تتحول مرافق كوريا الجنوبية المجهدة تحت ضغوط الغاز باهظ الثمن إلى استعمال الفحم الأرخص، للوفاء بالطلب المتنامي على الكهرباء خلال أزمة الطاقة.
لم تقلص الشركات توليد الكهرباء من الفحم منذ يوليو الماضي، متجاهلة القيود التنظيمية الطوعية التي أقرتها الحكومة السنة الماضية، بحسب أشخاص مطلعين على الموضوع طلبوا عدم الإفصاح عن هوياتهم لأن المعلومات غير معلنة.
انتعاش كهرباء الفحم
تشهد الكهرباء المولدة عبر حرق الفحم انتعاشاً على مستوى العالم، جرّاء أزمة الطاقة عقب الغزو الروسي لأوكرانيا. في ظل صعود أسعار الغاز الطبيعي المسال واحتدام المنافسة على إمدادات الوقود المبرد، يبدو الفحم أكثر جاذبية لبلدان على غرار كوريا الجنوبية، ثالث أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال. تشجع البلاد أيضاً التحول صوب الطاقة النووية.
بعد عقدين من طموحات العالم غير الواقعية.. الفحم يزدهر
قال كيم ناميل، وهو باحث بارز في المعهد الكوري لاقتصادات الطاقة إن "زيادة إنتاج الكهرباء المولدة من الفحم والطاقة النووية تعد خياراً واضحاً للحكومة، ويتعين أن تدرس الحكومة مسألة البحث عن مصادر طاقة بديلة أرخص من الغاز نظراً لضغوطات التكلفة الضخمة على المرافق".
تسعى كوريا الجنوبية للحد من استهلاك الفحم الخاص بها كجزء من خطتها لإزالة الكربون، والتي دفعت الرئيس الكوري الجنوبي السابق، مون جاي إن، إلى إغلاق 10 محطات على الأقل نهائياً منذ 2017.
وبحسب برنامج انطلق في 2019، يتعين على شركات توليد الكهرباء التي تديرها الدولة الحد من استعمال الفحم أثناء شهور الشتاء التي تمتد من ديسمبر إلى مارس. بدأت عمليات الخفض الطوعية خلال الشهور المتبقية السنة المنصرمة.
مقترحات
طلبت شركة " كوريا إليكتريك باور كورب"، التي تناضل في مواجهة خسائر قياسية على خلفية تزايد تكاليف الطاقة، تخفيف الحد الأقصى الطوعي. كان الطلب أحد المقترحات لتحسين الأوضاع المالية للشركة ضمن خطة قُدمت للحكومة، بحسب وثيقة داخلية اطلعت عليها بلومبرغ. في حين أن هذا السقف طوعي، ما زال من المنتظر أن تقلص الشركات استخدامها للفحم.
رفض متحدث باسم " كوريا إليكتريك باور كورب" التعليق على الموضوع.
كوريا الجنوبية تسجل أكبر عجز تجاري في 22 عاماً بضغط العملة والطاقة
قال أحد الأشخاص إن الحكومة تدرس الموضوع، لأن أسعار الطاقة العالية صارت عبئاً ثقيلاً للغاية على شركتي " كوريا إليكتريك باور كورب" و"كوريا غاز" (Korea Gas). رجح الشخص تخفيف القيود الإلزامية خلال شهور فصل الشتاء.
خلال الفترة من ديسمبر 2020 إلى فبراير 2021، خضع ما يصل إلى 46 محطة توليد كهرباء بالفحم للقيود الإلزامية، مع وقف عمليات التشغيل في 17 منشأة بغضون هذه الفترة.
لم تُصدر الدولة الآسيوية قراراً حتى الآن حيال ما إذا كانت ستحرق فحم أكثر لأنها تدرس خيارات مختلفة لتوفير إمدادات مستقرة من الكهرباء خلال شتاء العام الجاري، بحسب مسؤول في وزارة الطاقة، طلب عدم الإفصاح عن هويته نظراً للسياسة الداخلية.
عوامل تزيد الأسعار
يُرجّح أن يبقي التنافس حول العالم على إمدادات كافية من الكهرباء قبيل ذروة موسم الشتاء أسعار الغاز عالية. تضاعف "مؤشر اليابان-كوريا"، وهو مقياس الغاز الطبيعي المسال في شمال آسيا، خلال السنة الجارية عقب الاضطرابات الناجمة عن الحرب بأوكرانيا. كما ساهم ضعف عملة الوون الكورية الجنوبية، وهي أحد أكثر العملات خسارة في آسيا، في زيادة ضغوط التكلفة على شركات الطاقة الحكومية التي يتوجب عليها السداد بالدولار عند استيراد الوقود.
في غضون ذلك، صعدت أسعار الفحم بآسيا، رغم أنها ما زالت أرخص كثيراً من الغاز، إلى مستوى قياسي في وقت سابق من الشهر الجاري. يُعدّ أي تحرك من قبل كوريا الجنوبية لاستعمال فحم، أكثر تهديداً بزيادة الأسعار.