جاء قرار منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وحلفائها بخفض الإنتاج النفطي مفاجأة كبيرة للسوق، بالنظر إلى التصريحات السابقة من السعودية التي تقود تحالف المنتجين، بأنها ستحافظ على استقرار الإمدادات.
أعادت خطوة خفض الإنتاج القلق بشأن الضغوط التضخمية إلى الواجهة، مما زاد المخاوف من أن ارتفاع الأسعار والتشديد النقدي القوي من قِبل البنوك المركزية يمكن أن يدفعا الاقتصاد العالمي إلى الركود.
وصف البيت الأبيض قرار "أوبك+" بأنه غير مستحسن في ظل ظروف السوق الحالية، وأضاف أن الولايات المتحدة ستعمل مع المنتجين والمستهلكين لإدارة أسعار البنزين للأميركيين.
إليك ما يقوله المحللون عن صدمة تغيير إنتاج "أوبك+":
"غولدمان ساكس"
قال محللون من بينهم دان سترويفن وكالوم بروس: "تتمتع (أوبك+) بقوة تسعير كبيرة جداً مقارنة بالماضي.. الخفض المفاجئ يتوافق مع مبدئهم الجديد في التصرف بشكل استباقي لأنهم يستطيعون القيام بذلك دون خسائر كبيرة في حصتهم السوقية".
وأدى هذا، إلى جانب تمديد تخفيضات الإنتاج الروسية، إلى رفع المجموعة القوية في "وول ستريت" العملاقة -"غولدمان ساكس"- توقعاتها لخام برنت إلى 95 دولاراً للبرميل بنهاية العام الجاري من 90 دولاراً في وقت سابق، وإلى 100 دولار في ديسمبر 2024 من 95 دولاراً.
وأضافت "غولدمان" أنه على عكس ما حدث خلال خفض "أوبك+" السابق في أكتوبر، فإن زخم الطلب العالمي على النفط إيجابي في الوقت الحالي وسط انتعاش قوي في الصين وهوامش تكرير مرنة.
"بنك أوف أميركا"
قال فرانسيسكو بلانش، رئيس أبحاث السلع والمشتقات في "بنك أوف أميركا": "أي تغيير غير متوقع بمقدار مليون برميل يومياً في ظروف العرض أو الطلب على مدار عام يمكن أن يؤثر في الأسعار بمقدار يتراوح بين 20 دولاراً و25 دولاراً للبرميل".
وقال البنك الأميركي إن "أوبك" لم تعُد تخشى ردة فعل كبيرة لإمدادات النفط الصخري الأميركي إذا تجاوزت أسعار خام برنت 80 دولاراً للبرميل، لذا فإن خفض الأحجام لدفع أسعار النفط إلى الأعلى لا يحمل نفس المخاطر التي كان عليها قبل خمس سنوات".
وقال إنه لا يزال من غير الواضح مقدار التخفيضات الفعلية في حجم الإنتاج، بالنظر إلى أن "أوبك" فشلت تاريخياً في التنفيذ الكامل للتخفيضات المتفق عليها. حافظ "بنك أوف أميركا" على توقعاته لخام برنت عند مستوى فوق 90 دولاراً للبرميل في النصف الثاني من العام.
"سيتي غروب"
قال محللون في "سيتي غروب"، ومن بينهم إد مورس وفرانشيسكو مارتوتشيا: "استعادت (أوبك+) منصبها الذي جرى التخلي عنه مؤخراً بأن تصبح (محافظ البنوك المركزية للنفط).
بالنظر إلى تحركات الأموال المدارة المنخفضة للغاية، وانخفاض أعداد العقود المفتوحة وكذلك التقلبات، يمكن للأسواق أن تتوقع قفزة هائلة للأسعار تماماً مثلما أدى تشديد بنك الاحتياطي الفيدرالي والاضطراب المصرفي إلى انخفاض الأسعار قبل أسبوعين بصورة غير متماثلة مع الحدث".
"آر بي سي كابيتال"
قد يؤدي الخفض المفاجئ من قبل "أوبك+" إلى خفض فعلي يبلغ نحو 700 ألف برميل يومياً في الإنتاج على الرغم من أن الرقم المعلن يبلغ نحو 1.65 مليون برميل يومياً، وفقًا لمحللي "آر بي سي"، بما في ذلك حليمة كروفت وكريستوفر لوني.
ومع ذلك، يمكن قراءة هذه الخطوة على أنها إشارة إلى أن المملكة العربية السعودية وشركاءها في "أوبك" سوف يسعون إلى كبح عمليات البيع المفرطة. وقالوا إنّ السعوديين أعربوا عن مخاوف واضحة بشأن الإجراءات التشديدية من مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وعدم اليقين الكلي، وما يُنظر إليه على أنه تحيز هبوطي مفرط في السوق.
"إيه إن زد غروب"
قال دانييل هاينز، كبير محللي السلع في "إيه إن زد غروب هولدنغ"، على تليفزيون "بلومبرغ" إن احتمال الوصول إلى 100 دولار قبل نهاية العام "زاد بالتأكيد بعد هذه الإجراءات".
وقال: "مثل بقية السوق، فوجئت تماماً بهذه الخطوة.. هذا الإجراء يرسل إشارة قوية جداً إلى السوق بأنهم سيدعمون الأسعار".
"كومنولث بنك أوف أستراليا"
قال فيفيك ضار، مدير سلع الطاقة والتعدين في بنك الكومنولث الأسترالي، إنّ التخفيضات المعلنة من "أوبك+" ستصل إلى نحو 1.1% من الإمدادات العالمية في الشهرين المقبلين ونحو 1.6% من الإمدادات العالمية في النصف الثاني من هذا العام.
وأضاف أن الدول الثماني التي تخطط لخفض لإنتاج لديها القدرة على القيام بذلك. وقال ضار: "لذلك نحن نتحدث عن مليون برميل يومياً خارج السوق يمكن أن تكون حقيقة واقعة.. يجب أن ينتبه الناس إلى هذه التخفيضات لأنه يمكن تحقيقها بالفعل".
"سكاندينافيسكا إنسكيلدا بانكين"
قال بيارن شيلدروب، كبير محللي السلع في "SEB": "من السهل تحقيق مستهدف الخفض عندما يكون هناك خطر محدود لفقدان حصة من السوق لصالح النفط الصخري الأميركي، خصوصاً مع تباطؤ النمو هناك.. مزيد من القوة السوقية لـ"أوبك+" وارتفاع أسعار النفط هي النتيجة الطبيعية لتلاشي نمو النفط الصخري".
وقال إنّ التخفيضات ستساعد في إعادة خام برنت إلى مستوى 100 دولار للبرميل بشكل أسرع مع انتعاش الطلب العالمي على وقود الطائرات.
وقال شيلدروب: "لقد جادلنا في السابق بأن (أوبك) لديها كثير في جعبتها من حيث الإمكانيات غير المستخدمة حتى الآن لمزيد من التخفيضات في الإنتاج. ولا يزال هذا صحيحاً حتى بعد التخفيضات الأخيرة، والنتيجة هي أنه توجد مخاطر محدودة لانخفاض الأسعار".
"فاندا إنسايتس"
قالت فاندانا هاري، مؤسِّسة شركة الاستشارات النفطية "فاندا إنسايتس" ومقرها سنغافورة: "هذه الخطوة لقد تدفع السوق إلى عجز في الربع الثاني، مقابل التوقعات السابقة بفائض".
وأضافت أن "الأسعار المرتفعة قد تقلص بعض الطلب على النفط الخام، كما تؤدي إلى تفاقم التضخم العنيد الذي تحاول البنوك المركزية مكافحته، مما يزيد مخاطر الركود".