مراقبون يتوقعون تمديد "أوبك+" خفض إمدادات النفط حتى نهاية السنة

شعار منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" خارج المقر الرئيسي في فيينا، النمسا - المصدر: بلومبرغ
شعار منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" خارج المقر الرئيسي في فيينا، النمسا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يُتوقع أن يمدد تحالف "أوبك+" تخفيضات إمدادات النفط حتى النصف الثاني من العام الجاري، سعياً منه للحيلولة دون حدوث فائض عالمي، ودعماً للأسعار.

قلصت السعودية وشركاؤها إنتاج ما يقرب من مليوني برميل يومياً هذا العام، وسوف يجتمع أعضاء التحالف في الأول من يونيو المقبل للنظر في ما إذا كانوا سيواصلون التخفيضات أم لا.

ارتفعت أسعار النفط الخام في الشهر الماضي بسبب مخاوف من أن يعرقل الصراع في الشرق الأوسط إمدادات النفط، مما أثار توقعات بأن يزيد تحالف "أوبك+" الإنتاج لتهدئة السوق.

لكن 87% من التجار والمحللين الذين استطلعت "بلومبرغ" آراءهم يتوقعون أن يمدد التحالف التخفيضات، ربما يكون ذلك حتى نهاية العام.

قال ريتشارد برونز، المحلل في شركة "إنرجي أسبكتس" (.Energy Aspects Ltd)، إن "أوبك+ سيحتاج إلى رؤية دليل على النقص المستمر في أسواق النفط قبل البدء في زيادة الإمدادات، لذلك هناك فرصة جيدة أن يقرر تمديد التخفيضات". أضاف: "المناقشات لن تبدأ بشكل جدّي، حتى يقترب موعد الاجتماع".

تراجعت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها في ستة أسابيع بالقرب من 84 دولاراً للبرميل في لندن، مع تجاهل التجار للهجمات المتبادلة بين إيران وإسرائيل، في حين أصبحت توقعات السوق قاتمة وسط تعثر النمو في الصين، وإمدادات النفط الخام الوفيرة من الولايات المتحدة والبرازيل وغيانا.

يمكن أن يمنح تراجع الأسعار قدراً من الارتياح بالنسبة إلى المستهلكين والبنوك المركزية التي تخوض حرباً مع التضخم العنيد، وحتى بالنسبة إلى الرئيس جو بايدن الذي يخوض حملة لإعادة انتخابه في ظل ارتفاع أسعار البنزين، وهي ليست بمنأى عن الأجندة السياسية.

مع ذلك، فالأمر يشكل مصدر قلق للعديد من دول "أوبك+" الـ22. فالسعودية، التي تقود التحالف، بحاجة إلى أسعار قريبة من مستوى 100 دولار للبرميل، بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، حيث يتم الإنفاق بسخاء على مدن المستقبل وتطوير قطاع الرياضة. كما تحتاج روسيا، التي تشارك في قيادة التحالف، إلى جني إيرادات في ظل مواصلة الرئيس فلاديمير بوتين شنّ الحرب على أوكرانيا.

اقرأ أيضاً: "النقد الدولي" يرجح بدء "أوبك+" زيادة إنتاج النفط في يوليو في دفعة للاقتصاد السعودي

ضغوط الأسعار

إذا خفف "أوبك+" قيود العرض، فقد تعود أسواق النفط العالمية إلى الفائض، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية ومقرها في باريس، ما يزيد الضغط على الأسعار.

وقال سينيد جورمان، المدير المالي لشركة "شل"، يوم الخميس، إن صورة العرض لن تتحسن إلا إذا استمر "أوبك+" في التحرك.

توقع 26 من أصل 30 مشاركاً في الاستطلاع أن يواصل "أوبك+ التخفيضات، فيما توقع ثمانية منهم أن تستمر التخفيضات حتى نهاية عام 2024، أو حتى لفترة أطول. أربعة فقط من المشاركين توقعوا زيادات في الإنتاج، بما يصل إلى 1.1 مليون برميل يومياً.

لم يعلن التحالف، الذي سيجتمع في مقره في فيينا في الأول من يونيو، عن نواياه بعد في هذا الصدد.

تعهدت أمانة "أوبك" في تقرير لها بأن تراقب المنظمة أسواق النفط عن كثب في أشهر الصيف المقبلة، بحثاً عن علامات على أن السوق أصبحت ضيقة، وهو تحوّل في اللهجة اعتبره بعض المراقبين إشارة إلى الاستعداد لزيادة الإمدادات. وفي الوقت نفسه، تتفاوض الرياض وواشنطن حول اتفاقية أمنية يمكن، في حال الانتهاء منها، أن تسهم بسياسة أكثر مرونة في أسواق النفط.

اقرأ أيضاً: تخفيضات إنتاج "أوبك+" تحقق الأثر المنشود

نقطة تحول

مع ذلك، لم يصدر وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان أي تصريحات في هذا الشأن، ويكشف أحياناً عن قرارات مفاجئة لقطع الطريق على المضاربين. قال العديد من مندوبي "أوبك+" في تصريحاتهم الخاصة إنه من السابق لأوانه تكوين وجهة نظر.

أشار كريستيان مالك، الرئيس العالمي لاستراتيجية الطاقة في بنك "جيه بي مورغان تشيس" إلى أنه "بلغنا نقطة تحول في أسواق النفط تحمل مبررات قوية لزيادة الأحجام". وأضاف: "لا يزال الأمر يتعلق بالتوازن، إذ إن هناك مبرراً لزيادة الإنتاج، ومبرراً آخر لعدم الزيادة. الأمر غير حاسم بعد".

الاختلافات الداخلية في وجهات النظر يمكن أن تعرقل أيضاً التوصل إلى توافق في الآراء. فبينما تدعو السعودية في كثير من الأحيان إلى توخي الحذر عند إضافة الإمدادات إلى السوق، فإن جارتها الإمارات تتخذ أحياناً موقفاً مختلفاً.

ما تزال أبوظبي تعتمد على أسعار النفط القوية، ولكن لديها ضغوط أقل للحفاظ على أسعار النفط مرتفعة، وتحرص على ضخ استثمارات جديدة في الطاقة الإنتاجية. ولدى أبوظبي حالياً أكثر من مليون برميل يومياً من الإمدادات غير المستغلة، وأرجعت خفض توقعات النمو الاقتصادي الشهر الماضي إلى التضحية الناتجة عن حصص "أوبك+".

اقرأ أيضاً: الإمارات ترفع قدرات إنتاج النفط قبل شهر من اجتماع "أوبك"

التزامات الدول الأعضاء

سيحتاج "أوبك+" أيضاً إلى معرفة ما إذا كان جميع الأعضاء ينفذون التزاماتهم. أقر كلّ من العراق وكازاخستان بضخ مئات آلاف البراميل فوق الحصة المتفق عليها، وعلى الرغم من تعهدهما بإجراء تخفيضات إضافية للتعويض عن زيادات الإنتاج، إلا أن سجلهما غير مكتمل عندما يتعلق الأمر بتنفيذ تعهدات الخفض.

كما كان تعاون روسيا غامضاً. وافقت الرياض على مضض على تسليم روسيا لحصتها من قيود الإنتاج في الربع الأول، من خلال مزيج من التخفيضات في صادرات النفط الخام والمنتجات المكررة، وهو ترتيب زاد من تعقيده ضربات الطائرات المسيرة الأوكرانية على المصافي الروسية. وتعهدت موسكو بزيادة مساهمتها من خلال التركيز بشكل أكبر على خفض إنتاج النفط الخام.

مع ذلك، أظهر "أوبك+" مراراً وتكراراً منذ إنشاء التحالف قبل سبع سنوات ومواجهته خطراً جماعياً تمثل في تذبذب الأسعار، أنه قادر على التغلب على الانقسامات وتحقيق أداء فعّال. فالسوق الهشة تجبر التحالف مجدداً على المثابرة في فرض قيود على العرض، والقيام بعمل أفضل في تحقيقها.

قال تاماس فارغا، المحلل في شركة الوساطة المالية "بي في إم أويل أسوشيتس" (PVM Oil Associates Ltd) في لندن: "لن يكون أمام التحالف خيار سوى الاستمرار في المسار الصحيح. أي شيء آخر سيؤدي على الأرجح إلى عمليات بيع مكثفة".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك