قد تصبح الصدمات التي شهدها قطاع الطاقة هذا العام بسيطة جداً مقارنة مع ما سيحصل في حال وقف الاستثمار في النفط والغاز، وفق تصريحات الرئيس التنفيذي لشركة "أدنوك" الإماراتية سلطان الجابر.
قال الجابر خلال مؤتمر أبوظبي الدولي للبترول "أديبك 2022" إنّ العالم سيخسر 5 ملايين برميل من النفط يومياً من الإمدادات الحالية، إذا ما جرى وقف الاستثمار في الموارد الهيدروكربونية بسبب الانخفاض الطبيعي من الطاقة الإنتاجية.
ولتلبية احتياجات عدد سكان العالم الذي سيصل إلى 9.7 مليار شخص بحلول عام 2050، فإنه يجب إنتاج طاقة تزيد بنسبة 30% عما ينتجه العالم الآن، حسب حديث الجابر يوم الاثنين.
تُظهِر تصريحات المسؤولين أن الإمارات تسرع خطتها لزيادة إنتاج النفط، إذ قال وزير الطاقة سهيل المزروعي منتصف الشهر الماضي إن بلاده ملتزمة زيادة طاقتها الإنتاجية من النفط والاستثمار في ضخ الاستثمارات للوصول إلى 5 ملايين برميل نفط يومياً بحلول 2026. وهذا المستوى كانت تستهدف الدولة الخليجية الوصول إليه بحلول 2030.
تصل الطاقة الإنتاجية للإمارات حالياً إلى ما يقرب من 4 ملايين برميل نفط يومياً، وتُعَدّ ثالث أكبر منتج في منظمة "أوبك" بعد السعودية والعراق.
أشار الجابر إلى أن العالم بحاجة إلى كل الحلول المتاحة لتأمين احتياجاته من الطاقة، "لا نستطيع الاختيار بين النفط والغاز أو الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح أو الطاقة النووية أو الهيدروجين.. نحن بحاجة إليها جميعاً، إضافة إلى الطاقات النظيفة التي سيجري اكتشافها وتطبيقها بعد ضمان جدواها الاقتصادية.. الحل هو الجمع بين كل المصادر، لا الاختيار بينها".
تحوُّل قطاع الطاقة يمثل تحدياً عالمياً وسط تزايد الدعوات بوقف الاستثمار في قطاع الطاقة لحماية العالم من الانبعاثات الكربونية. فبينما ينادي البعض بوقف الاستثمار في قطاع النفط والغاز، تشير تقديرات إلى أن تراجع تلك الاستثمارات سيكون له تأثيرات كبيرة على معدلات النمو الاقتصادي.
"نحن بحاجة إلى خفض الانبعاثات، لا وقف معدلات النمو والتقدم، فالعالم يبحث عن حلول للتحديات، ولدينا قناعة راسخة بأن قطاع الطاقة بإمكانه أن يتّحد في ظل عالم منقسم لإيجاد الحلول المنشودة"، وفق الجابر.
يبدو أن هناك إدراكاً لأهمية زيادة الاستثمار في القطاع، إذ تتجه الاستثمارات الأجنبية التأسيسية الجديدة في قطاع النفط والغاز هذا العام إلى تحقيق أعلى مستوى في 13 عاماً، وسط مساعٍ لزيادة المعروض في السوق بعد تحذيرات متتالية من أن قدرة المنتجين على توفير إمدادات إضافية في السوق بدأت تنفد.
بين يناير وأغسطس أعلن المستثمرون الأجانب عن 15 مشروعاً جديداً لاستخراج النفط والغاز بقيمة 42 مليار دولار، وهو ما يعادل بالفعل إجمالي الإنفاق الرأسمالي في الفترات الأربع المقارنة السابقة كاملة مجتمعة، وفق "إف دي آي ماركتس". وهذا المبلغ أعلى بـ7 مرات من النفقات الرأسمالية التي جرى التزامها في عام 2021 والبالغة 5.4 مليار دولار.
وبهذا المعدل، من المقرر أن يصل الاستثمار الأجنبي المباشر في استخراج النفط والغاز عالمياً في عام 2022 إلى أعلى مستوى له منذ عام 2009، عندما جرى الإعلان عن مشاريع بقيمة 87 مليار دولار.
يأتي هذا الارتفاع في تدفقات رأس المال بعد سنوات من نقص الاستثمار في القطاع مع مساعي الشركات نحو إزالة الكربون والاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة.
أسواق النفط تواجه خطورة عالية تتمثل في أزمة معروض العام الجاري في ظل بقاء الطلب قوياً وتدهور القدرة الإنتاجية الفائضة، وفق تصريحات سابقة للأمين العام لمنظمة "أوبك" هيثم الغيص. وقال إن "القدرة الإنتاجية الفائضة تصبح نادرة. وهناك احتمالية قائمة لحدوث أزمة".