طرح أرامكو الجديد: السعودية تنوع مصادر التمويل لرؤية 2030

أعضاء وسائل الإعلام يتجمعون قبل مؤتمر صحفي لإعلان طرح حصة للاكتتاب في أسهم شركة أرامكو السعودية في الظهران، المملكة العربية السعودية، يوم الأحد، 3 نوفمبر 2019. - المصدر: بلومبرغ
أعضاء وسائل الإعلام يتجمعون قبل مؤتمر صحفي لإعلان طرح حصة للاكتتاب في أسهم شركة أرامكو السعودية في الظهران، المملكة العربية السعودية، يوم الأحد، 3 نوفمبر 2019. - المصدر: بلومبرغ
علاء شاهين صالحة
المصدر:

الشرق

لا يمكن فصل قرار السعودية طرح حصة إضافية من شركة أرامكو العملاقة للبيع في سوق الأسهم عن مبادرات أخرى تتخذها الحكومة لتمويل خطتها الطموحة لتنويع موارد الاقتصاد وتحديد أولويات التمويل.

يتوقع عدد من المحللين أن تستخدم المملكة حصيلة بيع الأسهم، والتي قد تبلغ 12 مليار دولار أميركي، في تمويل مشاريع رؤية 2030 والتي تهدف أساساً إلى تطوير القطاعات غير النفطية في الاقتصاد. هذه خطوة واحدة من عدة إجراءات تشمل أيضاً:

أولاً: زيادة مطردة في الاقتراض من سوق السندات الدولي: جمعت المملكة 5 مليارات دولار في الأسبوع الماضي عبر بيع صكوك متوافقة مع الشريعة الإسلامية ليصل إجمالي ما حصلت عليه من الأسواق الدولية إلى 17 مليار دولار، ما جعلها أكبر مقترض سيادي من مجموعة الاقتصادات الناشئة هذا العام بحسب بيانات بلومبرغ.

ويتوقع فاروق سوسة، المحلل الاقتصادي في بنك "غولدمان ساكس" الأميركي، أن يبلغ متوسط حصيلة السعودية من بيع السندات الدولية 16 مليار دولار في السنة خلال السنوات الثلاث المقبلة، بارتفاع سنوي يبلغ 6 مليارات دولار في المتوسط مقارنة بالفترة المماثلة.

ثانياً: جمعت السعودية ما يعادل 25.5 مليار دولار عبر سندات الدين المحلية هذا العام، مقابل أقل من 20 ملياراً في الفترة المماثلة من عام 2023.

ثالثاً: أوردت بلومبرغ خبراً عن بيع صندوق الاستثمارات العامة لحيازات في أسهم أميركية بقيمة 17 مليار دولار، وفق تحليل لإفصاح قدمه الصندوق لهيئة الأوراق المالية الأميركية، وهو ما فسره تيم كالين المسؤول السابق في صندوق النقد الدولي بأنه سيعطي الصندوق السيادي السعودي قدرة على استثمار هذه الأموال في مجالات أخرى.

أولويات رؤية 2030

غير أن السياق المهم والغائب عن بعض التقارير الإعلامية هو أن البحث عن مصادر تمويل مختلفة يأتي أيضاً بالتوازي مع مبادرة لمراجعة أولويات الإنفاق، وهو ما أعلن عنه وزير المالية محمد الجدعان أكثر من مرة مؤخراً.

ونوه الوزير أكثر من مرة إلى أن إعادة ترتيب أولويات مشاريع رؤية 2030 قد يؤدي إلى تمديد أجل بعضها أو تقليص بعضها الآخر، مركزاً على أن من شأن هذه الخطوة تفادي آثار تضخمية غير مرغوب فيها إذا كان الاقتصاد غير قادر على استيعاب الإنفاق الزائد.

إلى جانب هذه المراجعة، قال مسؤول كبير في صندوق النقد خلال ندوة نظمتها (SRMG THINK) للأبحاث في الرياض خلال شهر أبريل الماضي إن المملكة تعمل أيضاً على حصر شامل للدين السيادي وشبه السيادي، وهو ما سيمكّن المسؤولين من توجيه القدرة التمويلية الكبيرة للمملكة بصورة أكثر كفاءة.

حالياً، يبلغ الدين الحكومي 26% من حجم الاقتصاد (الناتج المحلي الإجمالي) مقارنة بنحو 110% في الاقتصادات المتقدمة بحسب بيانات صندوق النقد. كما تتوقع وزارة المالية السعودية ألا يزيد عجز الموازنة في عام 2026 عن 2.3% من الناتج المحلي، وهو معدل منخفض أيضاً بالمقاييس الدولية.

إذاً هل تعاني السعودية حالياً من مشكلة في الاقتراض أو التمويل؟ الإجابة هي "قطعاً لا" بسبب احتياطاتها المالية الهائلة ومتانة المالية العامة. غير أن عدداً من خبراء الاقتصاد يجمعون على أن خطة المملكة لتطوير الاقتصاد ستؤدي إلى زيادة الاحتياجات التمويلية خلال الأعوام المقبلة بسبب مشاريع ضخمة مثل "نيوم" أو تنظيم نهائيات كأس العالم لكرة القدم عام 2034.

هذا يعني أن نتيجة مراجعة الإنفاق ومعرفة حجم الديون شبه السيادية سيمنحان صناع السياسات في المملكة القدرة على تحديد الأولويات بدقة أكبر. كما يعني ضرورة أن تعود تلك المشاريع بفائدة واضحة على النمو الاقتصادي، وهو ما سيؤدي بدوره إلى بقاء معدل الدين تحت السيطرة.


علاء شاهين صالحة صحفي وكاتب لبناني يشغل منصب مدير أكاديمية SRMG للتدريب، وشغل منصب مدير تحرير الاقتصاد الأوروبي في بلومبرغ.

ttps://x.com/AlaaShahine

تصنيفات

قصص قد تهمك