لا يحمل إغلاق مصافي التكرير الأمريكية، الناجم عن العاصفة الثلجية التي ضربت البلاد، أخباراً سارة فقط لمنافستها الأوروبية، حيث تتعمّق خسائر الأخيرة على صعيد منتجات "قاع البرميل".
ورغم أن عمليات الإغلاق في الولايات المتحدة تعني انحسار المنافسة أمام مصافي التكرير الأوروبية لناحية توريد البنزين والديزل على جانبي المحيط الأطلسي، إلاّ أنها تزيل، بالمقابل، سوق تصدير هامة لبقايا عمليات التكرير، المعروفة بإنتاج زيت الوقود أو نفط "بقايا البرميل".
ومع عودة معظم مناطق الساحل الأمريكي للتعافي بعد طقس شهر فبراير القاسي، يحتاج الكثير من هذه البراميل إلى مأوى جديد، ما يشكل عائقاً على هوامش الربحية لدى المصافي التي تنتج كميات كبيرة نسبياً من زيت الوقود عالي الكبريت.
وأفصح هيدي غراتي، مدير "آي إتش إس ماركتس" (IHS Markit): "لم تستقبل الولايات المتحدة الكثير من الشحنات شهرياً عبر المحيط الأطلسي بشكل مفاجئ، ولذلك فإن نفط "بقايا البرميل" الأوروبي يحتاج إلى إيجاد منفذ آخر".
الشحنات "القذرة"
تستورد مصافي ساحل الخليج في الولايات المتحدة المواد الأولية من نفط "قاع البرميل" من أوروبا وروسيا بانتظام، لتحولها إلى وقود عالي القيمة مثل الديزل والبنزين. إلاّ أن حالات الانقطاع الكثيرة في هذه المصافي قلّلت من شهيتها لمثل هذه الشحنات في الوقت الحالي.
ونتيجة لذلك، تراجعت صادرات المنتجات البترولية "القذرة"، بما في ذلك الدرجات المختلفة من زيت الوقود عالي الكبريت وزيت الغاز المفرّغ، إلى الولايات المتحدة من أوروبا وروسيا. ويُقدّر التراجع بمقدار 136 ألف برميل يومياً أو حوالي 40% خلال الفترة من 1 إلى 23 فبراير، مقارنة بشهر يناير، وبنسبة 50% تقريباً على أساس سنوي، وفقاً لتحليلات شركة الناقلات "كبلير" (Kpler)، إلا أن الأرقام لا تشمل الشحنات "القذرة" ذات نسبة الكبريت المنخفضة.
انخفاض الطلب
أدّت كل هذه العوامل إلى انخفاض الطلب على براميل "نفط القاع" الأوروبية، ما ساهم في خفض قيمة زيت الوقود عالي الكبريت نسبة إلى النفط الخام، والمعروف باسم هامش السعر على تكسير النفط. وفي شمال غرب أوروبا، انخفض هذا المقياس مؤخراً إلى أدنى مستوى له منذ شهر مايو 2020.
ورأى غراتي أن "التحديات التي تمرّ بها منتجات زيت الوقود عالية الكبريت في أوروبا، وكذلك في ساحل الخليج الأمريكي وسنغافورة، تتعرض لضغوط بسبب انخفاض الطلب الموسمي من قبل مرافق التكرير في الشرق الأوسط، وانقطاع المصافي في الولايات المتحدة. وهذا أدى إلى انخفاض الاعتماد على زيت الوقود كمواد وسيطة ثقيلة".
ومع بدء استئناف مصافي ساحل الخليج لنشاطها، قد لا يطول غياب الطلب الأمريكي على نفط "قاع البرميل"، إلا أن هناك مؤشراً آخر على الهبوط يلوح في الأفق، وهو يتعلق باحتمالية بدء زيادة إنتاج النفط الخام من قبل تحالف "أوبك+" مرة أخرى، حيث من المرجح أن يؤدي ارتفاع إنتاجها من الخام ذي الكبريت الثقيل إلى إنتاج المزيد من زيت الوقود.
واعتبر كريس باربر، مدير "إي إس إيه آي إينرجي" (ESAI Energy)، أن ارتفاع إنتاج "أوبك+" سينجم عنه استبدال الخام الأمريكي الخفيف الحلو بخامات متوسطة الحموضة، والتي تولّد كمية أكبر من منتجات "قاع البرميل"، مما يزيد المعروض من زيت الوقود عالي الكبريت.