استهلت شحنات النفط الخام الروسية المنقولة بحراً العام 2024 بما ينسجم مع تعهد موسكو بخفض صادراتها كجزء من جهود "أوبك+" الموسعة لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط العالمية.
شحنت روسيا نحو 3.34 مليون برميل من النفط الخام يومياً من موانئها خلال الأسابيع الأربعة حتى 7 يناير، وفقاً لبيانات تتبع الناقلات التي رصدتها "بلومبرغ". كان ذلك انخفاضاً بمقدار 120 ألف برميل يومياً عن الفترة حتى 31 ديسمبر.
تراجع المتوسط الأسبوعي الأكثر تقلباً بمقدار 500 ألف برميل يومياً إلى 3.28 مليون برميل. كان ذلك أقل بمقدار 300 ألف برميل من متوسط مستوى الصادرات الذي سجلته "بلومبرغ" خلال شهري مايو ويونيو الماضيين، وهي الفترة الأساسية التي تعتمد عليها موسكو لخفض صادرات النفط الخام الذي تعهدت به لشركائها في "أوبك+" في الربع الأول لعام 2024.
قالت روسيا إنها ستعمّق تخفيضات صادراتها النفطية إلى 500 ألف برميل يومياً خلال الربع الأول بمستوى أقل من متوسط مايو ويونيو، بعد أن أعلنت المملكة العربية السعودية أنها ستمدد خفض صادراتها منفردةً بمقدار مليون برميل يومياً، وعدد من الأعضاء الآخرين.
اتفق تحالف "أوبك+" على فرض مزيد من التخفيضات على الإنتاج. من المقرر أن يتوزع خفض الإمدادات الروسية بين شحنات الخام، التي ستُقلص بمقدار 300 ألف برميل يومياً، والمنتجات المكررة. كان متوسط مقياس النفط الخام لمدة أربعة أسابيع نحو 245 ألف برميل يومياً بمستوى أقل من صادرات مايو ويونيو.
استمرار الشحنات رغم هجمات الحوثيين
يواصل جميع الخام الروسي تدفقه إلى المشترين الآسيويين بعد تحميله في الموانئ الغربية بالمرور عبر البحر الأحمر، على الرغم من الهجمات على السفن التجارية من قبل المتمردين الحوثيين المتمركزين في اليمن. من غير المرجح أن تُستهدف الناقلات التي تحمل نفط موسكو، لكن هذا لا يستبعد خطر إصابة سفينة تحمل إمدادات روسية عن طريق الخطأ.
يبدو أن روسيا تواجه تحديات من أجل وضع شحنات من خام "سوكول". فقد توقفت 6 سفن كانت متجهة إلى ميناءي باراديب وفادينار في ديسمبر الماضي، قبل أن تعود عبر مضيق ملقا. غيّرت ثلاث ناقلات منها مساراتها إلى وجهة جديدة وهي تشينغداو في الصين، لكنها توقفت للمرة الثانية في بحر الصين الجنوبي.
تم تحميل أربع شحنات أخرى من خام "سوكول" على السفن التي ترسو أيضاً في موانئ الهند. وهي أيضاً لا تظهر أي علامة على التوجه إلى وجهاتها المحددة.
انخفضت القيمة الإجمالية لصادرات النفط الخام الروسية، المحسوبة على أساس الشحنات الأسبوعية وبيانات التسعير الخاصة بشركة "أرغوس ميديا" (Argus Media)، إلى 1.45 مليار دولار في الأيام السبعة الأولى من يناير، بعد أن كانت 1.73 مليار دولار في الأسبوع السابق. كما تراجع متوسط الدخل لأربعة أسابيع، حيث انخفض بمقدار 53 مليون دولار إلى 1.5 مليار دولار في الأسبوع.
التدفقات حسب الوجهة
انخفضت تدفقات النفط الخام الروسي المنقولة بحراً في الأسابيع الأربعة حتى 7 يناير إلى 3.34 مليون برميل يومياً. يشكّل ذلك انخفاضاً من 3.46 مليون برميل يومياً في الفترة حتى 31 ديسمبر. تدفقت الشحنات بمستوى أقل بنحو 245 ألف برميل يومياً مقارنة بالمتوسط المسجل في مايو ويونيو.
جميع الأرقام لا تشمل الشحنات التي تم تحديدها على أنها من درجة خام "كيبكو" الكازاخستاني. تُعد هذه الشحنات التي قدمتها شركة "كاز ترانس أويل" (KazTransoil JSC) التي تعبر روسيا للتصدير عبر نوفوروسيسك وميناء أوست-لوغا على بحر البلطيق، ولا تخضع لعقوبات الاتحاد الأوروبي، وغير مشمولة بسقف الأسعار الذي حدده.
تُمزج البراميل الكازاخستانية مع الخام الروسي المنشأ لتكوين درجة تصدير موحّدة. منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، أعادت كازاخستان تسمية شحناتها لتمييزها عن تلك التي تصدّرها الشركات الروسية.
آسيا
انخفضت الشحنات التي تتم متابعتها المتجهة إلى عملاء روسيا في آسيا، بما في ذلك الشحنات التي لا تظهر وجهة نهائية، لتصل إلى 2.96 مليون برميل يومياً في الأسابيع الأربعة حتى 7 يناير، مقارنة بأعلى مستوى خلال شهرين عند 2.99 مليون برميل يومياً في الفترة حتى 31 ديسمبر.
جرى تحميل نحو 1.19 مليون برميل يومياً من النفط الخام على الناقلات المتجهة إلى الصين في الأسابيع الأربعة حتى 7 يناير. استكملت واردات الصين المنقولة بحراً من خلال نحو 800 ألف برميل يومياً من النفط الخام التي تُسلم بشكل مباشر من روسيا عبر خطوط الأنابيب، إما من خلال مسار مباشر أو عبر كازاخستان.
بلغ متوسط التدفقات على متن السفن التي تظهر إشاراتها أنها متجهة إلى الهند نحو 910 آلاف برميل يومياً في الأسابيع الأربعة حتى 7 يناير.
سترتفع أرقام الشحنات الصينية والهندية مع وضوح الرؤية بشأن موانئ التفريغ للسفن التي لا تظهر وجهاتها النهائية حالياً.
حملت السفن التي تظهر إشاراتها أنها متجهة إلى بورسعيد أو السويس في مصر ما يعادل نحو 710 آلاف برميل يومياً، أو من المتوقع أن يتم نقلها من سفينة إلى أخرى قبالة ميناء "يوسو" الكوري الجنوبي.
تنتهي هذه الرحلات عادةً في موانئ بالهند أو الصين، وتظهر في رسومها البيانية تحت مسمى وجهة غير معلومة في آسيا حتى تتضح وجهتها النهائية.
أما الكميات الأخرى غير المعروفة، والتي تبلغ نحو 160 ألف برميل يومياً في الأسابيع الأربعة حتى 31 ديسمبر، فهي تلك التي تحملها الناقلات التي لا تظهر وجهة واضحة. تنطلق معظم هذه الشحنات من الموانئ الغربية لروسيا، وتستمر في عبور قناة السويس، لكن قد ينتهي الأمر ببعضها في تركيا. يمكن نقل شحنات أخرى من سفينة إلى أخرى، حيث تتم معظم عمليات النقل هذه الآن في البحر الأبيض المتوسط، قبالة سواحل اليونان.
أوروبا وتركيا
هوت صادرات روسيا من النفط الخام المنقولة بحراً إلى الدول الأوروبية منذ غزو قوات موسكو لأوكرانيا في فبراير 2022. فقدت السوق التي كانت تستهلك نحو 1.5 مليون برميل يومياً من النفط الخام المنقول بحراً على المدى القصير، القادم من محطات التصدير في بحر البلطيق والبحر الأسود والقطب الشمالي بشكل شبه كامل، لتحل محلها وجهات بعيدة المدى في آسيا أكثر تكلفة بكثير، وتستغرق وقتاً طويلاً في خدمتها.
تظهر بيانات تتبع الناقلات انخفاض التدفقات المجمعة إلى تركيا وبلغاريا، وهما الدولتان الوحيدتان اللتان تشتريان نفط روسيا بالقرب من موانئها الغربية، لتصل إلى نحو 380 ألف برميل يومياً في الأسابيع الأربعة حتى 7 يناير. يعد هذا أدنى مستوى في ثلاثة أشهر.
انخفضت الصادرات إلى تركيا إلى نحو 313 ألف برميل يومياً في الأسابيع الأربعة حتى 7 يناير. ولا تزال قريبة من ثلاثة أضعاف المستويات المنخفضة التي وصلت إليها في يوليو وأغسطس.
تراجعت التدفقات إلى بلغاريا، وهي السوق الأوروبية الوحيدة للنفط الخام لروسيا حالياً، إلى أدنى مستوى لها في أربعة أسابيع عند نحو 63 ألف برميل يومياً في فترة الأسابيع الأربعة الأخيرة.
وافق البرلمان البلغاري على إجراء يقضي بوقف واردات النفط الروسي اعتباراً من مارس المقبل، أي قبل تسعة أشهر من الموعد المسموح به بموجب الإعفاء من عقوبات الاتحاد الأوروبي على مشتريات النفط الروسي.
لم يتم شحن أي خام روسي إلى دول شمال أوروبا، أو تلك الموجودة في البحر الأبيض المتوسط خلال الأسابيع الأربعة حتى السابع من يناير.
يتم التحقق من بيانات تتبع السفن مقابل تقارير وكلاء الموانئ، بالإضافة إلى التدفقات وحركات السفن التي أبلغ عنها مزودو المعلومات الآخرون، بما في ذلك شركتا "كبلر" (Kpler) و"فورتكسا" (Vortexa Ltd).
قيمة التصدير
بعد إلغاء رسوم التصدير على الخام الروسي، بدأنا في تتبع القيمة الإجمالية لصادرات النفط الخام المنقولة بحراً، باستخدام بيانات الأسعار التي تقدمها شركة "أرغوس ميديا" وتتبع الناقلات الخاص بنا.
انخفضت القيمة الإجمالية لصادرات النفط الخام الروسية إلى 1.45 مليار دولار في الأيام السبعة الأولى من يناير، مقارنة بـ1.73 مليار دولار في الأسبوع السابق. وفي الوقت نفسه، انخفض متوسط الدخل لأربعة أسابيع أيضاً، حيث تراجع بمقدار 53 مليون دولار إلى 1.5 مليار دولار في الأسبوع. بلغ متوسط أربعة أسابيع ذروته عند 2.17 مليار دولار أسبوعياً في الفترة حتى 19 يونيو 2022. كان أعلى مستوى مسجل في العام الماضي هو مليارا دولار أسبوعياً في الفترة حتى 22 أكتوبر.
خلال الأسابيع الأربعة الأولى بعد بدء تطبيق سقف أسعار مجموعة الدول السبع على صادرات النفط الخام الروسية في أوائل ديسمبر 2022، تراجعت قيمة التدفقات المنقولة بحراً إلى مستوى منخفض بلغ 930 مليون دولار في الأسبوع، لكنها سرعان ما تعافت.
يتم احتساب القيمة عن طريق ضرب متوسط سعر النفط الخام الأسبوعي من "أرغوس ميديا غروب" في تدفق الصادرات الأسبوعي من كل ميناء. بالنسبة إلى الشحنات من موانئ البلطيق والقطب الشمالي، نستخدم بيانات خام الأورال "إف أو بي بريمورسك نوفوروسيسك" (Urals FOB Primorsk Novorossiysk) بتاريخ إغلاق لندن ومتوسط السعر. بالنسبة إلى شحنات المحيط الهادئ، نستخدم مزيج "إيسبو إف أو بي كوزمينو" (ESPO FOB Kozmino) وإغلاق الأسعار في سنغافورة، ومتوسط السعر.
كانت رسوم التصدير قد أُلغيت في نهاية عام 2023 كجزء من خطط الإصلاح الضريبي طويلة الأمد في روسيا.
التدفقات من المنبع إلى الموقع
تظهر بيانات تتبع السفن وتقارير وكيل الموانئ أن 30 ناقلة قامت بتحميل 23 مليون برميل من الخام الروسي في الأسبوع المنتهي في السابع من يناير. يُعد هذا أقل بنحو 3.5 مليون برميل مقارنة بأعلى مستوى في 6 أشهر المسجل في الأسبوع السابق.
يُرجح أن تكون الرياح القوية في "كوزمينو"، التي تصل سرعتها إلى 50 ميلاً في الساعة وفقاً لبيانات الطقس من "فيجوال كورسينغ" (Visual Crossing)، قد أعاقت عمليات رسو الناقلات في نهاية الأسبوع، عندما تباطأ التحميل.
جميع الأرقام لا تشمل الشحنات التي تم تحديدها على أنها من درجة خام "كيبكو" الكازاخستاني. تم تحميل شحنة واحدة من "كيبكو" في نوفوروسيسك، وشحنة أخرى في أوست-لوغا" خلال الأسبوع نفسه.