ستؤدي تخفيضات الإنتاج التي يخطط تحالف منتجي النفط "أوبك+" لإجرائها إلى صعوبة تجديد المخزونات العالمية خلال الأشهر المقبلة، وفق أحدث التوقعات الصادرة عن وكالات التنبؤ العالمية الثلاث الكبرى.
بعد تقاربها في أكتوبر، تباينت توقعات كل من وكالة الطاقة الدولية وإدارة معلومات الطاقة الأميركية ومنظمة "أوبك" للطلب على النفط لعام 2022 مرة أخرى الشهر الجاري. بينما زادت المجموعتان اللتان تركزان على المستهلكين تقييماتهما للطلب، استمر المتنبئون في "أوبك" في توجهاتهم الهبوطية وأصبحوا الآن أكثر المجموعات الثلاث تشاؤماً للمرة الأولى العام الجاري، وهو ما قد يفسّر سبب اتخاذ مجموعة المنتجين وحلفائها قراراً بخفض هدف الإنتاج خلال اجتماعهم الشهر الماضي.
تراجع الطلب
لا شك أن الآفاق الاقتصادية المتدهورة، في خضمّ التضخم الجامح، وسياسة "صفر كوفيد" الصينية المستمرة، وغزو روسيا لأوكرانيا، تؤثر في توقعات الطلب على النفط. بينما سارعت وكالة الطاقة الدولية وإدارة معلومات الطاقة إلى خفض توقعاتهما للطلب العالمي على النفط بعد عبور القوات الروسية للحدود في فبراير، استجاب محللو "أوبك" بشكل أبطأ بكثير.
بحلول أكتوبر، اجتمعت آراء المجموعات الثلاث على رقم يزيد قليلاً على 99.6 مليون برميل يومياً كمتوسط للعام الجاري، لكنّ محللي مجموعة منتجي النفط واصلوا خفض توقعاتهم في التقرير الأحدث، فيما رفعت وكالة الطاقة الدولية وإدارة معلومات الطاقة توقعاتهما، ما أدى إلى اتساع الفجوة مرة أخرى. مع ذلك، فإن الفرق بين أعلى وأدنى التوقعات يقدر بـ260 ألف برميل يومياً فقط، أو ما يعادل 0.26% من إجمالي الطلب.
لكن هذا الاتفاق الواضح على متوسط الرقم السنوي يخفي بعض الاختلافات الأكبر بكثير في وجهات نظرهم بشأن الربعين الحالي والتالي.
تتوقع وكالة الطاقة الدولية انكماش الطلب العالمي على النفط على أساس سنوي في الربع الأخير من عام 2022، ومن ثم يزداد بمقدار ضئيل فقط في بداية العام المقبل. تقدم كل من إدارة معلومات الطاقة الأميركية و"أوبك" وجْهات نظر إيجابية أكثر حول استهلاك النفط، وتتوقعان نمواً يقدر بنحو 750 ألف برميل يومياً في الربع الجاري، ليرتفع بعد ذلك إلى نحو مليوني برميل يومياً في الأشهر الثلاثة الأولى من العام المقبل.
تأثير تباين التوقعات
تتقارب التوقعات لفترة وجيزة للربع الثاني من عام 2023 قبل أن تتباين مرة أخرى للنصف الثاني من العام، وهذه المرة مع اتخاذ إدارة معلومات الطاقة الأميركية وجهة نظر أكثر تشاؤماً.
لا شك أن الآراء المختلفة بشأن الطلب تؤثر في قرارات الإنتاج الخاصة بتحالف "أوبك+"، الذي يجمع أعضاء "أوبك" الـ13 مع 10 دول حليفة. عندما التقت تلك الدول آخر مرة في أوائل أكتوبر، قرر التحالف خفض هدف الإنتاج بمقدار مليونَي برميل يومياً اعتباراً من بداية نوفمبر. سيكون خفض الإنتاج الفعلي أقل بكثير نظراً إلى قيام عديد من المنتجين بالفعل بضخ كميات أقل بكثير من أهدافهم. جدير بالذكر أيضاً أن بعض التخفيضات الحقيقية المتوقعة من دول مثل المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة سيقابلها ارتفاع الإنتاج في كازاخستان ونيجيريا.
ضخ أعضاء "أوبك" 29.5 مليون برميل يومياً من النفط الخام الشهر الماضي، وفق بيانات تُجمع من مصادر ثانوية يستخدمونها لمراقبة مستويات الإنتاج.
مخزونات النفط العالمية
سيؤدي إبقاء الإنتاج ثابتاً عند هذا المستوى إلى زيادات طفيفة في مخزونات النفط العالمية، بمتوسط أقل من 200 ألف برميل يومياً، خلال الربع الحالي وحتى النصف الأول من العام المقبل.
من الضروري إعادة بناء المخزون مرة أخرى، فقد كانت مخزونات النفط التجارية في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية كافية لتلبية 58 يوماً فقط من الطلب الآجل في نهاية الربع الثالث من عام 2022، وهذه تغطية تقل بنحو أربعة أيام عن المستوى المسجل قبل تفشي وباء كوفيد-19. كذلك، تُعَدّ مخزونات الطوارئ التي تسيطر عليها الحكومات أقل بنحو ستة أيام وفقاً للمقياس ذاته.
ستعتمد إمكانية إعادة ملء هذه المخزونات من عدمها على عمق تخفيضات الإنتاج وقوة الطلب العالمي على النفط خلال فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي، وكلاهما غير مؤكد بشكل كبير.