حيثما تنظر خارج حدود روسيا، تجد مؤشرات محدودة ذات قيمة على تخفيض إنتاج النفط الذي يزعم الرئيس فلاديمير بوتين ومسؤولون حكوميون آخرون أنه يحدث.
على صعيد حلفاء روسيا في تكتل "أوبك+"، الذين التزموا بتقليص إنتاجهم لتدعيم أسعار النفط، فإن حقيقة أن البلاد لا تسحب إمداداتها من السوق العالمية ربما تكون محبطة.
تتزايد شحنات تصدير الخام الروسي خارج حدود البلاد، ولا تتراجع، حتى مع افتراض أنها قلصت على مدى 3 شهور تقريباً الإنتاج 500 ألف برميل يومياً، على سبيل الانتقام من العقوبات وسُقوف الأسعار المفروضة من قبل مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى. بلى، بدأت التدفقات الخارجة للمنتجات المكررة في الهبوط، لكنها تتراجع تقريباً باستمرار في هذا الوقت. وفي حقيقة الأمر، هبطت بنسبة أقل قليلاً مقارنة بما هو معتاد بين الربعين الأول والثاني من العام الجاري.
نمو الشحنات
فاقت شحنات تصدير النفط الخام من الموانئ الروسية خلال الأسابيع الأربعة المنتهية في 21 مايو الجاري بمقدار 480 ألف برميل يومياً ما سجلته خلال الأسابيع الأربعة المنتهية 26 فبراير الماضي، بحسب بيانات تتبع السفن رصدتها بلومبرغ. كان فبراير المنصرم هو الشهر الأساسي لعملية تخفيض الإنتاج الروسي.
رصدت شركة تحليل المعلومات "كبلر" نفس النمط لتدفقات النفط الخام الروسي. توضح بياناتها حدوث زيادة 320 ألف برميل تقريباً يومياً خلال الفترة نفسها. ولا تتراجع التدفقات في كلتا الحالتين.
عوضاً عن ذلك، صعدت شحنات التصدير الفترة الأخيرة بما يفوق مليون برميل يومياً مقارنة بالأسابيع الأربعة الأخيرة من السنة الماضية.
يعد هذا الرقم مهماً، نظراً لأن روسيا زعمت أن تدفقات النفط الخام المنقولة بحراً تعززت منذ نقليص الإنتاج عن طريق تحويل كميات من البراميل إليها كانت تُسلم للعديد من الدول الأوروبية في السابق بواسطة خطوط الأنابيب.
لكن الأرقام تكشف أن تدفقات خطوط الأنابيب هذه هبطت قبل دخول عملية خفض الإنتاج المزعومة حيز التنفيذ.
أوقفت ألمانيا استيراد الخام الروسي المنقول عبر خطوط الأنابيب العام الجاري، في حين كانت آخر الإمدادات المرسلة لبولندا خلال يناير الماضي. أعيد توجيه النفط الخام الروسي الذي كان يتدفق لأوروبا عبر الأنابيب قبل الإعلان عن قرار تقليص الإنتاج، فضلاً عن بدء تنفيذه. واستقرت التدفقات عبر خطوط الأنابيب منذ فبراير الماضي.
المنتجات المكررة
لذلك فإنه في حال عدم تراجع تدفقات النفط الخام، هل من المحتمل أن يكون تخفيض الإنتاج ملموساً من خلال شحنات المنتجات المكررة؟
تعتبر الصورة على هذا الصعيد أشد تعقيداً، لكن في نهاية المطاف يوجد دليل محدود على تراجع حقيقي للإنتاج.
باستخدام بيانات "كبلر" لتتبع شحنات تصدير المنتجات الأسبوعية من الموانئ الروسية، هبطت أحجام الشحن بشكل كبير مقارنة بمستوى ذروة بلغ 3.5 مليون برميل تقريباً يومياً خلال الأسبوع المنتهي 26 مارس. مع حلول الأسبوع المنتهي 21 مايو الحالي، تقلصت الشحنات مليون برميل يومياً.
يبدو الرقم كبيراً من الناحية الظاهرية. حتى مع استخدام متوسطات 4 أسابيع للتخفيف من الأرقام المبالغ فيها، فإن حجم التراجع يتجاوز 600 برميل يومياً.
لكن طريق المنتجات الروسية المكررة في الربع الأول من السنة الجارية كان ممهداً، في ظل تقلبات شديدة بوقت قريب من حظر الاتحاد الأوروبي للواردات المنقولة بحراً والذي دخل حيز التنفيذ أوائل فبراير المنصرم.
هبطت تدفقات المنتجات المكررة في بداية الأمر، ثم تعافت بصورة كبيرة، بفضل قفزة لشحنات التصدير لخارج البلاد بلغت ذروتها خلال الأسابيع الأربعة المنتهية في 26 مارس الماضي. أظهرت الزيادة الكبيرة التراجع اللاحق في شحنات التصدير وكأنه ضخم.
في ظل تقلبات تدفقات الخام خلال الشهور الأولى من العام الحالي، ربما يكون منطقياً أكثر المقارنة على أساس متوسط ربع سنوي. يبين ذلك المتوسط عدم وجود هبوط غير طبيعي بصادرات المنتجات المكررة السنة الجارية.
هبوط المنتجات
بلغ الانخفاض في متوسط تدفقات المنتجات بين الربع الأول وأول 7 أسابيع من الربع الثاني 120 ألف برميل تقريباً يومياً العام الحالي.
يقارن ذلك مع انخفاض متوسط قدره 160 ألف برميل يومياً بين نفس الفترتين خلال الأعوام الخمسة الماضية. تحدث إضافة أو حذف سنة تفشي وباء كوفيد 2020 فارقاً طفيفاً في متوسط التراجع خلال الأعوام السابقة.
ربما يتطلب نقل النفط الخام إلى المصافي ومعالجته ثم شحن المنتجات الناتجة وقتاً، وهو ما يؤخر بطريقة كبيرة ظهور تنفيذ خفض الإنتاج في صورة تراجع لصادرات المنتجات المكررة. قلصت مصانع معالجة النفط بالبلاد الآونة الأخيرة مستوى إنتاجيتها مقارنة بفبراير الماضي.
لكن بعد 3 شهور تقريباً من التعهد بتخفيض الإنتاج بمقدار 500 ألف برميل يومياً، توجد مؤشرات محدودة على أن تأثيره ملموس خارج حدود روسيا، مع افتراض أن الإنتاج قد تراجع فعلياً.