توقع صندوق النقد الدولي أن يجني مصدّرو الطاقة في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى مكاسب تراكمية مفاجئة بنحو تريليون دولار خلال 2022-2026، ما سيدعم لفترة أطول اقتصادات دول الخليج العربية التي ستوفر كثيراً من عوائدها النفطية.
قد يكون تدفق السيولة الدولارية من النفط أكثر مما توقعه صندوق النقد الدولي قبل عام، وهو انعكاس لارتفاع أسعار الخام، حتى رغم مخاوف الركود التي ضغطت على أسعار النفط في النصف الثاني من العام.
ستستفيد المملكة العربية السعودية وخمسة أعضاء آخرين من دول مجلس التعاون الخليجي، وهم بالفعل من بين أكبر الرابحين في الأسواق الناشئة، بشكل أكبر لأنهم قد يوفرون نحو ثلث عائداتهم النفطية، وفقاً للصندوق.
البنك الدولي يتوقع نمو اقتصادات الخليج العربي 6.9% هذا العام
في تقريره الاقتصادي الإقليمي الذي نشره اليوم الإثنين، قال صندوق النقد الدولي إن معدل التوفير ذلك هو أعلى بكثير مقارنة بنظيره الذي انكمش إلى المنطقة السلبية بعد الانخفاضات السابقة في أسعار النفط، ويمثّل ذلك تناقضاً جلياً مع السياسات المالية المسايرة للدورات الاقتصادية في السابق.
أدت الاضطرابات في التجارة والإنتاج بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير إلى ارتفاع تكلفة السلع، ما أسهم في تأجيج أزمات تكلفة المعيشة في جميع أنحاء العالم وإبقاء النفط فوق 100 دولار للبرميل معظم العام.
لكن بالنسبة إلى كبار المنتجين في الشرق الأوسط، كان لطفرة النفط تأثير في دفع الميزانيات إلى تحقيق فوائض لأول مرة منذ سنوات، ما ساعد على تمويل الإنفاق وتمكين بعضهم من السداد المبكر لديونهم.
يتوقع صندوق النقد الدولي أن يصل متوسط فائض الحساب الجاري لدول الخليج إلى ما يقرب من 10% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022، أي ضعف مستوى العام الماضي تقريباً، على أن يصل إلى 7.8% في عام 2023.
وعلى الناحية الأخرى، أصبح التباين مع مستوردي الطاقة لافتاً للنظر بشكل خاص الآن. ستقفز احتياجات التمويل الخارجي في اقتصادات الأسواق الناشئة وذات الدخل المتوسط في المنطقة، بما في ذلك باكستان، إلى 242% من إجمالي الاحتياطيات الدولية، أو 275 مليار دولار، من 109% في عام 2021.
احتياطات أكبر
قال جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، في مقابلة يوم الأحد: "بشكل عام، تحتاج جميع الدول إلى البدء في التكيف من خلال زيادة احتياطاتها.. لا تزال المنطقة تتعافى ويُظهِر كل من المصدّرين والمستوردين للنفط مستويات انتعاش أعلى من النمو العالمي".
يُرجّح أن تنمو وتيرة التوسع الاقتصادي في دول الخليج بأكثر من الضعف مقارنة بالعام الماضي لتصل إلى 6.5% في عام 2022، وهي أعلى قليلاً من توقعات صندوق النقد الدولي في أبريل، مما يساعد في دفع نمو الناتج المحلي الإجمالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 5%.
وعلى خلفية الترجيح بانخفاض أسعار النفط الخام العام المقبل، يتوقع صندوق النقد الدولي نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.6% في كل من الخليج والشرق الأوسط الأوسع.
مع تزايد معدلات التضخم، وارتفاع أسعار الفائدة، وأزمة الطاقة العالمية، وتشديد أسواق الائتمان، باتت الثروة البترولية في الخليج أكثر أهمية من أي وقت مضى باعتبارها مصدراً للسيولة.
في حالة المملكة العربية السعودية، يوجه صندوق ثروتها السيادية مليارات الدولارات إلى أسواق الأسهم والأصول على مستوى العالم، فيما يلعب دوراً متزايداً في تمويل التنمية بالداخل.
الاقتصاد السعودي يحقق سادس نمو فصلي على التوالي بفضل قطاع النفط
حذّر صندوق النقد الدولي في التقرير من أنه "على الرغم من أنه من المتوقع أن تتجنب الحكومات العامة في البلدان المصدرة للنفط الاستجابات المسايرة للاتجاهات الدورية الاقتصادية في الماضي، فإن هناك مخاطر تتمثل في أن الكيانات العامة الأخرى مثل الشركات المملوكة للدولة وصناديق الثروة السيادية قد تنفق المكاسب المحققة من النفط".
يتوقع الصندوق أن تبلغ الاحتياطيات الدولية في دول مجلس التعاون الخليجي -السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين وسلطنة عمان- نحو 843 مليار دولار هذا العام وتنمو إلى أكثر من 950 مليار دولار في عام 2023.
سعر برميل النفط لتحقيق التعادل المالي في ميزانيات دول الخليج (بالدولار)
الدولة | 2022 | 2023 |
البحرين | 127.6 | 124.1 |
إيران | 291.5 | 372.6 |
العراق | 60.7 | 60.6 |
الكويت | 56.7 | 57.8 |
سلطنة عمان | 70.9 | 75.1 |
قطر | 48.1 | 49.9 |
السعودية | 73.3 | 66.8 |
الإمارات | 63.9 | 65.8 |
على جانب آخر، قال صندوق النقد الدولي إن النمو غير النفطي الأقوى في دول مجلس التعاون الخليجي، إذ يتكون جزء كبير من القوى العاملة الوافدة من أشخاص من دول مثل الهند وباكستان، قد يدعم تحويلات العاملين إلى أوطانهم. ويتوقع نمو التحويلات من الخليج إلى الاقتصادات الأفقر في المنطقة بما يتراوح بين 1.9% و3.4% سنوياً على المدى المتوسط.
إنفوغراف: توقعات عمالقة وول ستريت لأسعار النفط
وقال أزعور: "نمت الدول المصدرة للنفط خلال العامين الماضيين، ليس فقط بسبب ارتفاع أسعار النفط والإنتاج، ولكن أيضاً بسبب نمو القطاع غير النفطي". وأضاف: "تحسين إدارتها المالية وترسيخها على المدى المتوسط سيسمح للدول بأن تكون أقل اعتماداً على أموال النفط لتمويل نفسها".