فرصة مثالية تدعم وصول روسيا لمستهدف خفض صادرات النفط

صهاريج تخزين النفط في محطة فولودارسكايا (LODS) التي تديرها شركة "ترانسنفت"، في قرية كونستانتينوفو، بالقرب من موسكو، روسيا - المصدر: بلومبرغ
صهاريج تخزين النفط في محطة فولودارسكايا (LODS) التي تديرها شركة "ترانسنفت"، في قرية كونستانتينوفو، بالقرب من موسكو، روسيا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تقلص روسيا صادرات الخام أخيراً في وقت يحقق لها أعلى فائدة ممكنة، إذ تعهدت موسكو بتقليص الشحنات للأسواق العالمية بمقدار 500 ألف برميل يومياً الشهر المقبل.

الخطوة تمثل استعراضاً للوحدة مع نظيرتها القائدة لتحالف "أوبك+"، السعودية، لكنَّها أيضاً محاولة للاستجابة لأشهر من التساؤلات حول كيفية تقليص روسيا فعلياً إنتاج النفط -كما أعلنت في فبراير– وفي الوقت ذاته ترفع صادرات الخام!

سيعطي شهر أغسطس موسكو الفرصة المثالية لاتخاذ تلك الخطوات المهمة بأقل تكلفة، وستتمكن الشركات من إعادة توجيه خامها من محطات التصدير إلى المصافي المحلية التي تعمل بطاقة أعلى بفضل نهاية صيانات الربيع وفترة الدعم الحكومي السخي.

في الواقع، يُفترض أن تتمكن روسيا من تحقيق هدف خفض الصادرات دون الحاجة إلى تخفيضات إضافية في الإنتاج.

قال فيكتور كوتانا، كبير محللي النفط في شركة الأبحاث السوقية "كيبلر": "من خلال سعيها لتوطيد علاقتها بالسعودية؛ تتهيأ موسكو للوفاء بتعهد خفض الصادرات… وسيستوعب قطاع التكرير المحلي بالكامل الخفض البالغ 500 ألف برميل يومياً".

علامات على تراجع الصادرات بعد ارتفاع مطرد

كرر المسؤولون الروس تطمينات لهم بأنَّ الدولة التزمت بحصتها من خفض الإنتاج البالغة 500 ألف برميل يومياً في شهر مارس، لكن لا توجد بيانات رسمية تدعم تصريحاتهم، إذ صُنفت البيانات كسرية في أبريل، وتظهر بيانات تتبع الناقلات أنَّ الصادرات ارتفعت باطّراد منذ ذلك الشهر حتى منتصف مايو.

وهذا الارتفاع المطرد حدث في وقت أجرت به السعودية تخفيضات طوعية إضافية للإنتاج، مما دفع بعض مراقبي الأسواق لاستنتاج أنَّ المملكة تتحمل أغلب عبء تحقيق التوازن في سوق النفط الخام العالمية. وبينما لم تشكك الرياض علناً في صحة مزاعم إنتاج موسكو، فقد حثت على شفافية أعلى.

قال وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان الأسبوع الماضي في فيينا إنَّ إعلان روسيا بشأن تدفقات النفط في أغسطس كان "يحمل معنى أكبر" لأنَّه يتعلق بالصادرات.

بدأت شحنات الخام الروسي المحمولة بحراً تبدي علامات على التراجع، وهبطت بحدة صادرات الدولة من الموانئ الغربية خلال الأسابيع الأربعة المنتهية في 9 يوليو دون متوسط مستوى فبراير للمرة الأولى بعد أن ارتفعت الأحجام خلال الأشهر الأخيرة، وفق بيانات تتبع الناقلات التي تراقبها "بلومبرغ" وتربطها بمصادر بيانات أخرى.

تتوقَّع "ريستاد إنرجي" أن تتراجع شحنات النفط الروسية المحمولة بحراً إلى ما بين 3.1 و3.2 مليون برميل الشهر المقبل، مقارنة بـ3.7 مليون برميل في أبريل ومايو، ويقول كبير محللي النفط بشركة الاستشارات، فيكتور كيريلوف، إنَّ كمية خام أقل ستحمّل على الناقلات للتصدير بسبب "الزيادة الموسمية في معدلات تشغيل المصافي" في الدولة.

وتحديداً بالنسبة إلى المسار في أغسطس؛ فقد بدأت مرافق التكرير الروسية بالفعل زيادة معالجة الخام، ووصلت معدلات تكرير النفط المحلية في أوائل يوليو إلى أعلى مستوى في 12 أسبوعاً، وفق حسابات "بلومبرغ" القائمة على إحصاءات القطاع.

تتلقى هذه المصافي دعماً حكومياً بلغ مليار دولار شهرياً في المتوسط في النصف الأول من العام لبيع بعض البنزين والديزل محلياً، وفق حسابات "بلومبرغ" القائمة على بيانات الوزارة.

تأثير غير واضح لخفض الصادرات على الأسعار

عندما أعلن نائب رئيس الوزراء، ألكسندر نوفاك، عن خفض الصادرات بمقدار 500 ألف برميل يومياً، لم يقدم أساساً مرجعياً للتعديل، مما يُصعِّب تقييم كمية النفط الخام الفعلية التي ستشحنها البلاد للخارج في أغسطس، والتأثير الناتج على الأسعار.

قال جيوفاني ستاونوفو، المحلل في "يو بي إس غروب: "يعود الأمر إلى قدر البراميل التي ستزيلها روسيا من السوق… إذا كان أساسها المرجعي هو صادرات مايو، فعلى الأرجح سيكون التأثير متواضعاً" لأنَّ الشحنات في ذلك الشهر كان عالية للغاية.

أما إذا عوضت روسيا الانخفاض في صادرات الخام عبر زيادة شحنات الوقود المكرر من مصافيها المحلية، فسيكون التأثير أكثر تواضعاً.

صعدت أسعار النفط منذ إعلان موسكو والرياض التخفيضات، وارتفع خام الأورال القياسي الروسي إلى 59.98 دولار للبرميل يوم الثلاثاء، أي قرب الحد الأقصى للسعر الذي فرضته مجموعة السبع، وقفز خام برنت فوق 80 دولاراً للبرميل للمرة الأولى منذ مايو، لكنَّه ما يزال منخفضاً عن بداية العام الجاري.

لن تستمر طويلاً الفرصة السانحة أمام روسيا لخفض صادرات النفط، وفي نفس الوقت عدم المساس بمستوى الإنتاج إلى حد كبير، والاختبار الحقيقي أمام استعداد موسكو للتضحية بأحجام المبيعات سيأتي في سبتمبر، إذ يخطط وزير المالية بالدولة لخفض دعم الوقود السخي بمقدار النصف، ويبقى عليه حتى 2026، وفق صحيفة "كومرسانت"الروسية .

هل يمتد خفض الصادرات لما بعد أغسطس؟

تعليقاً على ذلك، يقول ميخائيل توروكالوف، محلل النفط المستقل المقيم في الولايات المتحدة، إنَّ هذا التحول سيقلص الشهية تجاه الخام من قبل المصافي المحلية التي لن تكون قادرة على رفع أسعار البنزين والديزل المحلية للتعويض عن الحوافز المفقودة، ونتيجة لذلك؛ ستصبح الشركات الروسية أكثر اهتماماً بالبيع للأسواق العالمية بشرط ألا تستحدث الحكومة حصصاً للتصدير.

قال توروكالوف إنَّ مصافي التكرير الروسية ستكون كذلك في ذروة موسم صيانة الخريف في منتصف سبتمبر، وحينها قد تنخفض معدلات معالجة الخام اليومية في الدولة إلى ما بين 4.76 و5.1 مليون برميل يومياً، مقارنة بـ5.35 و5.57 مليون برميل في أغسطس، بحسب تقديراته القائمة على خطط الصيانة الأولية للمنشآت.

تتوقَّع "كيبلر" و"ريستاد إنرجي" أن تزيد هذه العوامل من المصاعب أمام روسيا لمدّ تخفيضات الإنتاج إلى ما بعد أغسطس.

وقال كيرولوف من "ريستاد" إنَّ الحد من الشحنات الخارجية في سبتمبر "سيتطلب تخفيضات أكبر في الإنتاج… وكما رأينا روسيا لا تستطيع فعل ذلك سريعاً".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك