روسيا ستعتبره هزيمة مهينة لخصومها وتتباهى بصمود اقتصادها رغم العقوبات الغربية

لا ينبغي لأوروبا أن تدع أوكرانيا تتعثر في سداد ديونها

ميناء أوديسا في أوديسا  أوكرانيا  في 17 مارس - المصدر: بلومبرغ
ميناء أوديسا في أوديسا أوكرانيا في 17 مارس - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

لا يمكن للاتحاد الأوروبي أن يسمح لأوكرانيا بالتخلف عن سداد ديونها.

تخوض أوكرانيا حرباً على مدى ستة أشهر، على جبهتين: مواجهة الجيش الروسي في ساحة المعركة، وفي نفس الوقت تواجه حرباً اقتصادية خاطفة تؤدي إلى تدهور اقتصادها الهش بوتيرة سريعة. وقد تعهّد الاتحاد الأوروبي بمساندة الاقتصاد الأوكراني وضمان صموده أمام العدوان، ويجب ألا يسمح للاختلال الوظيفي البيروقراطي والسياسي أن يحول بينه وبين الوفاء بهذا التعهّد.

أجراس الإنذار تدق محذّرة من أوضاع المالية العامة لأوكرانيا، إذ ترتفع تكاليف الحرب بينما يمنع استمرار القتال كييف من الحفاظ على التدفق الطبيعي لتجارتها.

اضطرت أوكرانيا، خلال الأسبوع الماضي، إلى خفض قيمة عملتها بنسبة 25% مقابل الدولار الأميركي، كما اضطرت أن تطلب من الدائنين الأجانب مزيدا من الوقت للوفاء بسداد ديونها. وقد أخفقت شركة "نفطوغاز" (Naftogaz) الرئيسية في مجال الطاقة التابعة للدولة الأوكرانية في الوفاء بأحد التزاماتها فعلاً. وقد غذّى ذلك التكهنات حول أوضاع المالية العامة للبلاد.

إن انهيار الاقتصاد الأوكراني، الذي يرمز إليه التخلف عن سداد البلاد للديون، سوف يمنح روسيا نصراً دعائياً هائلاً ويؤدّي إلى تحطيم الروح المعنوية للأوكرانيين. وقد يردّد الكرملين أن هذا الوضع هزيمة مهينة بينما يتباهى بأن الاقتصاد الروسي قد صمد على الرغم من العقوبات الغربية المفروضة على البلاد.

سيناريو من الضروري تجنّبه

اتّفق وزراء مالية مجموعة الدول السبع على تجنب هذا السيناريو في مايو عندما تجمّعوا في ألمانيا لحضور اجتماعهم السنوي. وقد أعلن فعلاً وزير مالية ألمانيا كريستيان ليندنر، الذي تولّى الرئاسة الدورية للمجموعة، أن أوكرانيا لن تواجه أي مشكلات في التمويل بفضل تقديم حزمة دعم لها تبلغ قيمتها حوالي 18 مليار يورو (أي ما يُعادل 18.4 مليار دولار)، ويسهم الاتحاد الأوروبي بتقديم 9 مليارات يورو منها.

على الرغم من ذلك، صادق الاتحاد الأوروبي منذ ذلك الحين على منحها جزءاً صغيراً من الأموال المقدّمة– حيث لا يزال يتعيّن عليه دفع 8 مليارات يورو. ويقع العجز في طي النسيان لأن الحكومات الوطنية في بروكسل والاتحاد الأوروبي لم تستقر بعد على كيفية تمويله. وتجدر الإشارة إلى أنّ التأخير في التمويل لا يهدّد بتفاقم الوضع المتأزّم بالنسبة لأوكرانيا فحسب، بل يتعارض أيضاً مع الاتفاق الضمني بين أوروبا والولايات المتحدة والذي بموجبه يقدّم الأميركيون الجزء الأكبر من الأسلحة الثقيلة في حين يتولى الأوروبيون رعاية المساعدات المالية. ولا يمكن للاتّحاد الأوروبي أن يتوقّع من واشنطن تحمّل العبء الثقيل على المستويين.

ضرورة الحل

يتعيّن على بروكسل التوصل إلى حل للجزء المحتجز من تمويل الاتحاد الأوروبي قبل فوات الأوان بالنسبة لأوكرانيا. وقد أشارت كييف إلى أنّها تريد الامتثال لالتزاماتها الدولية، لكنّها لا تستطيع القيام بذلك دون أن تحصل على الدعم اللازم. فلطالما كانت كييف شريكاً موثوقاً به بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي– حيث حافظت على استمرار تدفقات الغاز الروسي التي تمر عبر البنية التحتية الأوكرانية حتى عندما شن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحرب على أوكرانيا.

وعلى الاتحاد الأوروبي أن يدرك ما يلي:

يجب ألا تكون العطلة الصيفية، التي عادةً ما تدخل فيها بروكسل حالة سُبات في أغسطس، عذراً للتقاعس عن العمل. فهذا الصيف ليس عادياً: لا تأخذ الحرب قسطاً من الراحة، وكذلك الأسواق المالية. وفي نفس الوقت تحرق أوكرانيا الاحتياطيات.وقد أشار بحث أجرته وكالة فيتش (Fitch Ratings) للتصنيفات الائتمانية، إلى أن أوكرانيا تعاني عجزاً شهرياً بنحو 4 مليارات دولار لمواصلة مجهودها الحربي، وقد تشهد ارتفاع هذا العجز حتى يصل إلى 29% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية العام. وحذّرت كلّ من وكالة "فيتش" و"إس آند بي غلوبال" (S&P Global) للتصنيفات الائتمانية من حدوث سيناريو يشبه تخلّف أوكرانيا عن سداد ديونها.

يجب أن يُحذّر الوضع المتأزم السلطات الأوروبية التي تُماطل وتُراوغ في تقديم حزمة التمويل التي تشكّل نقطة في محيط التكاليف الكبيرة الناجمة عن الحرب. كما ستتفاقم احتياجات أوكرانيا كلما طال أمد الحرب. وعلى الرغم من أن تخفيض روسيا بعض أهدافها للتركيز في الغالب على الشرق، إلّا أن بوتين لا يظهر أي نية على التراجع بل يطمح إلى الاستيلاء على الأراضي واستسلام كييف.

أزمة طاقة مرتقبة

تزداد التوقعات تعقيداً بسبب حقيقة أن أوروبا ستشهد قريباً أزمة طاقة سوف يطلقها بوتين رداً على العقوبات. وقد شهد الأوكرانيون هذا النوع من التسليح مباشرةً باستخدام الحبوب.

ربما تشهد بروكسل مجموعة من المشكلات الخاصة بها، لكن هذا لا يعني أن تلقي العبء على أوكرانيا. وتعتمد مصداقيتها على الصعيد العالمي على مواصلة جهودها. وإذا كانت أوروبا تقصد العمل، فيتعيّن عليها أن تسهم مالياً في المجهود الحربي.

إذا خسرت أوكرانيا الحرب الاقتصادية، فإنها ستخسر عسكرياً أيضاً. فنادراً ما يكون الانتصار في الحروب، إن حدث، مقابل ثمنٍ زهيد. والمعركة من أجل أوكرانيا ليست استثناء.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

الآراء الأكثر قراءة