تجد مصافي التكرير التي لم يعد بإمكانها شراء نفط الدول المنتجة من تحالف "أوبك+" نفسها في وضع غير تنافسي نتيجة العقوبات على مبيعات الخام الروسي.
في أجزاء من آسيا حيث الخام الروسي لم يعد على القائمة بسبب العقوبات، لا تجني المصافي حالياً أي ربح تقريباً من معالجة براميل الشرق الأوسط، وفق بيانات القيمة العادلة التي جمعتها "بلومبرغ".
تسبب التراجع في الربحية، الناجم عن فتور الطلب والتوسع في قدرة التكرير، في تفكير بعض المصافي عبر المنطقة الأكثر استهلاكاً للنفط في العالم في تقليص إنتاج الوقود، كذلك، توجد تكهنات بتطبيق خفض في الإنتاج قريباً في أوروبا.
أما بالنسبة للمصافي في الهند والصين، فالصورة مختلفة تماماً، إذ ما تزال الدولتان تشتريان النفط بأسعار مخفضة من روسيا ودول أخرى مثل إيران وفنزويلا، وقال مسؤولون في مصافٍ في آسيا وأوروبا لم تتمكن من الشراء من روسيا بسبب العقوبات إن تلك التدابير أضرت بهم، وطلبوا عدم الكشف عن هوياتهم لعدم التصريح لهم بمناقشة عمليات شركاتهم علناً.
يسلط هذا التباين الضوء على أن سقف الأسعار الذي فرضته مجموعة السبع وعقوبات الاتحاد الأوروبي التي تستهدف الحيلولة دون وصول الكرملين للإيرادات النفطية لا يأتون دون متاعب لاقتصادات الدول الصناعية. والأدهى، أن هذه المصافي التي تستطيع شراء الخام الروسي بإمكانها قانونياً بيع كميات هائلة منه مجدداً لدول مجموعة السبع بمجرد تكريره إلى وقود مثل الديزل والبنزين.
وقال يوسف الشمري، رئيس تنفيذي لدى شركة استشارات النفط "سي ماركتس" (CMarkits)، ومقرها لندن: "سنظل نرى رابحين وخاسرين طالما يتدفق النفط الروسي بأسعار مخفضة.. لا شك أن الأمر سيشكل ميزة اقتصادية إذا تم تكرير النفط المخفض سعره ثم بيع كمنتجات للأسواق الدولية".
ميزة للمصافي المستقلة
يقل سعر النفط المرسل إلى الهند من غرب روسيا بنحو 9 دولارات عن خام دبي الذي يخدم كخام معياري في الشرق الأوسط، وفق بيانات جمعتها "بلومبرغ". أيضاً، ستظل البراميل من الإمارة أكثر تكلفة على المصافي لأن سعر دبي لا يشمل الشحن.
في الصين، تغيرت هوامش الربح النظرية للمصافي المستقلة، والمعروفة أيضاً باسم "أباريق الشاي"، تغيراً طفيفاً على أساس أسبوعي عند 825 يواناً للطن، أو نحو 16 دولاراً للبرميل، في أحدث البيانات المتاحة ليوم 14 أبريل، وفقاً لبيانات "أويل كيم" (OilChem)، وهذا أكثر من ضعف المستوى في أوائل يناير.
وقال جيانان سون، محلل مقيم في لندن في "إنرجي أسبكتس": "تستفيد أباريق الشاي من استخدام النفط المُخفضة أسعاره بحدة من أماكن مثل روسيا وإيران".
دفعة لهوامش الربح
عززت الصين التكرير إلى مستوى قياسي في مارس، وتتوقع "إنرجي أسبكتس" تزايد وارداتها من الخام الشهر الجاري والمقبل.
بالنسبة للهند، سجلت أكبر مصفاتين حكوميتين هامشاً إجمالياً من التكرير يزيد على 20 دولاراً للبرميل في الفترة من أبريل إلى ديسمبر العام الماضي، وهي زيادة قدرها 150% على الأقل مقارنة بالعام المالي السابق، وفق البيانات الحكومية. ترجع هذه الزيادة إلى تدفقات البراميل منخفضة السعر.
استقبلت الصين أعلى حجم على الإطلاق من الخام من روسيا الشهر الماضي، وفق بيانات الجمارك. كذلك، واصلت، الهند استيراد أكبر كمية من خام الأورال الروسي الرئيسي في نفس الشهر، وفق بيانات تتبع الناقلات التي تجمعها "بلومبرغ".
لم تستورد الاقتصادات الغربية من مجموعة السبع، وكذلك معظم أجزاء آسيا، أي شحنات روسية العام الجاري. يُذكر أن الاتحاد الأوروبي فرض عقوباته على النفط الخام المنتج من الدولة العضو في تحالف "أوبك+" في أوائل ديسمبر.
وبينما اضطرت مصافي الكتلة لخفض مشتريات الخام الروسي، فقد ارتفعت وارداتها من الوقود المكرر من الهند والصين، ما تسبب في مزيدٍ من التآكل في أرباحها.
تسلمت المنطقة ما متوسطه 363 ألف برميل تقريباً من منتجات النفط يومياً من الدولتين الآسيويتين في الفترة من ديسمبر إلى أبريل، أي نحو ثلاثة أضعاف التدفقات المسجلة في 2021، وفق بيانات شركة تحليلات الشحن "كيبلر" (Kpler).
قال جيوفاني ستاونوفو، المحلل في "يو بي إس غروب": "ما سيأتي لاحقاً يتوقف على الطلب على المنتجات المكررة وأسعارها".