صادرات النفط الروسية تنهار مع سريان العقوبات

صورة جوية لموقع لتخزين ومناولة النفط في روسيا - المصدر: بلومبرغ
صورة جوية لموقع لتخزين ومناولة النفط في روسيا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

انهارت شحنات النفط الخام الروسي المنقولة بحراً في أول أسبوع من تطبيق عقوبات مجموعة السبع التي تستهدف إيرادات موسكو النفطية، ما يشكّل مصدراً محتملاً لقلق الحكومات حول العالم الساعية لتجنب اضطرابات برنامج التصدير الروسي الهائل.

جرى تضخيم جزء من هذه الانخفاضات بسبب العمل في ميناء على بحر البلطيق، والذي تم الانتهاء منه الآن. وهناك أيضاً على ما يبدو تناقص في عدد مُلاك السفن الراغبين في حمل الشحنات الرئيسية من أحد موانئ التصدير في آسيا. كذلك، أظهر العديد من الموانئ الأخرى انخفاضات أسبوعية. يجب التعامل مع البيانات بحذر، حيث تتأثر التدفقات الأسبوعية تأثراً كبيراً بتوقيت جدول الشحن والطقس، وحتى جودة الإشارات التي ترسلها السفن نفسها.

تهدف العقوبات الأوروبية التي بدأ تطبيقها في 5 ديسمبر لتقييد إيرادات روسيا من بيع النفط. من ناحية، توقفت الكتلة عن الشراء، بجانب منع تقديم الخدمات الرئيسية التي يحتاجها النفط ليتم نقله. طالبت الولايات المتحدة، مدفوعة بالقلق من شدة الإجراءات، بتخفيف الإجراءات مع تطبيق سقف السعر، وإتاحة هذه الخدمات، خاصة التأمين، للمشترين حول العالم عندما يدفع التجار نحو 60 دولاراً أو أقل لبرميل النفط الروسي.

لكن في الأسبوع الأول بعد سريان حظر الاتحاد الأوروبي واردات الخام الروسي المنقول بحراً، هبط إجمالي الكميات المشحونة من روسيا بمقدار 1.86 مليون برميل يومياً، أي بنسبة 54%، ليصل إلى 1.6 مليون برميل. انخفض أيضاً متوسط الأربع أسابيع الأقل تقلباً ليسجل مستوى قياسياً جديداً لهذا العام. يُتوقع أن تتعافى معدلات الشحن من بحر البلطيق مع انتهاء العمل، لكن المشكلات في الشرق ربما تحتاج إلى وقت أطول ليتم حلها.

تُعطل أعمال الصيانة عمليات الشحن في الميناء الرئيسي بمدينة بريمورسك. فقد انخفضت من المعدل الطبيعي البالغ ثماني شحنات، إلى 3 فقط في الأسبوع المنتهي يوم 16 ديسمبر.

في المحيط الهادئ، انخفضت معدلات تدفق خام إسبو الروسي، (التسمية نسبة إلى خط الأنابيب الذي ينقل النفط من سيبيريا) القادمة من ميناء كوزمينو لتصل إلى ناقلتين يومياً في الأسبوع المنتهي في 16 ديسمبر. يشكّل هذا هبوطاً عن متوسط ثماني ناقلات أسبوعياً خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

في ظل بيع خام إسبو بسعر يفوق سقف السعر 60 دولاراً للبرميل المحدد من قبل مجموعة السبع، سحب اثنان على الأقل من مُلاك الناقلات الكبرى سفنهم من المسار الملاحي. تفقد السفن التأمين المعترف به دولياً عليها في حال نقلت شحنات مشتراة بما يفوق سقف السعر.

صعوبات عديدة

سيتعافى النقل من ميناء كوزمينو، بشكل جزئي على الأقل، في الأسبوع المنتهي في 23 ديسمبر، مع تحميل ثلاث سفن بالفعل ورسو سفينتين أخريين في منتصف المدة إلى نهاية الأسبوع. لكن قد تبقى أحجام الشحنات غير منتظمة مع وجود أسطول أصغر من السفن.

بدأ الحظر الأوروبي على واردات الخام الروسي المنقول بحراً في 5 ديسمبر، وتسبب في إغلاق أقرب أسواق النفط إلى روسيا، والذي استحوذ على نحو نصف إمدادات البلاد في بداية العام. فكما كان مخططاً، انقطعت الإمدادات البحرية من النفط الروسي إلى الاتحاد الأوروبي بالكامل، عدا كمية صغيرة تم تسليمها إلى بلغاريا.

خلق الحظر، بحانب سقف السعر المرتبط به، صعوبات لشركات الشحن الساعية لنقل الخام من البحر الأسود إلى البحر المتوسط، مع طلبات تركيا لتأكيدات محددة بشأن التأمين، قبل السماح للسفن بالعبور من مضيقي البوسفور والدردنيل.

في البداية، كانت شركات التأمين مترددة في تقديم الضمانات التي طلبتها أنقرة، ما أدى لتأخير طويل للسفن الراغبة بدخول المضائق التركية، ما أدى أيضاً إلى احتجاز ناقلات الخام الكازاخستاني أيضاً، بما في ذلك مزيج "سي بي سي" المعفى تماماً من العقوبات. بدأ تراكم السفن في التلاشي بعد أن حُلت الأزمة بين شركات التأمين والسلطات التركية.

ارتفاع أسعار الشحن

هناك أيضاً تعقيدات بين كيفية التداول الفعلية للنفط الروسي والممارسات العملية لتطبيق سقف السعر، وهي أمور تثير قلق بعض التجار. فقد أسهمت المسافات الطويلة المقطوعة لنقل النفط إلى آسيا من موانئ روسيا الغربية في رفع أسعار الشحن، ما ساهم في تراجع أسعار خام الأورال الرئيسية في البلاد دون سقف السعر.

تمثل الصين، والهند، وتركيا المشترين الرئيسيين الوحيدين للإمدادات الروسية بعد العقوبات. وخلال الأسابيع الأربعة المنتهية في 16 ديسمبر، انخفض حجم الخام المتجه بحراً إلى الدول الثلاث وكذلك النفط المنقول بسفن لم تستقر على وجهة نهائية بعد، إلى متوسط 2.53 مليون برميل يومياً.

تمثل هذه الكمية أكثر من أربعة أضعاف ما شُحن في الأسابيع الأربعة السابقة لغزو أوكرانيا في أواخر فبراير. لكنها أول مرة تشهد انخفاض الكمية في الأسابيع الخمسة الأخيرة. كما انخفضت الإيرادات النفطية لروسيا.

أصبحت الناقلات المحملة بالخام الروسي أكثر حذراً فيما يتعلق بوجهتها النهائية. حقق حجم الخام المنقول عبر السفن المغادرة لبحر البلطيق وتتجه نحو ميناء بورسعيد أو قناة السويس في مصر قفزة ليصل إلى 686 ألف برميل يومياً، طبقاً لحسابات متوسط أربعة أسابيع. يُرجّح أن ترسل عدة سفن إشارات إلى الموانئ الهندية بمجرد عبورها القناة. كما أن هناك ازدياد في عدد الشحنات المتجهة إلى الإمارات العربية المتحدة.

تدفقات النفط الخام طبقاً للوجهة

هبط إجمالي الصادرات المنقولة بحراً 266 ألف برميل يومياً على أساس متوسط أربعة أسابيع. وتوقفت الشحنات المتجهة إلى أوروبا تقريباً، فيما انخفضت الشحنات المتجهة إلى آسيا أيضاً.

تستثني كافة الأرقام الشحنات المصنفة باعتبارها خام كيبكو القادم من كازاخستان. هذه الشحنات لشركة "كاز ترانس أويل" (KazTransoil JSC) التي تستخدم روسيا للنقل من خلال ميناءي أوست-لوغا ونوفوروسيسك.

يتم مزج براميل الخام الكازاخستاني مع خام روسي الأصل لصنع درجة متجانسة بغرض التصدير. ومنذ الغزو الروسي لأوكرانيا، أعادت كازاخستان تسمية شحناتها لتمييزها عن شحنات الشركات الروسية. وشحنات الخام العابر (ترانزيت) معفاة بشكل خاص من العقوبات الأوروبية.

أوروبا

انخفضت صادرات النفط الخام الروسي المنقول بحراً إلى الدول الأوروبية إلى 146 ألف برميل يومياً في الـ28 يوماً السابقة لتاريخ 16 ديسمبر. هذه الأرقام لا تشمل الشحنات المتجهة إلى تركيا. وكانت بلغاريا الوجهة الأوروبية الوحيدة التي تحصل على النفط.

نفد الخام كلياً من السوق التي استهلكت أكثر من 1.5 مليون برميل يومياً من الخام المنقول لمسافات قصيرة من موانئ التصدير في بحر البلطيق والبحر الأسود والقطب الشمالي. وتم استبدال هذه السوق بأخرى بعيدة في آسيا، وأكثر كلفة وتستغرق وقتاً أطول لخدمتها.

لم يصل أي خام روسي إلى دول شمال أوروبا في الأسابيع الأربعة حتى 16 ديسمبر.

تستمر الصادرات إلى دول البحر الأبيض المتوسط في الانخفاض، حيث تراجعت إلى مستوى 136 ألف برميل يومياً في متوسط الأربعة أسابيع حتى 16 ديسمبر، مسجلة معدلاً قياسياً منخفضاً جديداً لهذا العام حتى الآن. وتستمر التدفقات في الهبوط للأسبوع السادس على التوالي.

كانت تركيا الوجهة الوحيدة على البحر المتوسط للخام الروسي المنقول بحراً. رغم ذلك تستمر معدلات التدفق في الانخفاض مسجلة أدنى مستوى منذ يونيو على أساس متوسط أربعة أسابيع. وكانت الشحنات للبلاد في الأسابيع الأربعة حتى 16 ديسمبر تعادل نصف المستويات المسجلة في بداية نوفمبر. ويُتوقّع أن تستمر تركيا في لعب دور الوجهة المهمة بالنسبة للخام الروسي في الفترة القادمة.

بالنسبة لبلغاريا، الوجهة الوحيدة لروسيا في سوق خام البحر الأسود، فقد تراجعت التدفقات إليها من أعلى مستوى مسجل منذ سبعة أسابيع، لتصل إلى 146 ألف برميل يومياً. حصلت بلغاريا على إعفاء جزئي من الحظر الأوروبي، وهذا من شأنه دعم التدفقات بعد دخول الحظر حيز التنفيذ.

آسيا

الشحنات المتجهة إلى عملاء روسيا الآسيويين على مدى أربعة أسابيع، إضافة إلى الشحنات الموجودة على الناقلات مجهولة الوجهة والتي قد ينتهي بها المطاف في الهند أو الصين، تراجع متوسطها من أعلى مستوياته في الأسبوع الماضي، لكنها ظلت قريبة من 2.3 مليون برميل يومياً.

حملت السفن ما يزيد عن 580 ألف برميل يومياً متجهة إلى بورسعيد أو السويس، أو التي تم بالفعل أو يُتوقع نقلها من سفينة إلى أخرى قبالة ميناء يوسو في كوريا الجنوبية. عادةً ما تنهي هذه السفن رحلاتها في موانئ الهند.

الأحجام "غير المعروفة"، التي تصل إلى 104 آلاف برميل يومياً في الأسابيع الأربعة حتى 16 ديسمبر، موجودة على ناقلات تتجه إلى جبل طارق أو مالطا أو وجهتها مجهولة. تتجه معظم هذه الشحنات لعبور قناة السويس، لكن قد ينتهي المطاف بالبعض منها في تركيا.

السفن التي تريد أن تبقى متمتعة بالتأمين الدولي، يجب عليها -قبل 19 يناير- تسليم الشحنات المتجهة إلى آسيا والمشتراة بسعر يزيد عن 60 دولار للبرميل عند نقاط التحميل. أي شحنات مخالفة بعد ذلك التاريخ ستحتاج ترتيبات تأمينية بديلة.

التدفقات وفقاً لجهة التصدير

تراجعت التدفقات الإجمالية من الخام الروسي بحدة، حيث هبطت بمقدار 1.86 مليون برميل يومياً، أي بنسبة 54% في الأيام السبعة حتى 16 ديسمبر، ما يشكّل أدنى مستوياتها لهذا العام. كانت الشحنات أقل من الموانئ في جميع المناطق الأربع، بحر البلطيق، والبحر الأسود، والقطب الشمالي، والمحيط الهادئ. هذه الأرقام تستثني الأحجام من أوست-لوغا ونوفوروسيسك المحددة على أنها درجة كيبكو في كازاخستان.

إيرادات الصادرات

انهارت إيرادات النفط الروسية بقيمة 77مليون دولار، أو 54%، لتصل إلى 66 مليون دولار في الأيام السبعة حتى 16 ديسمبر. كما انخفض متوسط الدخل لأربعة أسابيع بـ11 مليون دولار إلى 112 مليون دولار. سجلت عائدات رسوم التصدير أدنى مستوى لها لهذا العام.

بلغ معدل الرسوم في ديسمبر 5.91 دولار للبرميل، بناءً على متوسط سعر خام الأورال البالغ 71.1 دولار للبرميل، طبقاً للبيانات الصادرة عن وزارة المالية الروسية. معدل الرسوم سينخفض بنسبة 62% في يناير ليصل إلى 2.28 دولار للبرميل، وهو المستوى الأدنى منذ يونيو 2020، عندما تضررت أسعار النفط نتيجة لأزمة كوفيد-19.

مع ذلك، يرجع الانخفاض جزئياً إلى تغيير في المعادلة المستخدمة لحساب الرسوم لعام 2023، مع ابتعاد الدولة عن فرض الضرائب على الصادرات وتحويل العبء إلى الإنتاج كجزء من مناورتها الضريبية لسنوات. ستشهد الخطة إلغاء ضرائب التصدير كلياً بحلول عام 2024.

التدفقات من المنشأ إلى الموقع

أظهرت بيانات تتبع السفن وتقارير وكلاء الموانئ أن 15 ناقلة فقط شحنت 11.2 مليون برميل من النفط الخام الروسي في الأسبوع المنتهي في 16 ديسمبر. وهذا أقل بمقدار 13 مليون برميل، أو 54%، عن الأسبوع الذي يسبقه. تتحدد الوجهات طبقاً لإشارات السفن بمكان اتجاهها وقت التسجيل، والبعض سيغير حتماً وجهته أثناء الرحلة. كافة الأرقام لا تشمل الشحنات المحددة كخام كيبكو الكازاخستاني.

من البلطيق

هبط إجمالي كميات الخام الروسي المنقول بحراً من موانئ بحر البلطيق بنسبة 42%، وهو أدنى كمية أسبوعية خلال العام الحالي.

كذلك، تراجعت التدفقات من ميناء بريمورسك لما يصل إلى ثلاثة ناقلات فقط. يشير النقص في برنامج الشحن في الميناء، والذي يطابق برامج مماثلة في الأعوام السابقة، إلى أن الصيانة في محطة التصدير قد تكون مسؤولة عن الانخفاض.

من ميناء نوفونوروسيسك إلى البحر الأسود

انخفضت الشحنات المتجهة من ميناء نوفونوروسيسك إلى البحر الأسود إلى أقل مستوى لها خلال أربعة أسابيع بعد طفرة الأسبوع الماضي. كان هناك ناقلتان فقط تحملان الخام الروسي في الميناء خلال الأسبوع المنتهي في 16 ديسمبر.

من القطب الشمالي

تراجعت شحنات القطب الشمالي من أعلى مستوى سُجل في خمسة أسابيع في الأسبوع المنتهي في 16 ديسمبر، حيث غادرت سفينتان فقط ميناء مورمانسك خلال الأسبوع، وكلاهما متجهتان إلى آسيا عبر قناة السويس.

من المحيط الهادئ

تراجعت الشحنات من المحيط الهادئ إلى أقل مستوياتها هذا العام. ويبدو أن شركات الشحن تعاني لإيجاد سفن ترغب في نقل البضائع التي يزيد سعرها عن سقف 60 دولاراً الذي حددته مجموعة السبع. تم تحميل أربع ناقلات فقط في محطات المحيط الهادئ الروسية، مع تحميل اثنتين فقط من خام إسبو في كوزمينو، انخفاضاً من المعدل الطبيعي البالغ ثماني أو تسع سفن تغادر الميناء أسبوعياً.

كافة الشحنات المتجهة إلى وجهات مجهولة موجودة على متن سفن متجهة إلى ميناء يوسو في كوريا الجنوبية، حيث يُحتمل إجراء عمليات نقل من سفينة إلى أخرى خارج الميناء، كما فعلت الناقلات السابقة، أو على متن سفن أخذت بالفعل الشحنات بهذه الطريقة.

كذلك، نُقلت جميع شحنات خام سوكول المحملة منذ استئناف الشحنات في أكتوبر بهذه الطريقة. في البداية، نقلتهم السفن المستقبلة إلى موانئ في الهند والصين. في الآونة الأخيرة، ظلت تلك الشحنات راسية قبالة الميناء، أو انتقلت جنوباً إلى جوهور في ماليزيا للرسو هناك. تُعدّ المنطقة مساحة شهيرة لتبادل شحنات الخام بين السفن.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك