من المقرر أن تصبح ألمانيا مركزاً عملاقاً للغاز الطبيعي المُسال في غضون عام، إذ تتسارع جهودها نحو توفير محطات استيراد جديدة بهدف خفض اعتمادها على الوقود الروسي.
ستعلن الحكومة هذا الأسبوع عن تشريع لتقليص الإطار الزمني المقرر للحصول على الموافقة على مثل هذه المنشآت إلى عُشر المدة المعتادة. فهي تخطط لإنشاء أربع محطات عائمة، بما يتيح لها استبدال ما لا يقل عن 70% من واردات الغاز الروسي، مما يمثل تحولاً كبيراً في سياسة الطاقة بعد سنوات من رفض الغاز الطبيعي المُسال الأمريكي الأكثر تكلفة.
ألمانيا قد تخسر 240 مليار دولار إذا توقفت إمدادات الطاقة الروسية
قال وزير الاقتصاد روبرت هابيك، في تصريحات بمدينة فيلهلمسهافن الساحلية: "لدينا فرصة جيدة للقيام بما هو مستحيل بالفعل في ألمانيا، وهو بناء محطة للغاز الطبيعي المُسال في غضون عشرة أشهر وربطها بإمدادات الغاز الألمانية. هذه الجهود ليست مصلحة ذاتية لألمانيا فحسب؛ لكنَّنا نقوم أيضاً بإنشاء بنية تحتية تمثل الأمن لأوروبا".
يتسابق مستوردو الغاز في الاتحاد الأوروبي لتأمين شحنات بديلة مع قطع العلاقات مع نظام فلاديمير بوتين وسط الحرب في أوكرانيا. بالنسبة إلى ألمانيا، التي حصلت على أكثر من نصف إمداداتها من روسيا العام الماضي؛ فإنَّ عمليات التسليم في المحطات الأربع المخطط لها ستغطي حوالي ثلث استهلاكها السنوي، مع تعزيز قدرة الاستيراد الإجمالية للاتحاد الأوروبي بمقدار الخُمس.
الاستجابة للمخاطر
قال جورغ بيرغمان، الرئيس التنفيذي لشركة "أوبن غريد يوروب" (Open Grid Europe)، وهي أكبر مشغّل لشبكات الغاز في البلاد: "تمكّنت الحكومة الألمانية من إجراء تغييرات سريعة في خططها المتعلقة بالطاقة بهدف الاستجابة لمخاطر عدم كفاية الغاز. وتعكف الدولة على تسريع مشروعاتها، على نحو غير مسبوق من قبل. وإنَّنا قادرون على توفير البنية التحتية في زمن قياسي".
خلاف بين ألمانيا وقطر حول شروط اتفاق توريد الغاز الطبيعي المسال
وكانت ألمانيا قد رفضت الغاز الطبيعي المُسال الأمريكي لفترة طويلة، والذي وصفته إدارة ترمب بأنَّه "غاز الحرية"، الأمر الذي يضغط على الجهود السابقة لبناء محطات في بيروقراطية طويلة. وقد فضّل مشتروها الغاز المتدفق عبر خطوط الأنابيب الأرخص سعراً، في حين أبدت الحكومة قلقها من أنَّ جلب شحنات الغاز الأمريكية، التي تضم منتج التكسير، قد يضرّ بقدراتها البيئية.
تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في تغيير جذري في الموقف، إذ قال مسؤول طلب عدم الكشف عن هويته، إنَّ القانون الجديد، الذي قد يُعرض على مجلس الوزراء للموافقة عليه في يومي الثلاثاء أو الأربعاء، سيلغي بعض الضوابط البيئية، من بين عددٍ من الإجراءات الأخرى الرامية إلى تسريع الإنشاء.
وقال هابيك، إنَّه في ظل وجود عدد أقل من العقبات التي يجب إزالتها؛ فإنَّ المحطات الأربع العائمة المخطط لها، والتي عادة ما سيستغرق بناؤها عدة سنوات؛ يمكن تركيبها جميعاً بحلول الربيع المقبل.
أسرع وأرخص
كانت ألمانيا قد وقَّعت الأسبوع الماضي عقوداً لاستئجار المحطات بالشراكة مع شركتي المرافق "آر دبليو إي" (RWE) و"يونيبر" (Uniper). وتعد هذه المنشآت أسرع وأرخص في التشغيل مقارنة بتلك المنشآت البرية، ولا تتطلب سوى استئجار سفينة قائمة، وإجراء تعديلات على البنية التحتية داخل الشاطئ وخارجه، وربطها بشبكة خطوط الأنابيب في الدولة.
ستمكّن المحطات العائمة هذه، بالإضافة إلى محطتين سيتم بناؤهما على البر، ألمانيا من التقدّم على المملكة المتحدة من حيث قدرة استيراد الغاز الطبيعي المُسال، وبعد إسبانيا بين دول الاتحاد الأوروبي فقط. وهناك العديد من المحطات البرية الأخرى في مراحل التخطيط المبكرة. وتعمل جميعها على تحقيق هدف ألمانيا المتمثل في خفض حصة الغاز التي تستوردها من روسيا إلى 10% بحلول منتصف عام 2024، من النسبة الحالية البالغة 35%، وأكثر من 50% التي كانت قبل الغزو.
اختتم هابيك تصريحاته: "يتعيّن علينا اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أن نزيد من قوة ركائز إمداداتنا من الطاقة. فلا يمكن ضمان أمن الإمدادات إلا على المدى الطويل إذا فكرنا في ذلك جنباً إلى جنب مع تطوير البنية التحتية للغاز الطبيعي المُسال".