يبدو مستقبل مشروع "نورد ستريم 2" غامضاً بطريقة متزايدة، فقد كثَّفت الولايات المتحدة الضغط على المشروع بفرضها عقوبات جديدة، وابتعدت شركات عن خط أنابيب الغاز الروسي المثير للجدل.
وتأتي العقوبات الجديدة قبل أيام قليلة من بدء العمل في خط الأنابيب في نطاق المياه الإقليمية الدنماركية. وتظل الأسئلة مطروحة الآن حول ما إذا كان خط الأنابيب المملوك لشركة فرعية تابعة لشركة "غازبروم" سيشهد مزيداً من التأخير، إذ تحاول الولايات المتحدة الحدَّ من النفوذ الروسي داخل قارة أوروبا.
من جانبه، التزم الكرملين الثلاثاء بإتمام المشروع، في حين حذَّرت شركة "غازبروم" من المخاطر السياسية التي ينطوي عليها. وفي ألمانيا، سعى المشرعون إلى إيجاد حل قانوني يعتقدون أنَّه يمكن أن يحمي ميناء رئيسياً من العقوبات.
وفرضت وزارة الخارجية الأمريكية عقوبات على سفينة الأنابيب "فرتونا" (Fortuna)، التي كان من المقرر أن تعمل في المشروع، ومالكتها المفترضة وهي شركة "كيه في تي-روس" (KVT-Rus) وفي الوقت نفسه، أنهت مجموعة "زيورخ إنشيورانس" (Zurich Insurance Group AG) جميع تغطياتها التأمينية التي تأثرت بالعقوبات. ويقال، إنَّ شركة الهندسة "بيلفينغر" (Bilfinger SE) قطعت صلاتها مع المشروع.
تأتي هذه التحركات في أعقاب تلك التي اتخذتها شركة التصديقات النرويجية "ديت نورسك فيرتاس هولدينغز" (Det Norske Veritas Holding AS)، والشركة الهندسية الدنماركية "رامبول" (Ramboll). كل هذا يخلق حالة من عدم اليقين بشأن السرعة التي يمكن بها استبدال هذه الشركات، وإن كان سيجري استئناف العمل في وقت لاحق من هذا الشهر، كما هو مخطط.
وقال "ريتشارد مورنينغستار" ، الرئيس المؤسس لمركز الطاقة العالمي التابع للمؤسسة البحثية "أتلانتيك كاونسيل" السفير الأمريكي السابق لدى الاتحاد الأوروبي: "إنَّه وقت حساس للغاية بالنسبة إلى مشروع "نورد ستريم 2". وتابع:
تخلق الأحداث الأخيرة الكثير من علامات الاستفهام حول ما إذا كانت روسيا ستتمكن من استكمال المشروع أم لا
تصاعدت الضغوط الأمريكية حول المشروع في الأيام الأخيرة من ولاية الرئيس السابق دونالد ترمب. وأخطرت وزارة الخارجية الأمريكية الشركات والحكومة الألمانية بشأن مخاطر دعم هذا المشروع.
وتوقَّف بناء خط أنابيب الغاز البالغ طوله 1230 كيلومتراً (764 ميلاً)، الذي سينقل الغاز الطبيعي الروسي إلى ألمانيا بعد العقوبات الأمريكية في شهر ديسمبر من عام 2019، عندما كان قد تمَّ بناء كل هذا الخط باستثناء 160 كيلومتراً. وتؤكِّد الولايات المتحدة التي شدَّدت القيود (على المشروع) أنَّ خط وصلة الغاز تمنح موسكو نفوذاً كبيراً على إمدادات الغاز الأوروبية، كما يهدد هذا أمن المنطقة.
وقال وزير الخارجية الأمريكية مايكل بومبيو، إنَّ مشروع "نورد ستريم 2" سيمنح روسيا الوسائل لتجاوز أوكرانيا تماماً، وحرمانها من الإيرادات الحيوية، والسماح لمزيد من الإجراءات العدوانية الروسية.
لم يرد مسؤولو مشروع "نورد ستريم 2" على طلب التعليق في حينها. وليس من الواضح الآن ما إذا كان سيجري استئناف العمل في وقت لاحق من هذا الشهر، وفي حين يعدُّ انسحاب "زيورخ" بمثابة خسارة، لا تزال هناك شركات تأمين أخرى مرتبطة بالمشروع.
إجراءات لتفادي العقوبات
ترى شركة "غازبروم" أنَّّ بناء خط أنابيب الغاز أحد أولوياتها الاستثمارية لهذا العام، وفقاً لنشرة سندات الشركة التي نشرت في وقت سابق من هذا الأسبوع.
وفي ألمانيا، وضع المشرعون آلية قانونية في ولاية "مكلنبورغ-بوميرانيا الغربية"، إذ يصل خط الأنابيب إلى اليابسة هناك بهدف أن يكون أداة مانعة للعقوبات، وتجنُّب المشاكل القانونية المباشرة للشركات العاملة في المشروع.
في العام الماضي، عندما بدأت الولايات المتحدة الاستعدادات لتشديد العقوبات ضد مشروع "نورد ستريم 2"، تغيَّرت ملكية السفينة "فرتونا" مرتين على الأقل منذ ذلك الحين. وفي الآونة الأخيرة، خلال شهر ديسمبر، جرى تسجيل المشروع في باسم شركة "كيه في تي روس" (KVT-Rus OOO )، ومقرُّها موسكو، وفقاً لصحيفة "أر بي سي" الروسية.
يعدُّ مشروع "نورد ستريم" واحداً من قائمة طويلة أو قضايا ملحة سيتعيِّن على الرئيس الأمريكي الجديد "جو بايدن" التعامل معها مع بداية فترة ولايته التي تبلغ أربع سنوات، التي بدأت يوم الأربعاء.
وقال "أنطوني بلينكين"، الذي اختاره بايدن لمنصب وزير الخارجية خلال جلسة (الكونغرس الأمريكي) للمصادقة على تعيينه يوم الثلاثاء الماضي: "مصممون على بذل كل ما في وسعنا لمنع استكمال خط الأنابيب".
ويمكن للإدارة الأمريكية الجديدة أن تجلب معها جولة جديدة من العقوبات التي جرت الموافقة عليها كجزء من مشروع قانون الدفاع الذي جرى تمريره في أواخر العام الماضي.
قال مورنينغستار : "سيكون من المنطقي تعليق استكمال المشروع لبعض الوقت لإتاحة الوقت للمشاورات، وذلك من أجل معرفة ما إذا كان هناك حل من شأنه القضاء على أيِّ تهديد لأمن الطاقة الأوروبي من قبل مشروع "نورد سيتريم " ويحمي مصالح أوكرانيا".