تحركت ألمانيا نحو الحفاظ على إتاحة محطتين نوويتين هذا الشتاء على عكس سياستها المعلنة، بينما يسارع قادة أوروبا إلى وضع حلول طارئة لأزمة الطاقة التي تزداد عمقاً.
تسبب توجه موسكو إلى إغلاق خط أنابيب الغاز الرئيسي المتجه إلى أوروبا في ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز يوم الإثنين، ليزيد من ضرورة وإلحاح جهود السياسيين التي تهدف إلى منع أزمة تهدد بالتحول أيضاً إلى كارثة اقتصادية واجتماعية ومالية.
في مكالمة هاتفية عاجلة، عقد المستشار الألماني أولاف شولتز والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحالفاً للطاقة ليساعد كل منهما الآخر خلال فصل الشتاء، مع تشكيل جبهة متحدة بينهما قبيل مفاوضات الاتحاد الأوروبي التي تجرى في وقت لاحق من الأسبوع الجاري حول أدوات مواجهة الأزمة.
تحولات صعبة
يستعد وزراء الطاقة بالاتحاد الأوروبي للاجتماع يوم الجمعة القادم، وتشمل المقترحات المطروحة على الطاولة حتى الآن: تخفيض الطلب على الكهرباء، ووضع إجراءات لزيادة السيولة في القطاع حيث ترتفع الضمانات المطلوبة ارتفاعاً صاروخياً، وفرض حد أقصى على أسعار الغاز. وفي إجراء يتعلق بمدى استعداد الكتلة الأوروبية إلى التخلي عن سياسات طالما كانت تجلها وتعظمها، هناك مسودة اقتراح بخفض تكلفة تلويث البيئة من أجل تقليل أسعار الكهرباء.
تحرك ألمانيا للاحتفاظ بمحطتين نوويتين في الاحتياطي مثل أيضاً تحولاً سياسياً صعباً على حكومة شولتز الائتلافية. وقد أصر وزير الاقتصاد روبرت هابك على أن التخلص من المنشآت النووية الذي أقر في بداية كارثة فوكوشيما مازال قائماً، غير أن محطتين سوف توضعان في الاحتياط للاستعانة بهما إن ظهرت حاجة إليهما – وذلك بالنسبة لهذا الشتاء فقط.
قال هابك: "سوف أفعل أي شيء من أجل ضمان أمن الطاقة في ألمانيا، بهذه الطريقة نستطيع أن نتحرك إذا تدهورت الأمور من سيئ إلى أسوأ".
حلف الشتاء القادم
قبل ذلك بساعات، توقع مسؤولون وتنفيذيون أن تعاني ألمانيا في تحقيق أهدافها في ملء مخازن الغاز مع إغلاق خط أنابيب "نورد ستريم".
مع نقص الغاز في ألمانيا ونقص الكهرباء في فرنسا، التي كانت مؤسساتها النووية هائلة ذات يوم وتعرضت مؤخراً إلى سلسلة من المشكلات، وافقت الدولتان على أن تدعم كل منهما الأخرى حتى نهاية فصل الشتاء.
سوف تستكمل فرنسا أعمالاً في الأسابيع القادمة حتى تصبح قادرة على تصدير الغاز إلى ألمانيا "في كل مرة تحتاج إليه" هذا الشتاء، وفق تصريحات ماكرون. وفي نفس الوقت، ستعمل ألمانيا على زيادة إنتاجها من الكهرباء حتى تصبح قادرة على تصدير مزيد منها إلى فرنسا عند بلوغ الطلب ذروته.
زيادة الأسعار
أسعار الكهرباء في فرنسا على بداية السنة القادمة تزيد بنسبة 30% تقريباً على أسعارها في ألمانيا، بسبب معاناة مؤسسة كهرباء فرنسا "إليكتريستيه دي فرانس" من مشكلة محطاتها النووية.
فرنسا، التي كانت عادة مصدراً كبيراً للكهرباء في أوقات الذروة، تطالب بالاستيراد هذا العام – وهذا أحد أسباب ارتفاع أسعار الكهرباء في أوروبا إلى هذه الدرجة.
بينما طالب ماكرون مواطني فرنسا بتخفيض الطلب على الكهرباء بنسبة 10%، قال هابك إن ألمانيا ستحتاج إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات. وتدعم الدولتان تطبيق ضريبة على الأرباح الفائقة غير المتوقعة عند شركات الطاقة على مستوى الاتحاد الأوروبي، بحسب تصريحات ماكرون، الذي دعا أيضاً إلى الرقابة على "المضاربة" على أسعار الطاقة، ودعم الدعوات إلى إلغاء الربط بين أسعار الغاز وأسعار الكهرباء.