فرضت "مجموعة السبع" يوم الإثنين سقفاً على سعر النفط الروسي. لكنَّ بداية تطبيق هذا الإجراء شابها الخلل.
أدت الخطوة غير المسبوقة من قبل مجموعة من الدول لمحاولة فرض سعر محدد تبيع وفقاً له دولة سلعة ما، إلى ارتباك بين المتداولين، وإلى تهديد بالانتقام من قبل موسكو.
يتطلب الإجراء من أي جهة راغبة في الوصول إلى خدمات "مجموعة السبع" الرئيسية، بما في ذلك التأمين، دفع 60 دولاراً للبرميل أو أقل مقابل النفط الخام الروسي. هذا أعلى بكثير من السعر الذي يتم عنده تداول الخام الروسي الرئيسي حالياً، لكنَّه أقل بكثير من أسعار النفط العالمية.
مع دخول تطبيق هذا السقف يومه الثالث، إليكم النقاط البارزة التي ظهرت منذ أن بدأ العمل به:
الرد الروسي
ما تزال روسيا تدرس خياراتها، لكن إحدى الأفكار المطروحة تتمثل في الرد عبر تطبيق حد أدنى للسعر. هناك طريقتان رئيسيتان للقيام بذلك: إحدهما أن يكون السعر ثابتاً، والأخرى، أن يكون هناك حد أقصى للخصم عن الخامات الدولية القياسية، وفقاً لأشخاص مطّلعين على الأمر.
تأخذ موسكو وقتها في ردها. نظرياً، من شأن وضع روسيا لحد أدنى للسعر يكون أعلى من الحد الأقصى الذي فرضته "مجموعة السبع"، أن يضع التجار وشركات الشحن في مأزق. في مثل هذا السيناريو، سيتعين على أي جهة تشتري من روسيا القيام بذلك دون الوصول إلى السفن الأوروبية أو التأمين القياسي المعتمد في القطاع. سيكون اتخاذ هذه الخطوة أمراً كبيراً بالنسبة إلى روسيا ما لم تكن متأكدة من قدرتها على توفير ناقلات النفط، والتأمين، والخدمات المالية الأخرى اللازمة لإيصال جميع براميلها إلى المشترين.
هبوط الأسعار
كلما انخفضت أسعار النفط الرئيسية، كان بمقدور الولايات المتحدة إثبات حجتها.
جادلت الولايات المتحدة خلال مفاوضات الكتلة بأنَّه لا يمكن السماح لأسعار النفط بالارتفاع، وهو ما تقول إنَّه كان من الممكن أن يحدث في حال طُبّق سيناريو فرض عقوبات "الاتحاد الأوروبي" الأكثر صرامة التي كان قد خُطط لها في السابق، وذلك لأنَّ إمدادات النفط قد تنخفض إذا بدأ تطبيق الحد الأقصى، مما سيرفع التكاليف على الجميع.
من المفترض أن يسمح التصميم الجديد بتدفق النفط الروسي، لكن بسعر غير جذاب بالنسبة إلى موسكو.
في يوم الثلاثاء، تراجعت العقود الآجلة لخام "برنت" إلى ما دون 80 دولاراً للبرميل للمرة الأولى منذ يناير، وهو مستوى أقل بكثير من وقت غزو روسيا أوكرانيا. وقد هبطت أكثر الأربعاء والخميس لتسجل 77.04 دولار للبرميل
بلغ خام الأورال، الخام الرئيسي لروسيا، 45.10 دولار للبرميل في ميناء بريمورسك الواقع على بحر البلطيق يوم الثلاثاء، بينما بلغ سعر خام "إسبو" من آسيا 71.79 دولار، وفقاً لبيانات قدّمتها "أرغوس ميديا" (Argus Media). تضطر روسيا لبيع خام الأورال بخصومات لتغطية تكاليف الشحن المرتفعة، في حين ما يزال عليه أن ينافس خامات أخرى محلية أكثر في آسيا.
هناك أسباب أكثر من تدفقات النفط الروسية لانخفاض الأسعار، لكن يبدو أنَّ الحد الأقصى خفف من المخاوف بشأن فقدان العرض.
ارتباك التجار
هناك مشكلة تتعلق بكيفية عمل السقف، وكيف تعمل تجارة النفط الروسية عملياً. عادةً، إذا اشترى تاجرٌ ما النفط الروسي اليوم؛ فلن تُعرف قيمة تلك الشحنة إلا في المستقبل.
المشكلة التي يواجهها التجار في ذلك - فيما يتعلق بتطبيق الحد الأقصى - هي أنَّهم قد يضطرون إلى دفع سعر يتجاوز الحد الأقصى. في هذا السيناريو، سيصبحون غير مؤهلين لخدمات "مجموعة السبع". هذا هو السبب الذي جعل بعضهم حذراً من شراء البراميل الروسية.
العقدة التركية
لدى تركيا أيضاً مشكلة تتعلق بالحد الأقصى، وهذا يعني في الوقت الحالي أنَّ العالم يواجه مشكلة في إخراج النفط من موانئ البحر الأسود.
الطريقة المعتادة التي تتبعها السلطات البحرية التركية لمعرفة ما إذا كانت الناقلة مؤمنة أم لا، هي التحقق من الموقع الإلكتروني لشركة التأمين التي تؤمّنها. إنَّها عملية واضحة - إذا كان التأمين موجوداً، ستتم تغطيته من قبل عضو في "المجموعة الدولية لنوادي الحماية والتعويض"، وهي جمعية لشركات تأمين الشحن.
لكنَّ القائمة الموجودة على موقع الويب لم تعد تقدّم هذا الضمان. نعم، قد تكون السفينة مؤمّنة بشكل عام، لكن كيف يمكن للسلطات التركية التأكّد من أنَّ القائمة تثبت أنَّ الشحنة تم شراؤها بموجب الحد الأقصى؟
لذلك، تُطلب رسائل من الناقلات التي تغادر البحر الأسود وعلى متنها النفط لإثبات أنَّها مؤمّنة.
من شأن ذلك أن يشكّل سابقة غير سارة لـ"المجموعة الدولية لنوادي الحماية والتعويض"، التي تنظم تأمين 95% من أسطول الناقلات العالمي، وهي خطوة تبين حتى الآن عدم استعدادها لاتخاذها. ماذا لو طلبت مصر الأمر ذاته لقناة السويس؟ وماذا عن سنغافورة؟
من الغريب أنَّ النفط القادم من كازاخستان - وليس روسيا - هو الذي تضرر بالفعل حتى الآن من هذه العقبة البيروقراطية، نظراً لوجود مجموعة ناقلات أكبر للبدء بها، بينما حاول عدد قليل نسبياً من الناقلات القادمة من روسيا الإبحار عبر مضيق البوسفور التركي للشحن، والقليل منها تمكّن من إثبات أنَّ لديها تأميناً من شركة روسية.
انقسام أسطول الناقلات
تجدر مراقبة الشركات الأخرى التي تحذو حذو شركة "شل". إذ بدأت أكبر شركة نفط في أوروبا في تجنّب حجز ناقلات كانت قد نقلت شحنات روسية في السابق. إذا كانت آخر شحنة للسفينة روسية المصدر؛ فيجب على المالكين إما التأكد من عدم وجود مُخلفات من تلك الشحنة، أو المخاطرة بإنهاء عقد الإيجار.
إذا حذت شركات أخرى حذوها، فسيصبح من الصعب على مالكي السفن التنقل بين خدمة روسيا والأسواق غير الروسية. يمكن أن يؤدي ذلك إلى تقلبات في أسواق الناقلات الروسية وغير الروسية على حد سواء.