قال رئيس أكبر شركة توظيف في صناعة التعدين الحيوية بجنوب أفريقيا، إن المستثمرين فقدوا الثقة في حكومة البلاد وأوقفوا ضخ الاستثمارات رغم توافر مجموعة كبيرة من الفرص.
أدى انقطاع التيار الكهربائي على مدار أكثر من 200 يوم خلال 2022، وبقاء الوضع على حاله يومياً حتى الآن منذ مطلع العام الجاري، إلى إضعاف الثقة، بالإضافة إلى الأداء الضعيف لمرفق النقل الحكومي وعدد كبير من المشكلات الأخرى.
قال نيل فرونمان، الرئيس التنفيذي لشركة "سيباني-ستيلووتر" ( Sibanye Stillwater Ltd) إن التعهدات بإقرار إصلاحات لتحفيز لم تسفر عن شيء.
أوضح "فرونمان" في مقابلة الأسبوع الماضي: "يوجد الكثير من الفرص الاستثمارية لدينا، وكذلك أمام بقية الشركات للاستثمار في جنوب أفريقيا، حال تغيرت الظروف، وتوافرت الكهرباء وتم إرساء سياسات واضحة، خاصة إذا كانت صديقة للبيئة بدرجة أكبر".
وتابع:" الشركات في جنوب أفريقيا توقفت عن ضخ استثمارات جديدة لحين تحسن الأمور".
كما أثار الفساد والجريمة والرسائل المختلطة الصادرة عن وزراء الحكومة حول مدى سرعة انتقال البلاد إلى استخدام الطاقة النظيفة، الانتقادات من جانب كبار رجال الأعمال. واقتصرت الاستثمارات بشكل أساسي على استمرار أداء الشركات القائمة بدلاً من توسيع عملياتها.
شكل نشاط التعدين 4% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022، وبلغ عدد العاملين به نحو 476 ألف شخص وأنتج ما قيمته 878 مليار راند (50 مليار دولار) من الصادرات، وفقاً لمجلس المعادن في جنوب أفريقيا، الذي يمثل معظم شركات التعدين العاملة في البلاد.
البطالة في جنوب أفريقيا
نتيجة للمشكلات التي حددها "فرونمان"، فإن معدلات النمو الاقتصادي ضعيفة، إذ توقع خبراء اقتصاديون شملهم مسح أجرته "بلومبرغ" أن يحقق الاقتصاد نمواً بنسبة 1.2% خلال 2023، فيما يُعدّ معدل البطالة البالغ 32.9%، من بين أعلى المعدلات في أكثر من 80 دولة تتبعها "بلومبرغ".
قال "فرونمان": "المستثمرون ينظرون بشكل سلبي للغاية تجاه جنوب أفريقيا.. بعدما فقدوا الثقة في الحكومة".
أحال فينسينت ماجوينيا، المتحدث باسم رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، الاستفسارات إلى وزارة الموارد المعدنية والطاقة.
في حين أن الوزارة لم ترد فوراً على الاستفسارات، أقر وزير التعدين والطاقة غويدي مانتاشي بتأثير انقطاع التيار الكهربائي ومشكلات النقل على الصناعة في خطاب ألقاه أمام مؤتمر إندابا للاستثمار في التعدين بأفريقيا بكيب تاون أمس الإثنين.
تعمل شركات التعدين، وهي من بين أكبر الجهات المستخدمة للكهرباء في البلاد، على تقليص بعض الأنشطة.
ذكر "فرونمان" أن انقطاع التيار الكهربائي ربما يؤدي إلى خفض إنتاج جنوب أفريقيا من معادن مجموعة البلاتين 10% بنهاية العام الماضي، وقد ينخفض الإنتاج هذا العام بمقدار الخمس. تمثل جنوب أفريقيا نحو 70% من إنتاج البلاتين في العالم ونحو 40% من إجمالي البلاديوم والمعادن التي تُستخدم في المحفزات الآلية التي تحد من انبعاثات المركبات.
توظف "سيباني-ستيلووتر" التي تم فصلها عن "غولد فيلدز" ( Gold Fields Ltd) في عام 2013، نحو 85 ألف شخص بما في ذلك الأشخاص الذين يعملون في عملياتها بالولايات المتحدة.
منذ تأسيسها، قام "فرونمان" بتنويع أعمال الشركة من خلال شراء عمليات البلاتين والنيكل والليثيوم في زيمبابوي وأوروبا والولايات المتحدة.
قال إن شركات التعدين معرضة في الوقت الحالي لخطر إغلاق بعض الأنشطة غير المربحة في جنوب أفريقيا، مما قد يؤدي إلى خفض الوظائف.
أضاف الرئيس التنفيذي، مستخدما المصطلحات المحلية لحالات انقطاع التيار الكهربائي: "بعض الأعمدة هامشية للغاية وأعتقد أن التخلص من الأحمال قد يتسبب في انقلابها".
أوضح أنه من غير المحتمل حسم التحديات التي تواجه شركة الكهرباء الوطنية "إسكوم هولدينغز سوك" ( Eskom Holdings SOC Ltd)، وشركة السكك الحديدية واللوجستيات المملوكة للدولة "ترانس نت سوك" ( Transnet SOC Ltd) قريباً.
انخفض وصول الفحم إلى ميناء التصدير الرئيسي لأدنى مستوى له منذ 30 عاماً خلال 2022 بسبب الأداء الضعيف لشركة "ترانس نت"، وهبط بشكل أكبر منذ بدء 2023، وفقاً لأشخاص مطلعين على الوضع.
طالب مجلس المعادن في ديسمبر 2022 بإقالة مجلس إدارة "ترانس نت"، وفقاً لتقرير نشره موقع "نيوز24" الإخباري بجنوب أفريقيا، والذي استشهد برسالة أرسلها المجلس إلى رئيس الشركة. رفضت "ترانس نت" ومجلس المعادن التعليق على الرسالة.
قال "فرونمان"، مشيرا إلى أداء "ترانس نت" المتعثر: "كل المسارات معطلة.. لا ترى أي أمر يشهد تغيير.. أؤيد تماماً نهج مجلس المعادن".
ردّد دنكان وانبلاد، الرئيس التنفيذي لشركة "أنغلو أميركان" ( Anglo American Plc)، المخاوف التي أثارها الرئيس التنفيذي لشركة "سيباني-ستيلووتر"، خلال خطاب ألقاه في مؤتمر إندابا للتعدين في كيب تاون.
تمتلك " أنغلو أميركان" عمليات لإنتاج خام الحديد والبلاتين والماس في جنوب أفريقيا.
قال إن: "الفساد -والجريمة الناجمة عنه- بمثابة سرطان ينخر في عظام الاقتصاد بأكمله على نطاق مروع".
أضاف: "أن التقدم المتحقق في توفير الطاقة جاء في وقت متأخر جداً من اليوم لدرجة أن النظام أخفق بالفعل".
بحسب "فرونمان" فإن الأداء الضعيف للاقتصاد قد يكلف حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم، خسارة السلطة عقب إجراء الانتخابات العامة المرتقبة في 2024، حال الاستمرار في "العمل لصالح الحزب بدلاً من المصلحة الوطنية".
أضاف: "إنهم يشاركون لكنهم غير قادرين على تنفيذ أي من الأمور الضرورية لتغيير الوضع الحالي… سيرددون الكلام الذي نود أن نسمعه لكنني لا أعتقد أنهم مخلصون في إحداث تغيير".
