وقف إمدادات الغاز الروسي لبولندا وبلغاريا يكشف انقسامات في الاتحاد الأوروبي

أوروبا تواجه خطر قطع إمدادات الغاز الروسي - المصدر: بلومبرغ
أوروبا تواجه خطر قطع إمدادات الغاز الروسي - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

رويترز

أوقفت روسيا إمدادات الغاز إلى بلغاريا وبولندا يوم الأربعاء لرفضهما الاستجابة لطلبها بسداد قيمة الغاز بالروبل، في خطوة تستهدف بشكل مباشر اقتصادات أوروبية وتكشف أيضاً عن انقسامات في الاتحاد الأوروبي بشأن كيفية الرد على غزو موسكو لأوكرانيا.

يأتي القرار، الذي ندد به زعماء أوروبيون ووصفوه بأنه "ابتزاز"، في وقت يتراجع فيه الاقتصاد الروسي تحت وطأة عقوبات دولية كاسحة ومع تكثيف الدول الغربية شحنات الأسلحة لمساعدة أوكرانيا في صد هجوم روسي جديد في الشرق.

وأفادت أوكرانيا يوم الأربعاء بأن القوات الروسية حققت مكاسب في عدة قرى هناك. وشهدت روسيا عدداً من التفجيرات على جانبها من الحدود وحريقاً في مستودع أسلحة.

وقال المدعي العام الأوكراني إن القوات الروسية استخدمت الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت لتفريق مسيرة مؤيدة لأوكرانيا في مدينة خيرسون جنوب البلاد، وهي أول مركز حضري كبير تستولي عليه موسكو بعد الغزو في 24 فبراير.

وقالت شركة الطاقة الروسية العملاقة "غازبروم"، التي تحتكر تصدير الغاز في روسيا، إنها "أوقفت بالكامل إمدادات الغاز" لشركات الغاز البولندية والبلغارية "بسبب عدم سداد المدفوعات بالروبل" على النحو المنصوص عليه في مرسوم صادر عن الرئيس فلاديمير بوتين يهدف إلى التخفيف من تأثير العقوبات على الاقتصاد الروسي.

وقال الرئيس البولندي، أندريه دودا، إن هذه الخطوة تنتهك "المبادئ القانونية الأساسية". وقال وزير الطاقة البلغاري، الكسندر نيكولوف، إن الغاز يستخدم "كسلاح سياسي واقتصادي".

وقال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إن روسيا تظل مورِّداً موثوقاً للطاقة، ونفى تورطها في عملية ابتزاز. ورفض الكشف عن عدد الدول التي وافقت على التحول إلى دفع ثمن الغاز بالروبل لكن مستهلكين أوروبيين آخرين قالوا، إن إمدادات الغاز تتدفق بشكل طبيعي.

"أداة للابتزاز"

وصفت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، قطع إمدادات الغاز لبعض العملاء في أوروبا بأنه محاولة أخرى من جانب روسيا لاستخدام الغاز كأداة للابتزاز.

ويفتح نظام دفع الغاز الروسي الجديد، الذي يتضمن فتح حسابات في مصرف "غازبروم بنك" إذ يمكن تحويل المدفوعات باليورو أو الدولار إلى روبل، مجالاً للمناورة يمكن أن تجعل بعض الدول تستمر في شراء الغاز الروسي، مما يثير توتر جبهة الاتحاد الأوروبي الموحدة ضد موسكو.

وقالت المفوضية إنه إذا أكد مشترو الغاز الروسي اكتمال الدفع بمجرد إيداعهم لليورو، على عكس ما حدث لاحقاً عندما يتم تحويل اليورو إلى روبل، فلن يخرق ذلك العقوبات. وكانت ألمانيا والنمسا والمجر بين الدول التي سلكت هذا الطريق.

وانضمت بولندا وبلغاريا، اللتان كانتا من الدول التابعة لموسكو إبان العهد السوفيتي، إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. وبولندا من أشد المعارضين للكرملين بخصوص الحرب.

وكانت علاقات بلغاريا مع روسيا أكثر دفئاً، لكن رئيس الوزراء، كيريل بيتكوف، وهو ناشط مناهض للكسب غير المشروع تولى منصبه العام الماضي، ندد بغزو أوكرانيا. ومن المقرر أن يصل إلى كييف يوم الأربعاء للاجتماع مع الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي.

وبلغاريا وبولندا هما الدولتان الأوروبيتان الوحيدتان اللتان أبرمتا عقوداً مع "غازبروم" من المقرر أن تنتهي بنهاية هذا العام، مما يعني أن بحثهما عن إمدادات بديلة يجري على قدم وساق.

يأتي وقف الإمدادات في الوقت الذي أصبح فيه الطقس أكثر دفئاً وتقل الحاجة إلى الغاز للتدفئة، وبالتالي من غير المرجح أن يؤدي ذلك إلى انقطاع فوري للإمدادات عن المستهلكين. وتقول بولندا، إن لديها مخزوناً كبيراً من الغاز، أما بلغاريا، والتي استهلاكها أقل نسبياً، فتبحث عن إمدادات بديلة من اليونان وتركيا.

لكن إذا استمر الانقطاع لعدة أشهر أو امتد إلى دول أخرى، فقد يتسبب ذلك في فوضى لقارة تعتمد على الغاز الروسي الوفير والرخيص لتدفئة المنازل وتشغيل المصانع وتوليد الكهرباء.

وتحث كييف دول الاتحاد الأوروبي على وقف تمويل جهود موسكو الحربية من خلال وقف الواردات التي تجلب لروسيا مئات الملايين من الدولارات يومياً.

وتأمل ألمانيا، أكبر مشترٍ للطاقة الروسية، في وقف استيراد النفط الروسي في غضون أيام، لكن حرمان نفسها من الغاز الروسي يمثل تحدياً أكبر بكثير.

قال وزير الاقتصاد، روبرت هابيك، إن فرض حظر على الغاز الروسي، أو وقفه سيدفع أكبر اقتصاد في أوروبا إلى الركود.

في الوقت نفسه أشارت وثيقة لوزارة الاقتصاد الروسية يوم الأربعاء إلى أن الاقتصاد الروسي قد ينكمش بنسبة تصل إلى 12.4% هذا العام بسبب تأثير العقوبات وارتفاع التضخم.

عاقبة قاسية

منذ أن تم صد القوات الروسية عند ضواحي كييف الشهر الماضي، أعادت موسكو تركيز عملياتها على شرق أوكرانيا، وبدأت هجوماً جديداً من عدة اتجاهات للسيطرة الكاملة على إقليمين يعرفان باسم دونباس.

وقال وزير الدفاع الأوكراني، أوليكسي ريزنيكوف، على صفحته على فيسبوك "لقد حشدت روسيا بالفعل قوتها لشن هجوم كبير في شرق أوكرانيا... سنحتاج في الأيام المقبلة إلى كل ما لدينا من قدرة على الصمود ووحدة استثنائية".

قالت السلطات إن دوي انفجارات سُمعت في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء في ثلاث مقاطعات روسية على الحدود مع أوكرانيا، واشتعلت النيران في مستودع للذخيرة في مقاطعة بيلجورود.

لم تعلن كييف مسؤوليتها عن هذه الحوادث وغيرها التي وقعت في وقت سابق، لكنها وصفتها بأنها دفع للثمن. وكتب المستشار الرئاسي الأوكراني ميخايلو بودولاك على وسائل التواصل الاجتماعي أن "العاقبة شيء قاس".

وقال مساعد لرئيس بلدية مدينة ماريوبول الساحلية المدمرة إن القوات الروسية جددت هجماتها على مصنع آزوفستال للصلب، حيث يتحصن مقاتلون وبعض المدنيين. ولم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن محاولة إجلاء المدنيين من ماريوبول يوم الأربعاء.

ورغم انهيار العلاقات بين روسيا والغرب، أجرت موسكو وواشنطن عملية تبادل أسرى. فقد أطلقت الولايات المتحدة سراح الطيار الروسي، كونستانتين ياروشينكو المسجون بتهمة تهريب مخدرات، وأفرجت روسيا عن جندي مشاة البحرية الأمريكية السابق، تريفور ريد، المتهم بالاشتباك مع الشرطة.

وزاد القلق في الأيام الأخيرة بشأن احتمال اتساع نطاق الصراع ليشمل مولدوفا المجاورة، حيث ألقى الانفصاليون الموالون لروسيا باللوم على أوكرانيا في هجمات تم الإبلاغ عنها هذا الأسبوع في منطقتهم التي تحتلها القوات الروسية منذ تسعينيات القرن الماضي.

وقالت السلطات في ترانسنيستريا إنه وقع إطلاق نار عبر الحدود من أوكرانيا يوم الأربعاء. وتصف كييف هذه الاتهامات بأنها استفزاز، وتتهم حكومة مولدوفا الموالية للغرب الانفصاليين بمحاولة إثارة صراع.

وتسبب غزو أوكرانيا في سقوط الآلاف بين قتيل وجريح، وحول البلدات والمدن إلى أنقاض، وأجبر أكثر من خمسة ملايين شخص على الفرار للخارج. وتصف موسكو تحركها بأنه "عملية خاصة" لنزع سلاح أوكرانيا. بينما تصف كييف وحلفاؤها الحرب بأنها عمل عدواني غير مبرر.

تصنيفات

قصص قد تهمك