مصفاة ناجية من الحرب الباردة تهدد خطط أوروبا للتخلص من النفط الروسي

تظهر أبراج مصفاة "بي سي كيه" في شويدت، ألمانيا. - المصدر: بلومبرغ
تظهر أبراج مصفاة "بي سي كيه" في شويدت، ألمانيا. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تخاطر ألمانيا بنفاد الوقود ما لم يجد المسؤولون في برلين طريقة للحفاظ على منشأة ناجية من الحرب الباردة من الوقوع ضحية للأزمات الجيوسياسية.

علِقت مصفاة على الحدود البولندية، والتي توفر الجزء الأكبر من وقود الطائرات لمطار العاصمة الألمانية والبنزين لسيارات المنطقة، في المواجهة بين الاتحاد الأوروبي وموسكو بشأن الحرب في أوكرانيا، وتهدد خطة حظر واردات النفط الروسية بنهاية العام بقطع الإمدادات عن المنشأة في بلدة شفيدت الصغيرة، الأمر الذي قد يشل في طريقه برلين وجزء كبير من شرق ألمانيا.

وترتبط مصفاة "بي سي كيه" (PCK) مباشرة بخط أنابيب يضخ الخام الروسي من الجانب الآخر من جبال الأورال، ونظراً لبعد المرفق عن أي ميناء رئيسي، فلا يوجد بديل سهل، وحقيقة أن بطلة النفط لدى الكرملين، "روسنفت"، تسيطر عليه تزيد من تعقيد المسألة.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

إغلاق كارثي

قالت أنيكاثرين هوب، عمدة البلدة، البالغ عدد سكانها 34 ألف نسمة على نهر أودر، إنه من برلين إلى الساحل الألماني على بحر البلطيق وأجزاء من غرب بولندا، "تعمل كل طائرة وسيارة شرطة وشاحنة مكافحة حرائق وسيارة إسعاف تقريباً بالوقود من شفيدت"، مضيفة أن إغلاق المصفاة "سيكون كارثيّ".

بُنيت المنشأة، التي تغطي مساحة تزيد عن ضعف مساحة سنترال بارك في نيويورك، في الستينات لتعزيز اعتماد ألمانيا الشرقية الشيوعية السابقة على الاتحاد السوفيتي، وتظهر المعاناة لإيجاد حل أن هذه الروابط ما تزال قوية بعد أكثر من ثلاثة عقود من سقوط جدار برلين.

حلول جذرية

وللامتثال للحظر النفطي الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي، تدرس حكومة المستشار أولاف شولتس بعض الحلول الجذرية، بما في ذلك السيطرة على المصفاة كما فعلت مع وحدة "غازبروم" الألمانية، لكن تغيير الملكية لن يحل المشكلة الرئيسية وهي استبدال 12 مليون طن من النفط الخام الذي يُضخ إلى المصفاة كل عام عبر خط أنابيب "دروجبا"، الذي سُمي على اسم الكلمة الروسية التي تعني "الصداقة".

من جانبه، قال بن فان بيوردن، الرئيس التنفيذي لشركة "شل"، التي تمتلك حصة في مصفاة "بي سي كيه" وكانت تحاول بيعها: "المصفاة غير مصممة لمعالجة أي شيء آخر" باستثناء الخام الروسي عالي الكبريت.

رفضت المصفاة التعليق على هذه القصة.

"><figcaption style="font-style: normal; text-align: right; direction: rtl;

سافر وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، إلى شفيدت الأسبوع الماضي لمعالجة المخاوف بشأن مستقبل المصفاة، وفي ظل صعوبة سماع مئات العمال لما يقوله، صعد على طاولة لإيصال رسالته بشكل أفضل حول كيفية عمل الحكومة لضمان استمرار العمليات إذا حُظر النفط الروسي.

وقال هابيك للعاملين في "بي سي كيه": "نحتاج إنتاجكم، ومهمتكم هي حماية إمدادات ألمانيا"، مرجحاً حدوث اضطرابات في التوريد. وأضاف: "لا أريد أن أعاملكم كأغبياء أو أرسم صورة وردية للغاية".

خيارات قيد الدراسة

تبحث السلطات الألمانية جاهدة عن خيارات وحددت إمكانية استخدام خط أنابيب قديم يربط شفيدت بميناء روستوك على بحر البلطيق لنقل الخام عبر ناقلة نفط، لكن حجمه الصغير نسبياً يعني أنه يمكن أن يغطي حوالي 60% فقط من الأحجام العادية، ولتعزيز الإمدادات، تجري مناقشة خطط زيادة ضغط المضخة وتحديث البنية التحتية، وفقاً لمسؤولين مطلعين على الأمر.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

هناك خيار آخر يتمثل في أن ترسو الناقلات في غدانسك في بولندا، ثم يرسل النفط الخام عبر خط أنابيب يرتبط بدروجبا، وسيتطلب ذلك مساعدة وارسو، التي لديها مشكلات إمداد هي الأخرى عليها التعامل معها أثناء التخلص التدريجي من الطاقة الروسية.

وقالت وزيرة المناخ البولندية، آنا موسكوفا، إن الحكومة، التي تساعد بالفعل في إمداد مصفاة ألمانية أخرى في ليونا، تريد إخراج "روسنفت" من ملكية "بي سي كيه"، وأشارت إلى أن البلاد قد تسعى إلى المزيد في المقابل.

كشفت موسكوفا: "نحن نعمل مع الجانب الألماني على نموذج مشترك جديد لإدارة المصافي على أن يكون الأمثل لكل من المجتمعين البولندي والألماني.. يمكنني أن أؤكد لكم أنه نموذج عمل، وليس عمل خيري".

شكوك السكان المحليين

يشك السكان المحليون في شفيدت، التي تتفاخر بضمها لكنيسة يعود تاريخها إلى القرن الثالث عشر، في إمكانية إعادة توجيه روابط البنية التحتية البالغ عمرها عقود بنجاح خلال أكثر من ستة أشهر بقليل.

قال غوندولف شويلك، رئيس الغرفة الإقليمية للصناعة والتجارة: "كانت هناك عدة أزمات مع روسيا منذ تأسيس المصفاة، لكن لم تؤثر هذه الأزمات أبداً على علاقة التوريد.. إلا أن الصراع الحالي- بنطاقه الواسع وعقوباته وكذلك العقوبات المضادة- غير مسبوق".

تذوقت برلين بالفعل ما يمكن أن يحدث إذا جف الخام الروسي، ففي عام 2019، تبين أن الإمدادات عبر دروجبا ملوثة، وفي غضون أسابيع قليلة، كانت برلين تعاني من نقص شديد وتحتاج إلى تأمين شحنات طارئة من زيت التدفئة والديزل والبنزين من هامبورغ.

في هذه الحالة، كانت المشكلة قصيرة الأجل، أما الآن، هناك تحول أكثر هيكلية قيد التنفيذ، ولم تستعد مصفاة "بي سي كيه" بشكل كافي لتوقف إمدادات النفط الخام الروسي الرخيص لبعض الوقت، أو لنهاية عصر الوقود الأحفوري.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

جهود بلا نتائج فورية

على المدى الأطول، يضغط مسؤولو المدينة لتغيير ليس فقط المصفاة ولكن أيضاً الاقتصاد المحلي من خلال إنشاء "مقر للابتكار" لجذب الشركات الناشئة والشركات الصناعية المستدامة.

تنشيء شركة "بيو-لوشنز إنترناشونال" (Bio-Lutions International)، مصنع يحوّل القش وسيقان الطماطم إلى بديل للتغليف البلاستيكي، وتنتج شركة "فيربيو فيرينغتي بيو إنرجي" (Verbio Vereinigte BioEnergie)، الواقعة في لايبزيغ، بالفعل الديزل الحيوي والإيثانول الحيوي والميثان الحيوي في موقع "بي سي كيه" وتشاركها في خطوط الأنابيب والسكك الحديدية والبنية التحتية للمعالجة.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

لكن هذه الجهود ليست بديلاً فورياً للمصفاة، التي توظف حوالي 1200 شخص وتحافظ على الأقل على العديد من الوظائف الإضافية لدى الشركاء المحليين، وأيضاً، تدفيء الحرارة المتولدة من المصنع 80% من منازل شفيدت خلال فصل الشتاء.

قال كلاوس سوتر، الرئيس التنفيذي لشركة "فيربيو"، في مؤتمر عبر الهاتف الأسبوع الماضي: "إذا توقفت "بي سي كيه" عن الإنتاج، فلن يكون هناك وقود في ألمانيا الشرقية ولا برلين بعد الآن.. المنطقة بأكملها ستموت".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك