استهدف هجوم صاروخي يوم الجمعة، ناقلة نفط تحمل وقوداً روسياً عبر خليج عدن، ما قد يشكل نقطة تحوّل لسوق النفط التي كانت محصنة إلى حد كبير ضد هجمات الحوثيين على السفن التجارية على مدى أشهر.
ما سبب الهدوء سابقاً؟
يعود الهدوء النسبي سابقاً إلى أن معظم النفط المتدفق عبر البحر الأحمر وقناة السويس كان يأتي من روسيا، وبالتالي وفقاً للنظرية السائدة، فإن استهدافه قد يكون مستبعداً. كما أشار الحوثيون أنفسهم إلى أن السفن الروسية ليس لديها ما تخشاه، كما أن موسكو حليفة لإيران التي تدعم الحوثيين. وكانت ناقلات النفط قد استُثنيت إلى حد كبير من الهجمات.
لكن الهجوم الذي وقع يوم الجمعة أوضح شيئاً واحداً: بغض النظر عن أي ضمانات يقدمها الحوثيون في اليمن، فإنها لا تشمل الشحنات التي تُنقل على متن سفن لها أي صلة ولو ضعيفة بالولايات المتحدة أو المملكة المتحدة أو إسرائيل. وصرح الحوثيون سابقاً أنهم يستهدفون أصولاً إسرائيلية بسبب الحرب على غزة، ثم وسعوا نطاق هجماتهم لتشمل السفن الأميركية والبريطانية، بعد أن شنت الدولتان غارات جوية على الجماعة في اليمن.
الهجوم يعني أن كمية كبيرة من 3 ملايين برميل من النفط الخام والوقود الروسي التي تتدفق يومياً عبر البحر الأحمر للوصول إلى العملاء في آسيا، قد تكون معرضة للخطر. وتبقى التدفقات الروسية مهمة للسوق العالمية، على الرغم من العقوبات المفروضة بسبب حرب موسكو على أوكرانيا.
ومع ارتفاع أسعار النفط بنحو دولارين يوم الجمعة، إليك بعض الأسئلة التي سيفكر فيها تجار النفط عند عودتهم إلى مكاتبهم صباح الاثنين.
هل ستتوقف الملاحة عبر البحر الأحمر؟
هذا أمر مستبعد، سواء بالنسبة للتجارة بشكل عام، أو تدفق النفط بشكل خاص، إذ يعتمد قرار العبور في هذا الخط الملاحي بشكل أساسي على أربعة أشياء: رغبة المالك، والطاقم، والمستأجر، والربح.
اقرأ أيضاً: إبحار مضطرب لناقلات النفط الروسي منذ تشديد العقوبات الأميركية
فإذا أراد المستأجر المرور عبر البحر الأحمر، ووجد مالك السفينة مستعداً، مع طاقم مستعد لخوض التحدي، ربما للحصول على أموال إضافية لقاء الخطر، فستحصل التجارة، طالما أن السعر منطقي.
صحيح أن تكاليف التأمين يمكن أن تكون باهظة للغاية، لدرجة أن بعض المالكين يجدون أن قطع شوط طويل حول أفريقيا، متبعين شركات شحن الحاويات التي اتخذت هذا القرار بالفعل، أكثر جاذبية. لكن في حين أعاد هجوم يوم الجمعة تعريف أنواع السفن التي قد يُنظر إليها على أنها أهداف، فلن تندرج كل السفن ضمن هذه الفئة. والنتيجة الأكثر ترجيحاً هي أن أعداد السفن المستعدة للمخاطرة تتضاءل، لكن الطريق الملاحي لن يغلق تماماً.
هل أصبح النفط الروسي هدفاً؟
غالباً لا. تدرج قاعدة البيانات البحرية الدولية "إيكويسيس" (Equasis) اسم مدير "مارلين لواندا" (Marlin Luanda)، الناقلة التي تعرضت للهجوم، كشركة تدعى "أوشينيكس سيرفيسز" (Oceonix Services) في لندن. بالنسبة للحوثيين، ربما كان ذلك كافياً لاستهدافها.
لكن الوقود الموجود على متن سفينة "مارلين لواندا" كان مختلفاً عن الكثير من النفط الروسي بطريقة واحدة: كان يتم نقله باستخدام مقدمي الخدمات الغربيين، إذ تم تسعيره ضمن الحد الأقصى الذي تسمح به العقوبات الأميركية.
منذ الغزو الروسي لأوكرانيا والعقوبات التي أعقبته، يتم نقل معظم النفط والوقود الروسي على ما يسمى بأسطول الظل. تتمتع هذه السفن بهياكل ملكية سرية، ولم تنشر أبداً روابط بريطانية أو أميركية أو إسرائيلية، ومن النادر أن تذهب إلى موانئ تلك البلدان، إن ذهبت أصلاً، كما أن التأمين الخاص بهذا الأسطول غامض.
وإذا كان الحوثيون يقومون بتحديد أهدافهم باستخدام معلومات استخباراتية مفتوحة المصدر، فهناك الكثير من النفط الروسي الذي لن يتم استهدافه، على الأقل جزئياً بسبب قلة المعلومات المتاحة علناً حول تلك السفن. وروسيا حليفة لإيران التي تدعم الحوثيين، كما أن موسكو أدانت الضربات الأميركية والبريطانية على اليمن.
مع ذلك، لا يزال هناك دائماً خطر الوقوع في خطأ، أو التعرض لأضرار جانبية.
هل سترتفع تكاليف التأمين؟
من المحتمل. وحتى قبل إصابة شحنة الوقود الروسية، قفزت تكلفة التأمين على العبور عشرة أضعاف في غضون أسابيع قليلة، لتصل إلى نحو 1% من قيمة هيكل السفينة.
اقرأ أيضاً: أزمة البحر الأحمر ترفع تكاليف شحن الديزل لأوروبا
هذا يعادل نحو مليون دولار لبعض السفن، وربما هو أكثر من فواتير الوقود الإضافية للإبحار حول أفريقيا بدلاً من المرور عبر البحر الأحمر.
بعد وقت قصير من قصف الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لليمن في محاولة لقمع هجمات الحوثيين، قال محللون في شركة "كلاركسونز سيكيوريتيز" (Clarksons Securities) إن ارتفاع تكلفة التأمين يمكن أن يبدأ في دفع المزيد من السفن إلى التوجه صوب أفريقيا بدلاً من المرور عبر البحر الأحمر.
بماذا يفكر المالكون وطاقم العمل؟
من المرجح أن يكون هذا هو السؤال الأكبر على الإطلاق بالنسبة لسوق النفط العالمية، لكن الأمر سيستغرق بعض الوقت للحصول على صورة واضحة، لأن الأمر الأكثر أهمية هو كيفية تصرف المالكين المرتبطين بروسيا.
من الواضح أن بعض البحارة كانوا متوترين قبل أن يقوم الحوثيون بضرب السفينة "مارلين لواندا"، وكان العديد من المالكين الدوليين الرئيسيين قاموا بالفعل بتحويل مسار سفنهم. وحتى قبل يوم الجمعة، بدا أن نحو ثلاثة أرباع كبار مالكي الناقلات في العالم يبتعدون بالفعل عن هذا الطريق.
أما أصحاب الناقلات التي تنقل البضائع الروسية وأطقمها، فكانوا أكثر استعداداً للتنقل في المنطقة، على الأقل قبل حادثة يوم الجمعة.
وإذا تغير ذلك، فسيكون الأمر بمثابة أخبار سيئة لموسكو، ومشكلة إمدادات محتملة لسوق النفط العالمية. كذلك، سيتعين على المزيد من النفط الروسي أن يبحر لمسافات طويلة حول أفريقيا، مما يجهد أسطول الناقلات الذي يبدو أنه مرهق بعض الشيء بسبب العقوبات الغربية.
من شأن ارتفاع تكاليف تسليم النفط أن يؤثر في نهاية المطاف على أسعار النفط والوقود الروسي عند النقطة التي يتم تصديره فيها. وليس من الواضح بأي حال من الأحوال ما إذا كان هناك عدد كافٍ من السفن إذا اضطرت معظمها، أو جميعها، إلى قطع مسافة طويلة حول أفريقيا.