حذّرت معاهد اقتصادية من تكبّد ألمانيا خسارة تقدر بنحو 220 مليار يورو (240 مليار دولار) على مدى العامين التاليين في حالة الوقف الفوري لإمدادات الطاقة الروسية بسبب الحرب في أوكرانيا.
قالت المعاهد التي تقدم المشورة للحكومة في برلين، اليوم الأربعاء، في تقرير توقعات مشترك، إن الوقف الكامل لواردات الغاز الطبيعي الروسي سيؤدي إلى "ركود حاد"، موضحة أن الخسارة التي يتكبدها أكبر اقتصاد في أوروبا ستعادل 6.5% من الناتج السنوي.
قال التقرير: "من المرجح أن يظل قرار الاستغناء عن الإمدادات الروسية من المواد الخام ساري المفعول، حتى عندما يهدأ الوضع العسكري والسياسي مرة أخرى.. هذا يعني أن جزءاً من إمدادات الطاقة والصناعة كثيفة الاستخدام للطاقة يجب أن تعيد تنظيم نفسها".
وسط تزايد الخسائر البشرية والتقارير عن ارتكاب الفظائع الوحشية، تعرضت ألمانيا لضغوط متزايدة لتبرير رفضها للحظر المفروض على الغاز الروسي، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع بمثابة النفوذ النهائي بالنسبة للرئيس فلاديمير بوتين.
رفضت أوكرانيا طلب فرانك فالتر شتاينماير، رئيس ألمانيا، لزيارة كييف الأسبوع الجاري، بعد انتقادات لدعمه السابق لخط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" من روسيا إلى ألمانيا، ودوره عندما كان وزيراً للخارجية يشجع المصالحة والحوار مع الكرملين.
سلّط وزير المالية الألماني، كريستيان ليندنر، الضوء على التحديات الضخمة التي تواجه بلاده، في الوقت الذي تحاول فيه وقف الاعتماد على الطاقة الروسية بأسرع ما يمكن، مع السعي أيضاً لتحقيق هدف الحياد المناخي بحلول عام 2045.
كتب "ليندنر"، رئيس الحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي)، في مقال عبر مدونة صحيفة "هاندلسبلات" نُشر اليوم الأربعاء: "لن يعود عالمنا كما كان من قبل". وأضاف: "نحن بحاجة إلى نماذج أعمال جديدة وأفكار جديدة وسلاسل إمداد جديدة وعلاقات تجارية جديدة.. علينا تقليل التبعية أحادية الجانب، سواء كان ذلك عندما يتعلق الأمر باستيراد الطاقة من روسيا أو التصدير إلى الصين".
وقال المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية، ومقره برلين، وهو أحد المعاهد المشاركة في وضع التقديرات، إن ألمانيا يمكن أن تكون في وضع يسمح لها بعدم الاعتماد على الغاز الروسي، والذي يمثل حالياً خمسي وارداتها من الغاز.
ذكرت مجموعة المعاهد أن الجمع بين التخزين المرتفع ودعم إمدادات الطاقة الأخرى، وتنفيذ برامج لخفض الطلب يمكن أن يُعوّض روسيا في أقرب وقت خلال الشتاء.
ولا يتفق مجتمع الأعمال مع هذا الرأي بشكل عام، حيث حذّر قادة الصناعة، بما في ذلك الرئيس التنفيذي لمصرف "دويتشه بنك"، كريستيان سوينغ، من العواقب الاقتصادية الوخيمة في حالة انقطاع الإمدادات الروسية.
خفض التوقعات
حتى في حالة عدم وجود قطع الإمدادات، فقد خفّض التقرير من التوقعات للاقتصاد الألماني، إذ رجّح أن يسجل معدل نمو بنسبة 2.7% في عام 2022 و3.1% في عام 2023.
تقارن هذه الأرقام مع التوقعات السابقة للتوسع بنسبة 4.8% و1.9%، كما سيبلغ متوسط التضخم 6.1% في عام 2022، وهو أكبر معدل في 40 عاماً.
قال ستيفان كوثس، نائب رئيس معهد كيل للاقتصاد العالمي: "إن موجات الصدمة من الحرب في أوكرانيا تُلقي بثقلها على النشاط الاقتصادي على جانبي العرض والطلب.. زيادة أسعار سلع الطاقة الحيوية في أعقاب الغزو الروسي تزيد من الضغط التصاعدي على الأسعار".
يواجه الاقتصاد الألماني كثيف الاعتماد على الصناعة عقبات كبيرة، بعد أن أدت الحرب إلى ارتفاع أسعار الطاقة، وتعطل سلاسل التوريد التي كانت تعاني بالفعل من الأزمات المرتبطة بالوباء.
بلغ التضخم 7.6% في أول شهر كامل بعد نشوب الحرب، وهو أعلى مستوى منذ بدء تسجيل البيانات، بعد إعادة توحيد شطري ألمانيا في أوائل التسعينيات من القرن الماضي.
تُعدّ الشركات هي الأكثر تعرضاً للخطر على نحوٍ خاص، بسبب اعتماد ألمانيا على الغاز الروسي.
وافق الائتلاف الحاكم الأسبوع الماضي على حزمة مساعدات للشركات التي تعاني من الأزمة الحالية، وتضمنت المساعدات القروض، وضمانات القروض، وضخ رأس المال، كما استهدف الحزمة مساعدة شركات الطاقة على وجه الخصوص.