يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى توثيق العلاقات المالية مع روسيا في الوقت الذي يحاول فيه تحقيق الاستقرار لاقتصاد بلاده المضطرب قبل انتخابات العام المقبل، وفقاً لمسؤولين أتراك.
قال العديد من المسؤولين الأتراك الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، إن من بين أهدافه تخفيضات الأسعار ودفع واردات الطاقة بالليرة. من المقرر أن تتجاوز فاتورة الغاز الطبيعي لتركيا 50 مليار دولار هذا العام وروسيا هي أكبر مورِّد لها للطاقة.
كبار المسؤولين الأتراك المطلعين على الأمر قالوا إن أردوغان سيسعى خلال اجتماع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوزبكستان يوم الجمعة، للحصول على خصم 25% على سعر الغاز الطبيعي وعقد اتفاق يُمكِّن تركيا من دفع جزء من الفاتورة بالليرة.
لم يؤكد المطلعون على موقف موسكو الحديث بشأن تخفيضات على الغاز لتركيا.
تركيا تضاعف وارداتها من النفط الروسي لسد نقص الإمدادات الأوروبية
قال بوتين يوم الجمعة إن اتفاقاً سابقاً مع أنقرة لدفع ربع وارداتها من الغاز بالروبل سيدخل حيز التنفيذ قريباً.
قال الرئيس الروسي لأردوغان خلال لقائهما للمرة الثالثة خلال ثلاثة أشهر في اجتماع متعدد الأطراف: "كما تعلم، فإن اتفاقنا بشأن إمدادات الغاز الروسي إلى تركيا عبر دفع 25% بالروبل سيدخل حيز التنفيذ في المستقبل القريب".
في الجزء المتلفز من تعليقاته في بداية محادثاتهما، لم يشر بوتين إلى تلقي مدفوعات بالليرة أو تقديم خصم.
تدفّقت بعض الأموال بالفعل من روسيا. أرسلت شركة "روس أتوم" (Rosatom Corp) المملوكة للدولة نحو 5 مليارات دولار في يوليو إلى شركة تابعة تقوم ببناء محطة للطاقة النووية في تركيا. عزز هذا التحويل الاحتياطيات الرسمية لتركيا.
من المتوقع أن تعاني تركيا من عجز في الحساب الجاري قدره 47 مليار دولار في نهاية هذا العام، وأداء الليرة الضعيف يجعل تغطية الديون أكثر تكلفة. أضاف ارتفاع أسعار الطاقة العالمية عبئاً إضافياً.
أي مساعدة لدعم الاقتصاد يمكن أن توفر دفعة كبيرة لأردوغان، الذي تتأرجح تقييماته في استطلاعات الرأي عند أدنى مستوياتها التاريخية مع تسارع التضخم إلى ما يزيد عن 80% خلال أقل من عام قبل الانتخابات المقرر إجراؤها في يونيو.
نفوذ روسيا
بالنسبة لتركيا العضو في حلف شمال الأطلسي، فإن العلاقة مع موسكو لا تتعلق فقط بالدعم المالي المحتمل ولكن بتحالف استراتيجي يمكن أن تستخدمه للسعي للضغط على الغرب.
كان على أردوغان أن يتعامل مع موقف صعب منذ الغزو الروسي لأوكرانيا. قدّم تركيا كوسيط، وساعد لاحقاً في التفاوض على صفقة لاستئناف شحن الحبوب من موانئ أوكرانيا على البحر الأسود. وبينما كان يساعد في تسليح كييف، دافع علناً عن بوتين ضد العقوبات وحث الدول على عدم "الاستهانة" بروسيا.
كما أن علاقات أردوغان مع أوكرانيا، بما في ذلك توريد الأسلحة مثل الطائرات بدون طيار، أثارت قلق موسكو لفترة طويلة. لكن أنقرة لا تزال شريكاً رئيسياً لبوتين، حيث أغلقت العقوبات الدولية المفروضة على الغزو الروسي طرقاً أخرى للتجارة والاستثمار. يأتي ذلك بعد أن عمّقت تركيا وروسيا العلاقات خلال السنوات الأخيرة على الرغم من الخلافات بشأن الحرب في سوريا.
لجأ أردوغان أيضاً إلى دول الخليج العربية طلباً للمساعدة المالية. قال مسؤولون أتراك إن وزير الخزانة والمالية نور الدين النبطي يقود الجهود لتأمين مزيد من المساعدة من قطر والإمارات العربية المتحدة، بعد خطوط مبادلة العملة مع البنك المركزي التركي.
ويضغط صنّاع السياسة الأتراك من أجل صفقات مماثلة مع المملكة العربية السعودية منذ بدء التقارب في وقت سابق من هذا العام. كانوا يأملون في إحراز تقدم عندما زار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أنقرة في يونيو أنهت سنوات من الخلاف. وقال مسؤولون أتراك إن المناقشات بشأن الموضوع تعثرت لكنهم يسعون لإحيائها هذا الشهر.
لم ترد وزارة المالية السعودية ومركز المملكة للتواصل الدولي على طلب للتعليق.