تسعى ألمانيا إلى اقتراض ما يصل إلى 200 مليار يورو (194 مليار دولار) لتمويل خطتها التي تهدف إلى الحدّ من تأثير ارتفاع تكاليف الطاقة على أكبر اقتصاد في أوروبا، وهي خطوة تنذر ببقاء معدّل الاستهلاك مرتفعاً في ظلّ شحّ الإمدادات خلال هذا الشتاء.
ستعيد إدارة المستشار الألماني أولاف شولتس تفعيل صندوق أُنشئ سابقاً للمساعدة في تعويض تأثير جائحة كورونا وزيادة تمويله لوضع حد لأسعار الغاز. كما تسعى الحكومة أيضاً إلى اتّخاذ تدابير لكبح جماح تكاليف الكهرباء.
شدّد شولتس خلال مؤتمر صحفي في برلين على ضرورة خفض الأسعار، وقال: "للوصول إلى هذا الهدف فإننا نفتح مظلة كبيرة".
تُعتبر ألمانيا بشكل خاص من الدول الأكثر عرضة للتأثر بالارتفاع الكبير في تكاليف الطاقة الناجم عن الأزمة الروسية-الأوكرانية، بسبب اعتمادها الكبير على واردات الغاز من روسيا. ويدفع ارتفاع الأسعار الشركات إلى كبح جماح الإنتاج، كما يستنزف القدرة الشرائية للمستهلكين، إلا أنّ احتواء الأسعار قد يبقي الطلب مرتفعاً.
خفض الاستهلاك
في هذا الإطار، حذّرت هيئة تنظيم الشبكات في البلاد في وقت سابق من أن الأُسَر والشركات استخدمت كميات كبيرة من الغاز خلال الأسبوع الماضي، وسط انخفاض درجات الحرارة في البلاد، مشدّدة على ضرورة توفير ما لا يقلّ عن 20% من الغاز، لتجنب نقص الوقود هذا الشتاء.
من المرجح أن ينكمش الاقتصاد الألماني بسبب أزمة الطاقة الراهنة، بنسبة 0.4% خلال العام المقبل، حسبما ذكرت أربعة من معاهد البحوث الرائدة في البلاد في وقت سابق من يوم الخميس، ما يقلّل توقعات شهر أبريل الماضي، التي أشارت إلى نمو بنسبة 3.1%.
ستستخدم الحكومة ما يسمى بـ"صندوق الاستقرار الاقتصادي" الذي لا يشكل جزءاً من الميزانية الاتحادية العادية، لتعويض التكاليف المرتفعة، بعدما خفضت روسيا إمداداتها من الغاز رداً على العقوبات التي فُرضت عليها بعد غزوها أوكرانيا. وأشار شولتس إلى أنّ مجموعة من الخبراء ستدرس الآن تفاصيل فرض حدّ أقصى للأسعار.
تسوية سياسية
تُعَدّ هذه الخطوة بمثابة تسوية سياسية بعد فشل فرض ضريبة غاز مثيرة للجدل على المستهلكين، بسبب مخاوف من أنّ هذه الضريبة كانت محدّدة على نطاق واسع للغاية، كما يمكن أن تواجه قضايا قانونية بعدما اتّخذت الحكومة قراراً بتأميم شركة "يونيبر"، أكبر مشترٍ للغاز الروسي في البلاد.
تسمح آلية التمويل لوزير المالية الألماني كريستيان ليندنر، الذي يقود مجموعة من الديمقراطيين الأحرار المؤيدين للأعمال، بالحفاظ على تعهده باستعادة الحد الدستوري لصافي الاقتراض خلال العام المقبل، الذي كان قد عُلّق العمل به في السنوات الثلاث الماضية لتلبية الإنفاق السخي على دعم الأُسَر والشركات ومساعدتها على مواجهة تداعيات الوباء.