واصلت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا ارتفاعها يوم الجمعة وسط شكوك حول قدرة المنطقة على تخفيض الطلب هذا الشتاء، رغم أنها مازالت تعاني أكبر انخفاض شهري منذ عام 2009.
وأغلقت عقود شهر نوفمبر مرتفعة بنسبة 4.5% رغم أن هذه العقود المعيارية شهدت هبوطاً شهرياً بنسبة 41% تقريباً. وقد جعلت موجة الهبوط الأخيرة في الأسعار استخدام الغاز في محطات توليد الكهرباء أعلى كفاءة من حيث التكلفة، في حين أن قطاعات أخرى مثل صناعة الأسمدة بدأت في تحقيق قدر من الإنتاج. غير أن فترة الطقس المعتدل ربما تنتهي بحلول منتصف شهر نوفمبر، وفقاً لشركة "ويذر" (Weather).
نبّه صناع القرار إلى أن تخفيض الطلب خطوة أساسية ومهمة في ضمان ألا يحدث نقص في معروض الغاز في فصل الشتاء وما يليه. وقال الاتحاد الأوروبي إنه يعمل على وضع سقف لأسعار الغاز بهدف احتواء أزمة الطاقة التي اجتاحت الاقتصاد، علاوة على إطلاق مؤشر جديد لشحنات الغاز الطبيعي المسال إلى المنطقة.
قال ألبرتو دي باولي، رئيس شركة "إنل" للشؤون المالية: "لذلك فإن كل ما قد نفعله مفيد، من وضع سقف سعري على الغاز إلى كل الإجراءات قيد المناقشة".
مخاطر سقف الأسعار
غير أن القلق مستمر من أن ينتهي تحديد الأسعار إلى زيادة الطلب، ودفع بائعي الغاز إلى توجيه الإمدادات إلى البلدان التي تقبل دفع أسعار أعلى.
قال أندرز أوبدال، الرئيس التنفيذي في شركة "إكوينور" في النرويج، التي أصبحت أكبر مورّد للغاز في أوروبا: "إن فرض سقف لأسعار الغاز لن يحل المشكلات الجوهرية. وفي الواقع ربما يأتي بتأثير عكسي فيرتفع الطلب دون أن تقابله زيادة في المعروض".
شهدت الأسعار هبوطاً حاداً عن ذروة شهر أغسطس، غير أنها ما زالت مرتفعة بأكثر من 300% عن متوسط أسعار 5 سنوات في هذه الفترة من السنة. وتراجعت المخاوف بسبب اعتدال الطقس وارتفاع الواردات من الغاز الطبيعي المسال وامتلاء المخازن تقريباً، غير أن أي زيادة في الطلب قد تؤدي بسرعة إلى نضوب المخزون، تاركة المنطقة أشد عرضة لمخاطر خفض الإمدادات من روسيا.
الطقس الدافئ
وفي المملكة المتحدة، أعادت شركة "سنتريكا" فتح أكبر موقع لتخزين الغاز بعد توقفه لمدة 5 سنوات لتدعيم أمن الطاقة في البلاد قبيل قدوم شتاء يرجح أن يكون قاسياً، غير أن طاقة التخزين سوف تظل منخفضة في الوقت الراهن.
استقر عقد شهر نوفمبر في هولندا مرتفعاً بنسبة 4.5% عند 112.24 يورو للميغاواط/ ساعة. وارتفعت عقود شهر ديسمبر بنسبة 2.3% إلى 139.31 يورو، وكذلك عقد شهر نوفمبر في المملكة المتحدة ارتفع بنسبة 14% يوم الجمعة، وتقدمت عقود ألمانيا للكهرباء عن شهر قادم بنسبة 4.9%.
بقيت الأسعار تحت السيطرة بسبب الطقس الدافئ على غير العادة، ومن المتوقع أن تستمر معدلات الحرارة أعلى من المتوسط حتى منتصف نوفمبر مع استمرار عدم تشغيل المدفأة في المنازل. وقد ساعد ذلك على استمرار المخازن ممتلئة بأكثر من المستوى العادي، مما يوفر الإمدادات لأوقات تحوّل الطقس إلى البرودة.
ساعد الطقس الدافئ في تخفيض استهلاك الغاز خلال الأسبوع الماضي في ألمانيا إلى نحو 30% أقل من متوسط الاستهلاك الأسبوعي في نفس الفترة خلال الأعوام من 2018 إلى 2021، وفقاً لتقديرات وكالة الشبكة الفيدرالية بالبلاد. وكانت ألمانيا تعتمد بشكل كبير على الغاز الروسي، وسارعت الحكومة إلى شراء احتياجاتها من مصادر أخرى بهدف ملء مواقع التخزين، التي امتلأت الآن بنسبة 98%، وفقاً لشركة "غاز إنفراستراكتشر يوروب".