل اقتصاد الإمارات 3.3% مرة أخرى هذا العام، ويتسارع إلى 5.5% في عام 2025. كما يعزز النشاط غير النفطي نمو الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، إذ يسجل وصول السياح إلى دبي أعلى مستوياته على الإطلاق، بعد أن سجل رقماً قياسياً في عام 2023.
الغاز قاطرة نمو اقتصاد قطر
من المرجح أن يسجل اقتصاد قطر نمواً متواضعاً نسبياً هذا العام وفي معظم عام 2025، لكنه سينطلق مع ارتفاع إنتاج الغاز الطبيعي المسال اعتباراً من نهاية العام المقبل. تباطأ النمو الاقتصادي العام الماضي مع عدم قدرة قطاع النفط والغاز على إنتاج المزيد، كما تباطأ الاقتصاد غير النفطي بعد تلاشي الدفعة التي حققها كأس العالم لكرة القدم في عام 2022.
لكن الربع الرابع من عام 2025 سيكون بمثابة نقطة تحول، إذ من المفترض أن يبدأ تشغيل مشروع غاز حقل الشمال، وتشهد المرحلة الأولى منه ارتفاع إنتاج قطر من الغاز الطبيعي المسال بأكثر من 40% إلى 110 ملايين طن سنوياً بحلول منتصف عام 2026. ومن المقدر أن يسجل اقتصاد قطر معدل نمو 11.5% في عام 2026.
تشديد السياسة المالية
بسبب قرار "أوبك +" بإبقاء إنتاج النفط منخفضاً لفترة أطول، سيكون النمو الاقتصادي في الكويت وعمان والبحرين أضعف هذا العام من التوقعات السابقة، وفق التقرير الذي أشار إلى ضرورة مواصلة حكومتي عُمان والبحرين تشديد السياسة المالية (خفض الإنفاق وزيادة الضرائب).
لدى الكويت مجال أكبر للحفاظ على سياسة مالية توسعية، كما أن تعزيز أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح مؤخراً لسلطته يزيد من احتمال حدوث ذلك. وحال الخلاف السياسي الداخلي في السنوات الأخيرة دون تطبيق السياسة المالية التوسعية في السنوات الأخيرة، لكن الإجراءات تمهد الطريق أمام الإصلاحات المالية والهيكلية الضرورية لتحقيق نمو أقوى للناتج المحلي الإجمالي على المدى المتوسط. من المتوقع أن يتباطأ انكماش الاقتصاد إلى 1.5% في العام الجاري وأن يقفز إلى 6% في عام 2026.
في 10 مايو الماضي، قرر الأمير حل مجلس الأمة ووقف بعض مواد الدستور لمدة لا تزيد عن 4 سنوات تتم خلالها دراسة جميع جوانب المسيرة الديمقراطية ورفع نتائج الدراسة واتخاذ القرار المناسب.
من المتوقع أن يتباطأ معدل التضخم في منطقة الخليج خلال النصف الثاني من العام الجاري، مما يخفف الضغط على الدخل الحقيقي، وهذا من شأنه أن يدعم الطلب على الائتمان والإنفاق الاستهلاكي.