يهيمن التأثير الاقتصادي لقطع روسيا إمداداتها من الغاز على السياسة الأوروبية، ولكن هناك مخاوف كذلك بشأن العواقب البيئية.
يخشى مسؤولون في الاتحاد الأوروبي من أن شركة "غازبروم" تحرق الوقود في الحقول بدلاً من تصديره إلى أوروبا، وتشير الأدلة إلى أن هذه المخاوف عارية من الصحة.
يظل الغاز الروسي الفائض باقياً تحت أرض سيبيريا دائمة التجمّد لأن حقول البلاد تتمتع بمرونة تسمح لشركة "غازبروم" بزيادة التدفقات أو تقليصها وفقاً للحاجة، بحسب بيانات الأقمار الصناعية ومحللي الصناعة والأرقام التاريخية للشركة.
في ظل تعمّق الخلاف بين الكرملين والغرب بعد غزو أوكرانيا، خفّضت "غازبروم" إجمالي شحناتها للأسواق الخارجية الرئيسية بمقدار 39% بين يناير ومنتصف سبتمبر. قد يستمر خفض الصادرات مدة طويلة، حيث تدل المؤشرات على أن التخريب المتعمّد، الذي قام به أشخاص مجهولون، استهدف ثلاثة خطوط أنابيب متوقفة، كانت تستخدم لتوصيل الغاز الروسي إلى ألمانيا.
استناداً إلى تحليل بيانات الأقمار الصناعية من قبل مجموعة "مراقبة الأرض" في معهد "باين" للسياسة العامة التابع لكلية كولورادو للمناجم، أظهرت حسابات "بلومبرغ" أن متوسط كمية الغاز المحروق الملحوظ في الغلاف الجوي بلغ 1.18 مليون متر مكعب يومياً، وذلك في منطقة الإنتاج الرئيسية لـ"غازبروم" في شبه جزيرة يامال بين 10 أغسطس و21 سبتمبر.
حرق أقل
يقل هذا المتوسط تقريباً عن 28% من مستويات الحرق التي تم ملاحظتها في المنطقة خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وفقاً للحسابات، ويزيد عن المتوسط في الإطار الزمني نفسه عام 2020، والذي ارتفع قليلاً عن مليون متر مكعب يومياً.
قال الدكتور ميخائيل زيزين، الباحث في معهد باين للسياسة العامة ومحلل البيانات، إن مستويات "غازبروم" من الحرق في شبه جزيرة يامال "لم يتغير في الأشهر العديدة الماضية".
تُمثّل أحجام الاحتراق المرصودة جزءاً ضئيلاً من إنتاج "غازبروم" اليومي بمتوسط 838 مليون متر مكعب من أغسطس حتى منتصف سبتمبر. أظهرت حسابات "بلومبرغ" أن الإنتاج انخفض بمقدار 473 مليون متر مكعب يومياً مقارنة بالفترة نفسها قبل عام، وسط تقلّص الصادرات إلى أوروبا. وانخفضت شحنات الشركة اليومية إلى الأسواق الرئيسية بمقدار 302 مليون متر مكعب مقارنة بشهر أغسطس– سبتمبر من عام 2021.
تستند أرقام الاحتراق إلى البيانات الليلية من الأقمار الصناعية التي تقيس الانبعاثات الإشعاعية العالية المرتبطة بمشاعل الغاز. يتم التحقّق من صحة الاكتشافات الليلية عبر صور الأقمار الصناعية أثناء النهار، والبيانات الوصفية الجغرافية والجيولوجية المنشورة من قبل منتجي النفط والغاز الروس والوكالات الحكومية. مع ذلك، تحد الغيوم ليلاً من اكتشاف نيران احتراق الغاز.
حقول عملاقة
رغم الاستقرار النسبي للحرق في مناطق إنتاج الغاز الرئيسية التابعة لـ"غازبروم"، مما لا شك فيه أن روسيا ما تزال أسوأ مخالف فيما يتعلق بحرق الغاز في الغلاف الجوي، وفقاً لبيانات البنك الدولي، حيث أحرقت الدولة إجمالي 25.4 مليار متر مكعب من الغاز العام الماضي.
تحتضن شبه جزيرة يامال أكبر حقول "غازبروم" ومنها مشروع "بوفانينكوف" العملاق الذي يضخ وحده أكثر من 20% من إجمالي إنتاج الشركة. كانت شبه جزيرة يامال كذلك المصدر الرئيسي لإمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا، والتي تم تضييقها منذ شهر مايو بعد تدهور علاقة الكرملين مع الغرب بسبب غزو أوكرانيا.
يُعد الطلب على الغاز الطبيعي موسمياً بطبيعته ومدفوعاً إلى حد كبير بالحاجة للتدفئة في الشتاء. قال فيتالي يرماكوف، زميل أبحاث أول في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة، إن "غازبروم" أثبتت "قدرتها على التعامل مع متطلبات التوازن المرتفعة دون الإضرار بالقدرات الإنتاجية للحقول".
إلا أن "غازبروم" لم ترد على طلب للتعليق على الأمر.
قال فياتشيسلاف كولاغين، رئيس قسم في معهد أبحاث الطاقة بأكاديمية العلوم الروسية: "يتعين على (غازبروم) تغيير إنتاجها بشكل كبير شهرياً كل عام بسبب أنماط الاستهلاك غير المتكافئة. يتشابه عمل العديد من مشاريع المنبع الرئيسية لدى (غازبروم) بأسطوانات الغاز حيث تُفتح الصنابير أحياناً بالكامل وقت الحاجة وتُخفض بشكل كبير في بعض الأحيان".