كشف المستشار الألماني أولاف شولتس عن "تقدّم" بالمحادثات التي يجريها مع دول الخليج العربي لشراء الغاز والديزل. مؤكداً أنَّ بلاده "مصمّمة على تنويع مواردها من الطاقة حتى لا تكون رهينة مورّد واحد مرة أخرى"، بحسب وكالة "أ.ف.ب".
شولتس كان يتحدث للصحافيين في العاصمة الإماراتية أبوظبي، قبيل لقائه رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في ثاني أيام جولة خليجية بدأها في السعودية الخميس، ويختتمها في قطر مساء الأحد.
المستشار الألماني، الذي يزور المنطقة برفقة وفد من الحكومة والقطاع الخاص، يضم رؤساء شركات "تيسين كروب"، و"ساب، و"إيرباص"، و"سيمنز إنرجي"، أعلن عقب لقائه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أنَّ بلاده تسعى لاستيراد "كميات كبيرة من الهيدروجين" من المملكة، وسط مسعى لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، فضلاً عن السعي لتأمين المزيد من إمدادات الطاقة، حيث يعاني أكبر اقتصاد في أوروبا من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
شولتس أضاف للصحافيين، اليوم في أبوظبي: "حقيقة أنَّنا مرتبطون بمورّد واحد وبقراراته لن تتكرر معنا بالتأكيد مرة أخرى"، في إشارةٍ إلى روسيا التي تمدّ الدول الأوروبية بغالبية احتياجاتها من النفط والغاز.
وتابع: "سنفعل ذلك بطريقة منطقية عبر التركيز على المناطق التي تتيح لنا ضمان إمدادات الطاقة". لافتاً كذلك إلى أنَّه "بفضل الاستثمارات في ألمانيا، والتي ستصبح حقيقةً شيئاً فشيئاً العام المقبل؛ سيكون لدينا بنية تحتية لاستيراد الغاز للبلاد، إذ لن نرتبط بشكل مباشر بمورّد محدّد عبر خط أنابيب".
وفي حين أشار المستشار الألماني إلى "إحراز تقدّم في سلسلة كاملة من المشاريع (في الإمارات) تتعلّق بإنتاج وشراء الديزل والغاز"، معتبراً أنَّ "هذه الزيارة فرصة مهمة لمواصلة العلاقات الجيدة بين البلدين مرة أخرى"؛ فإنَّ وزيرة التغير المناخي والبيئة الإماراتية مريم المهيري، التي كانت في استقبال شولتس، ركّزت على أنَّ المناقشات مع المسؤول الألماني ستتطرّق إلى "أمن الطاقة، والعمل المناخي، والنمو الاقتصادي. فالإمارات تعتقد أنَّ هذه الركائز الثلاث يجب أن تسير يداً بيد"، مجدّدة دعوة أبوظبي "لانتقال عادل" من الوقود الأحفوري للطاقة البديلة، وفقاً لوكالة "أ.ف.ب".
وتنتقد الإمارات والسعودية ما تعتبرانه دعاة عملية انتقالية "غير واقعية" ساهمت في أزمة الطاقة الحالية التي تشهدها الأسواق العالمية.
خلال زيارته قطر، من المتوقَّع أن يناقش شولتس وأمير البلاد تميم بن حمد آل ثاني خططاً طويلة الأجل لتوريد الغاز والهيدروجين، في وقتٍ تستثمر الدولة الخليجية مليارات الدولارات لزيادة قدرتها على إنتاج الغاز الطبيعي المسال بنسبة 65% تقريباً، ومن المتوقَّع خروج الشحنات الأولى من مشروع حقل الشمال الشرقي في نهاية عام 2025 أو أوائل عام 2026.
تسود المخاوف الشركات الصناعية العملاقة في أوروبا منذ شهور من أن يؤدي نقص الغاز هذا الشتاء إلى شلّ الإنتاج. وتتكبّد دول القارة العجوز سبعة أضعاف ما تدفعه الولايات المتحدة الأميركية مقابل الغاز، ما يبرز التدمير الهائل الذي يلحق بالقدرة التنافسية الصناعية للقارة، ويهدد بإحداث ضرر دائم لاقتصادها. وفي شهر أغسطس، قفزت أسعار المنتجين الألمان تحديداً بنسبة قياسية بلغت 46%.
بعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون، يسابق شولتس الزمن لإيجاد مورّدين جدد للتعويض عن شحنات الغاز الروسي التي ستنفد قريباً فيما تستعد أوروبا لمواجهة شتاء صعب وسط نقص في الإمدادات.
بحسب وكالة "بلومبرغ"؛ فإنَّ مسؤولين ألمان وصفوا المفاوضات السابقة مع دول الخليج، لاسيما قطر، بـ"الشائكة"، سواء من ناحية الأسعار المحتملة أو مدّة الاتفاقات المزمعة.كما أثبتت المناقشات مع المورّدين في أميركا الشمالية أنَّها معقّدة بالمثل، وهذا ما يبرز الصراع المُضني الذي يواجهه شولتس لتأمين الإمدادات بأسعار من شأنها أن تحافظ على قاعدة اقتصادية تنافسية لألمانيا.