حولت حرب روسيا في أوكرانيا البحر الأحمر، الذي أصبح جنوبه منطقة محفوفة بالأخطار الغادرة في الفترة الحالية، إلى ممر تجاري عالمي حيوي للنفط، لا سيما لصادرات موسكو.
في وقت تتجنب أوروبا النفط الروسي، يتزايد اعتمادها على الشحنات القادمة من الشرق الأوسط. وفي نفس الوقت، زادت موسكو من تدفقات نفطها إلى آسيا، في ظل بحثها عن منافذ لصادراتها، ما أدى إلى زيادة حركة النفط عبر البحر الأحمر، شمالاً وجنوباً، بنحو 140% لتبلغ 3.8 ملايين برميل يومياً.
تظهر هذه الزيادة مواطن الضعف بنقطة عبور رئيسية لتدفقات النفط، فيما تعيد القوى العالمية رسم خريطة تجارة الطاقة العالمية، ففي الأيام الماضية، دفع التصعيد الكبير في هجمات ميليشيات الحوثي، المتمركزة في اليمن، على السفن التجارية لشركات، مثل "بي بي" وإكوينور"، إلى وقف الشحنات وتغيير مسار السفن، في ظل ارتفاع مبدئي في أسعار النفط على وقع الأخبار.
قفزة في حجم الشحنات
الحوادث دفعت الولايات المتحدة وحلفاءها إلى تشكيل فريق عمليات في المنطقة بهدف التصدي للهجمات، لكن الهجوم على سفن الشحن لفت الأنظار أيضاً إلى حجم النفط المنقول عبر البحر الأحمر وقناة السويس.
في الشهرين اللذين سبقا هجوم روسيا على أوكرانيا، صدّرت موسكو نحو 120 ألف برميل نفط يومياً من موانئها الغربية إلى الأسواق في شرق قناة السويس، وفقاً لبيانات تتبع الناقلات التي جمعتها "بلومبرغ"، وبلغ متوسط حجم هذه الشحنات 1.7 مليون برميل يومياً في الشهور الستة الماضية.
خلال الفترة نفسها، قفزت شحنات الخام المتجهة من الشرق الأوسط إلى الدول الأوروبية من 870 ألف برميل يومياً إلى 1.3 مليون برميل.
تضاعف شحنات النفط المنقولة عبر قناة السويس
زادت شحنات المنتجات النفطية المارة عبر قناة السويس بأكثر من الضعف منذ بدء غزو روسيا لأوكرانيا، وفقاً للبيانات الصادرة عن شركة "كبلر" (Kpler) لتحليل البيانات، التي جمعتها "بلومبرغ".
إبان نفس الفترة في مطلع 2022، بلغ إجمالي حجم الشحنات التي مرت عبر قناة السويس 1.7 مليون برميل يومياً، وخلال المدة ما بين بداية يونيو ونهاية نوفمبر من العام الجاري، قفز هذا الإجمالي إلى 3.5 مليون برميل يومياً.
تُعد هذه القفزة هي الأكبر فيما يخص شحنات ما يُطلق عليها المنتجات النفطية النظيفة، مثل البنزين والديزل ومواد المزج، التي ارتفعت من 1.2 مليون إلى 2.3 مليون. مع ذلك، زاد حجم شحنات المنتجات الملوثة، بما فيها زيت الوقود، بأكثر من نصف مليون.
مسارات أطول
عزفت الشركات في الاتحاد الأوروبي عن شراء النفط الروسي بعد فترة وجيزة من بدء الحرب، وفرض التكتل حظر استيراد خام روسيا في ديسمبر 2022، وبعد شهرين تبع هذا القرار قراراً آخر بحظر واردات الوقود.
أجبر ذلك روسيا على تصدير نفطها عبر مسارات أطول إلى المشترين في الصين والهند، ما يشركهما أيضاً، بشكل غير مسبوق، في مسؤولية تأمين الناقلات في البحر الأحمر. كل النفط المُصدر من موانئ روسيا الغربية، تقريباً، يجب أن يمر قبالة ساحل اليمن على البحر الأحمر.
ربما لا تكون السفن الروسية معرضة بشكل مباشر لخطر هجمات ميلشيات الحوثي، فرغم كل شيء، إيران تدعم روسيا والحوثيين في حربهما، لكن ذلك لا يستبعد خطر إصابة سفينة تنقل النفط الروسي بشكل غير مقصود.
تُعد معظم ناقلات الخام الروسي جزءاً من أسطول الظل الذي شكلته موسكو للالتفاف على العقوبات الغربية. وفي الأغلب يكون مُلاك تلك السفن أو الشركات المؤمّن عليها مجهولين، ما يثير مخاوف حول ما إذا كانت الناقلات وشحناتها مؤمّنة على نحو فعال، بما يشمل المسؤولية عن أي تسرب نفطي.