تضررت عائدات النفط الروسية أخيراً إثر فرض دول الاتحاد الأوروبي حظراً شبه كامل على وارداتها من الخام الروسي. كانت المخاوف من توفير هذه العائدات مكاسب غير متوقعة للكرملين لتمويل حربه في أوكرانيا مثيرة للارتباك.
تخشى الإدارة الأميركية ارتفاع أسعار النفط إثر فرض الاتحاد الأوروبي عقوباته على الخام الروسي المنقول بحراً، التي دخلت حيز التنفيذ الاثنين الماضي. كان الأمر المثير للقلق بشكل خاص يتمثل في حظر توفير السفن والخدمات مثل تأمين وتمويل الشحنات الروسية التي تنتقل إلى أي مكان في العالم.
اقترحت الولايات المتحدة سقفاً لسعر الصادرات الروسية لتخفيف حدة تأثير تلك العقوبات. من المقرر إعفاء الشحنات المشتراة بسعر أقل من سقف السعر، المحدد في النهاية عند 60 دولاراً للبرميل، من حظر الشحن والخدمات. لكن يبدو أنه لا حاجة للقلق، على الأقل حتى الآن.
اقرأ أيضاً: سقف أسعار النفط لن يؤثر في ميزانية حرب بوتين
جرى شحن آخر براميل النفط الروسي إلى مواني أوروبا. فقدت موسكو سوقاً مجاورة لأكثر من 1.5 مليون برميل يومياً، ويبدو أنها لن تتمكن من بيع 500 ألف برميل أخرى يومياً بحلول نهاية العام إذا نفذت بولندا وألمانيا تعهداتهما بوقف واردات خطوط الأنابيب.
مع ذلك، تراجعت أسعار النفط من مستوياتها المرتفعة. فبحلول يوم الجمعة، وهو اليوم الخامس من حظر الاستيراد، جرى تداول خام برنت القياسي دون 77 دولاراً للبرميل، وانخفض لفترة وجيزة إلى ما دون 76 دولاراً. وهذا أقل بأكثر من 14% عن المستويات المرتفعة المسجلة يوم الاثنين الماضي بعد بدء تنفيذ العقوبات.
الكرملين: روسيا لن تقبل بسقف 60 دولاراً لنفطها
انخفضت الأسعار التي تجنيها روسيا مقابل شحناتها من النفط الخام بشكل أكثر. كانت شحنات تصدير خام الأورال الروسي الرئيسي تتداول بسعر يزيد قليلاً على 40 دولاراً للبرميل في مواني بحر البلطيق في البلاد، التي تظل أكبر منفذ لخامها. هذا يتعلق بالمستوى المحدد باعتباره تكلفة التعادل للإنتاج وأقل بكثير من سقف السعر البالغ 60 دولاراً للبرميل المفروض بجانب حظر الاستيراد في الاتحاد الأوروبي.
تجلت الأهمية المستمرة لمواني بحر البلطيق الروسية حتى بعد أن أظهر فقدان السوق الأوروبية عدم قدرة البلاد على إعادة توجيه تدفقات النفط. يُعَدّ خط الأنابيب الوحيد المتجه إلى الصين وميناء التصدير كوزمينو الروسي على ساحل المحيط الهادي ممتلئاً بالفعل، بالتالي فإن الرحلات الطويلة حول أوروبا وعبر قناة السويس هي الطريقة الوحيدة لإيصال الإمدادات إلى آخر أسواق روسيا المتبقية في الصين والهند.
كل ما تريد معرفته عن قرار أوروبا بتحديد سقف أسعار النفط الروسي
تخمة المعروض
إضافة إلى تراجع شحنات النفط الخام، خلقت عقوبات الاتحاد الأوروبي تخمة محلية في تلك الأسواق.
يتنافس الكمّ الهائل من النفط الروسي مع التدفقات القادمة من الموردين التقليديين في الشرق الأوسط، ويجب على البائعين تقديم خصومات كبيرة لتعويض التكلفة المرتفعة للرحلات الطويلة الضرورية لتسليم الشحنات القادمة من بحر البلطيق.
مع ذلك، فإن أوروبا لا تتدافع بحثاً عن النفط الخام. فقد أدى الغزو الروسي لأوكرانيا، الذي عزز معدلات التضخم، بما فيها أسعار الغذاء والطاقة، إلى تقويض الاقتصادات الأوروبية لدرجة أن العالم أصبح بإمكانه التكيف بسهولة مع خسارة البراميل الروسية، على الأقل حالياً.
روسيا تدرس وضع حد أدنى لسعر نفطها رداً على مجموعة السبع
قد تشهد الأشهر المقبلة تغير هذا الأمر، خصوصاً أن الصين تخفف قيود كوفيد، ما قد يشعل في النهاية الطلب على الوقود الذي تعثر بسبب قيود السفر وتباطؤ النشاط الاقتصادي. وهذا سيؤدي إلى تشديد السوق مرة أخرى.
يمكن أن يفرض الاتحاد الأوروبي أيضاً حظراً أكثر دراماتيكية على واردات المنتجات النفطية الروسية المكررة مثل الديزل. هذا قد يؤدي إلى قلب أسواق النفط التي تعاني بالفعل من نقص وقود النقل.
في الوقت نفسه، يهدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بخفض إنتاج النفط رداً على سقف السعر المفروض على نفطه الخام. وقد يجد بوتين أن صناعة النفط تتخذ القرار نيابة عنه إذا لم تستطع بيع نفطها على نحو مثمر.
اقرأ أيضاً: طقس قطبي قارس يضرب أوروبا ويختبر إمدادات الطاقة
تتلقى عائدات الكرملين بالفعل ضربة كبيرة ناتجة عن رسوم تصدير النفط الخام الشهر المقبل، استناداً إلى أسعار الخام منذ منتصف الشهر الماضي، ويمكن أن تنخفض الرسوم المفروضة على البراميل الروسية في يناير إلى أدنى مستوياتها منذ تراجع الإيرادات إثر تفشي كوفيد-19 في أوائل عام 2020.
حتى الآن، العالم كان قادراً على التكيف بشكل جيد مع تحول الخام الروسي من أوروبا إلى آسيا. وبالنسبة إلى التكلفة فإن الكرملين يتحملها كما هو مأمول في العواصم الغربية.