دونالد ترمب هو بلا منازع خيار صناعة النفط والغاز المفضل للفوز بترشيح الحزب الجمهوري لرئاسة الولايات المتحدة، إذ دعم المانحون في قطاع الطاقة ترشيحه بنحو 10 أضعاف المبلغ الذي قدموه لمنافسته نيكي هيلي.
وليس أدل على ذلك من موقف الصناعة تجاه الرئيس جو بايدن. فرغم إنتاج النفط وأرباحه القياسية خلال فترة ولايته في البيت الأبيض، فإن المانحين في الصناعة لم يقدموا سوى القليل جداً، 635 ألف دولار فقط، لمحاولة ترشحه لفترة جديدة مقارنة مع 7.37 مليون دولار قُدِمت لترمب، وفقاً لتحليل من "أوبن سيكرتس" (OpenSecrets).
صناعة الطاقة تدعم ترمب
يُعد قطاع النفط والغاز الآن من أهم الصناعات التي تمول حملة ترمب لعام 2024، كما يعدُّ مصدراً نقدياً مهماً لمحاولة إعادته إلى البيت الأبيض، حيث اختار المانحون الرئيسيون الآخرون، خاصة في التمويل والأسهم الخاصة ورأس المال الجرئ، بدلاً منه دعم هيلي، آخر من تبقى من المتنافسين على بطاقة الحزب الجمهوري للرئاسة.
ولم يحظ ترمب بهذا الدعم القوي من منتجي النفط والغاز منذ بداية السباق الجمهوري. ففي الصيف والخريف الماضيين، عندما واجه الرئيس السابق ساحة مزدحمة بالمنافسين، كان المانحون في صناعة النفط يغدقون الأموال على منافسيه، بمن فيهم هيلي وحاكم فلوريدا رون ديسانتيس وغيرهم. ولكن مع مرور الوقت، وبدا أن فوز ترمب بالترشيح أصبح أكثر ترجيحاً، اصطف المانحون خلف الرئيس السابق.
تبرع هارولد هام، المؤسس المشارك لشركة "كونتيننتال ريسورسيز" (Continental Resources)، أكثر من مرة لكل من هيلي وديسانتيس في الربيع والصيف الماضيين، بعد أن قال إنه لا يعتقد بأن ترمب قد يفوز في انتخابات 2024. وبحلول أغسطس، غيَّر رأيه وحرر شيكاً لحملة ترمب، أعقبه مبلغ إضافي قدره 200 ألف دولار في نوفمبر لصالح شركة "ميك أميركا غريت أغين" (Make America Great Again)، وهي لجنة العمل السياسي التي تدعم المرشح الجمهوري الأوفر حظاً.
وول ستريت تدعم هيلي
كما تلقى ترمب ولجان العمل السياسي المتحالفة معه مساهمات من مانحين رئيسيين آخرين في الصناعة في أواخر 2023، منهم جورج بيشوب مؤسس ورئيس "جيو ساذرن إنرجي كورب" (Geosouthern Energy Corp)، وتيم دان، قطب النفط الذي يرأس شركة "كراون كويست أوبريتينغ" (Crownquest Operating). وأرسل دان شيكاً قيمته 5 ملايين دولار إلى لجنة العمل السياسي العليا التابعة لـ"ترمب" في ديسمبر.
ومن المانحين الآخرين لجهود ترمب للعودة إلى البيت الأبيض في الربع الرابع كيلسي وارن، رئيس شركة "إنرجي ترانسفير" (Energy Transfer) وكارين هيربست، التي تعمل منذ فترة طويلة في إدارة الأراضي والمعادن في تكساس، وكينت هانس، العضو السابق في لجنة السكك الحديدية في تكساس، وهي الوكالة التي تنظم النفط والغاز في الولاية.
نيكي هيلي تشكك في قدرات ترمب "العقلية": خلَط بيني وبين بيلوسي
وحصلت هيلي على قدر من الاهتمام من مانحي قطاع النفط والغاز، بمن فيهم بريان شيفيلد، مؤسس شركة "بارسلي إنرجي" (Parsley Energy)، ووالده، عملاق النفط الصخري سكوت شيفيلد، والمخضرم في صناعة النفط تاكر بريدويل. وجمعت 807 آلاف دولار من صناعة الطاقة. وعلى النقيض من ذلك، نالت دعماً كبيراً في وول ستريت، حيث اتحد كبار المانحين الماليين، بمن فيهم كين غريفين من شركة "سيتاديل" (Citadel)، والمستثمر ستان دروكنميلر، وبول سينغر رئيس شركة "إليوت إنفستمنت مانجمنت" (Elliott Investment Management)، خلف ترشيحها بدلاً من ترمب.
طفرة الطاقة
بذل بايدن جهوداً أكثر من أي رئيس أميركي آخر في مواجهة تغير المناخ وتعزيز الطاقة المتجددة، مما جعل من غير المرجح أن يشرف على طفرة محلية في النفط والغاز. فدعم بايدن للطاقة الخالية من الانبعاثات –والسياسات التي تستهدف تلوث النفط والغاز– أدى إلى تثبيط المانحين عن دعمه.
قفز إنتاج الولايات المتحدة من النفط والغاز تحت إشراف بايدن، إذ أنتجت البلاد رقماً قياسياً بلغ 13.3 مليون برميل من النفط الخام يومياً في نوفمبر، ارتفاعاً من نحو 11 مليوناً في 2020 قبل توليه منصبه.
كما ارتفعت صادرات النفط والغاز الأميركية، إذ قاربت صادرات الغاز الطبيعي العام الماضي ضعف الشحنات في 2020، أي قبل تولي بايدن منصبه.
ويقول قادة صناعة النفط إن الارتفاع يأتي على الرغم من سياسات بايدن، وليس بسببها. ويشيرون إلى إجراءات تشجع مبيعات السيارات الكهربائية، وفرض رسوم على انبعاثات غاز الميثان، والخطة التقييدية لبيع حقوق الحفر الجديدة في خليج المكسيك. كما ألقى توقف بايدن عن السماح بمزيد من صادرات الغاز الطبيعي المسال بظلال من الشك على المشروعات المقترحة على امتداد ساحل الخليج الأميركي.
"احفر، يا عزيزي، احفر"
ومن المرجح أن يُعاد النظر في كل هذه المبادرات في عهد رئيس جمهوري. إذ قال ترمب في أول يوم له في منصبه: "احفر، يا عزيزي، احفر".
ومع ذلك، كان ترمب حليفاً لا يمكن التنبؤ بتصرفاته لصناعة النفط خلال فترة ولايته الأولى. وتراجعت إدارته عن قواعد في عهد سلفه باراك أوباما تستهدف التلوث الصناعي وتشجيع منافسين للوقود الأحفوري لا يتسببون في أي انبعاثات، وهي إجراءات رحب بها المتحمسون للنفط والغاز. لكن ترمب حث أيضاً منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" على زيادة الإنتاج، كما أوقف تراخيص استخراج النفط البحري الجديدة بالقرب من ولايات جنوب شرق الولايات المتحدة في محاولة لجذب الناخبين قبل انتخابات 2020.
وأثار نهج ترمب المتقلب في سياساته حذر الجهات المانحة في صناعة النفط والغاز، وهو أحد الأسباب التي دفعت بعضهم إلى توجيه أموالهم إلى هيلي وديسانتيس في وقت سابق من موسم الانتخابات التمهيدية. ولكن إذا كان التدفق الأخير للأموال يشير إلى أي مرشح ستدعم سياساته الصناعة، فإن ترمب يتمتع بالأفضلية.
قال دان إيبرهارت، الرئيس التنفيذي لشركة "كاناري درلينغ سيرفيسز" (Canary Drilling Services): "قد يكون لدى كبار المانحين في مجال الطاقة هواجس بشأن مشكلات ترمب القانونية أو أسلوبه المنمق. لكن ليس هناك الكثير من الخلاف بينهم عندما يتعلق الأمر بسياسة الطاقة".