مع حلول فصل الشتاء، لا يزال ثلث محصول الذرة في أوكرانيا موجوداً في الحقول، مما يزيد الضغط على قطاع الزراعة الحيوي.
تعرّض المزارعون لسلسلة من العقبات: هطول الأمطار بمعدلات قياسية في الخريف مما أدى إلى جعل الحقول موحلة، كما أدت الحرب إلى انخفاض مقدار ما يمكن للمزارعين جنيه مقابل سلعهم، وحدّت الضربات التي استهدفت البنية التحتية للبلاد من توافر الكهرباء اللازمة لتجفيف الحبوب المبللة.
في حين تم كبح الصادرات بسبب الغزو الروسي، تظل أوكرانيا رابع أكبر دولة مصدرة للذرة في العالم، ولها تأثير كبير على الإمدادات العالمية. لا يزال من الممكن جمع الحبوب في الربيع، على الرغم من أن آفاق الجودة والكمية آخذة في الانحسار.
الطقس والحرب
قال بيترو ميلنيك، الرئيس التنفيذي لـ"أغريكوم غروب" (Agricom Group) للأعمال الزراعية، الأسبوع الماضي عبر الهاتف: "ربما لدي 90% من كل ما أملكه من الذرة في الحقل الآن الذي هو بالفعل مغطى بالثلوج... طيلة شهر سبتمبر وثلثي أكتوبر، لم أستطع الحصاد بسبب الطقس".
خفضت وزارة الزراعة الأميركية توقعاتها لمحصول الذرة الأوكرانية إلى 27 مليون طن يوم الجمعة، بانخفاض يبلغ 4.5 مليون طن، مشيرة إلى أمطار الخريف القاسية في ثلاثة أقاليم رئيسية. سيكون ذلك أدنى مستوى للمحصول في خمس سنوات. بينما كانت توقعات الأمم المتحدة أقل من ذلك، إذ تصل إلى 24 مليون طن.
قالت الشركة المتخصصة في تحليل البينات الزراعية "يوكراغرو كونسالت" (UkrAgroConsult) التي يقع مقرها في كييف في مذكرة إن الحصاد يتقدم بسرعة "بطيئة قياسية"، إذ تظهر البيانات الحكومية أنه حتى يوم الثلاثاء، لم يتم حصاد سوى 34%، بحسب "يوكراغرو كونسالت".
ترك المزارعون الذرة في الشتاء في المواسم الماضية. لكن مع ذلك، عادة ما يتم جمع الجزء الأكبر بحلول ديسمبر. قد يؤدي هطول المزيد من الثلوج والأمطار خلال الأسبوعين المقبلين إلى تأخير العمل في الحقول حتى عام 2023.
انقطاع التيار الكهربائي
تقول مونيكا توثوفا، الخبيرة الاقتصادية في "منظمة الأغذية والزراعة" التابعة للأمم المتحدة، إن الطقس الممطر عزز الحاجة إلى تجفيف الحبوب قبل تخزينها بشكل صحيح. لكن ذلك كان معقداً- وزاد التكلفة- حيث أدت الهجمات الروسية على البنية التحتية الأوكرانية إلى حدوث انقطاعات للتيار الكهربائي في جميع أنحاء البلاد، مما يجعل من الصعب تشغيل المرافق الزراعية باستمرار.
بدورها تقول تيتيانا ألافيردوفا، المديرة التجارية في شركة الزراعة "هارف إيست" (HarvEast)، إن معظم الذرة تحتوي على نسبة رطوبة تبلغ نحو 25%، مقابل 18-20% في المعتاد. وتأمل أن ينتهي حصاد محصولهم في فبراير، وهو سيكون آخر حصاد للشركة على الإطلاق. وتضيف أن التأخيرات يمكن أن تقلل الغلة، وتهدد بحدوث مشكلات في الجودة مثل الفطريات المغزلاوية.
بينما يقول ميلنيك إنه أكثر قلقاً بشأن فول الصويا، الذي لم يحصده أبداً خلال الشتاء.
حثت "جمعية الحبوب الأوكرانية" الحكومة على إعطاء أولوية للكهرباء للصوامع لمنع تلف الحبوب ومساعدة تمويل المزارعين. فوفقاً لشركة الأبحاث الزراعية "إيه بي كيه-إنفورم" (APK-Inform)، أضافت المخاطر العسكرية والقيود المرتبطة بالعمالة إلى التحديات التي يواجهها الحصاد.
يؤثر التباطؤ الاقتصادي على مصدر رئيسي للدخل بالنسبة لقطاع الزراعة في أوكرانيا، الذي تكبد بالفعل أكثر من 4 مليارات دولار من الأضرار الناجمة عن الحرب. تعتبر الذرة هي أكبر محصول تزرعه وتشحنه البلاد من حيث الحجم.
قال نائب الوزير تاراس فيسوتسكي في أواخر نوفمبر إن وزارة الزراعة الأوكرانية تتوقع أن ينتهي المزارعون من الحصاد في غضون عدة أشهر. وفقاً للمزارع أولكسندر بيريتياتكو، يبتكر المزارعون المحليون حلولاً للتعامل مع انقطاع الكهرباء، مثل استخدام مولدات الوقود أو حتى الخشب لتجفيف الحبوب.
أسعار منخفضة
لكن أسعار المحاصيل المحلية ضعيفة، يرجع ذلك جزئياً إلى ارتفاع التكاليف اللوجستية، ما يحمل المزارعين خسائر كبيرة، وفقاً لوزارة الزراعة. كما تعني مصاعب الحصاد أن المزارعين لا يستطيعون تحضير التربة لفصل الربيع كالمعتاد. وتتوقع الوزارة أن تنحسر زراعة الذرة في عام 2023، بينما تتوسع البذور الزيتية.
ذكرت توثوفا من الأمم المتحدة عبر البريد الإلكتروني: "ليس من غير المألوف أن يستمر حصاد الذرة حتى يناير... لكن من المرجح أن تطغى العقبات، خاصة تلك المتعلقة بالكهرباء".