سيتم تعيين رئيس تنفيذي لشركة "بتروليو برازيليرو" (Petroleo Brasileiro)، أكبر منتج للنفط في أمريكا اللاتينية، وذلك للمرة الثالثة منذ أوائل عام 2021، بعد إقالة يواكيم سيلفا إي لونا من هذا المنصب نتيجة الضغط السياسي المتزايد لاحتواء أسعار الوقود في البرازيل.
تأتي الإطاحة بـ لونا بعد عام واحد فقط من تعيينه في المنصب في غضون أقل من شهر من إعلان شركة "بتروبراس" (Petrobras) عن زيادة أسعار الديزل والبنزين، مما أثار غضب الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو. وقد تراجعت الأسهم إثر التكهنات بإقالته من منصبه.
وعلى الرغم من تعهّد الرئيس البرازيلي مراراً بعدم التدخل في الشركة؛ لم يُدرج اسم لونا ضمن قائمة أعضاء مجلس الإدارة المعينين من قبل الحكومة، والتي تم إصدارها في وقت متأخر من أمس الإثنين. وبما أنَّ لوائح "بتروبراس" تنص على أنَّ الرئيس التنفيذي يجب أن يكون عضواً بمجلس الإدارة؛ فإنَّ هذه الخطوة تعني بشكل أساسي الإطاحة بـ لونا من المنصب.
عيّنت الحكومة أدريانو بيريس، والذي يمتلك خبرة في هذه الصناعة تمتد لـِ 30 عاماً ويشغل منصب المدير في المركز البرازيلي للبنية التحتية، وقد عمل سابقاً في وكالة النفط الوطنية، حيث سيحلّ محلّ لونا. ويتعيّن التصديق على القرار من قبل مجلس إدارة الشركة في اجتماعه المقرر في 13 أبريل المقبل، وهو المجلس الذي تملكه الحكومة.
وبصفته رئيساً تنفيذياً؛ سيتعيّن على بيريس التعمّق في السياسة المحلية، إذ تشكّل أسعار الوقود قضية رئيسية للحملة الانتخابية هذا العام. وتمت إقالة سلف لونا عبر منشور على "فيسبوك" إثر خلاف مع الرئيس بشأن أسعار الوقود.
مخاوف الدعم الحكومي
عندما اختار بولسونارو لونا، وهو جنرال ليست لديه خبرة سابقة في النفط، وكان من المقربين من الرئيس البرازيلي؛ فقد تسبّب ذلك بالقلق من أنَّ الشركة المملوكة للدولة ستبدأ في إنفاق مليارات الدولارات في دعم الوقود، كما فعلت خلال طفرة النفط 2011-2014. وتراجعت الأسهم وبادر المحللون بإصدار توصيات ببيع الأسهم. وبدلاً من ذلك؛ تمسّك لونا بتركيز سلفه على الأرباح وخفض الديون، حتى أنَّه أبقى معظم فريق الإدارة الحالي في وظائفهم.
وخفّضت "بتروبراس" ديونها بشكل كافٍ يمكّنها من استئناف توزيعات الأرباح العادية العام الماضي تحت قيادة لونا، والذي تمسّك إلى حد كبير بسياسة "بتروبراس" من ناحية تتبّع أسعار الوقود عالمياً، والتي نالت الإشادة من جانب المستثمرين، ولكن ليس في البرازيل. وتواجه الشركة المنتجة للنفط غمار جدل سياسي في الداخل، إذ انتقد كل من بولسونارو وخصمه الرئيسي في انتخابات أكتوبر، لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، بتروبراس لأنَّها فرضت أسعاراً مرتفعة.
ضربة جديدة لـلرئيس البرازيلي في الانتخابات المقبلة.. الاقتصاد يواصل الركود
دافع بيريس، وهو شخصية معروفة في أوساط الطاقة، عن قدرة "بتروبراس" على تحديد أسعارها الخاصة في مقالات الرأي الأخيرة، واستدلّ على حجته بحلول، مثل الصندوق الذي من شأنه أن يسمح للحكومة بدعم تكاليف الوقود مؤقتاً لاحتواء الصدمات.
وكتب في مقالة نُشرت بتاريخ 22 مارس الجاري عبر موقع "بودير 360" (Poder360): "ما لا يمكننا القيام به، ولا يجب أن نقوم به، هو الانصياع لإغراء التدخل في أسعار بتروبراس، وهو الأمر الذي تسبّب في خسائر للبرازيليين فقط". كما دافع عن بيع أصول الشركة والضغط لزيادة المنافسة في قطاع التكرير.
التعديل
إلى حين تم التعديل في وقت سابق من الشهر الجاري؛ حافظت "بتروبراس" على استقرار الأسعار لمدة 57 يوماً، حتى مع تداول النفط فوق مستوى 100 دولار للبرميل بعد أن غزت روسيا أوكرانيا. وفي حين انتقد بولسونارو قرار رفع الأسعار؛ دافعت "بتروبراس" عن هذه الخطوة على وسائل التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى مخاوف من احتمال حدوث نقص في الإمدادات كون الشركة ليست المستوردة الوحيدة في البرازيل.
"إكسون" تحفر بئر نفط لم ينتج في انتكاسة للتنقيب بالبرازيل
برغم أنَّه لا يتسنّى لـِ بولسونارو أن يصدر أوامره لـ "بتروبراس" مباشرة للقيام بذلك؛ إلا أنَّ الحكومة هي أكبر مساهم بالشركة، ولها صلاحيات تعيين أغلبية أعضاء مجلس الإدارة.
يعد لونا مهندساً بعد تلقيه التدريب في هذا المجال، فقد ترقى إلى رتبة جنرال بأربع نجوم، وأدار العديد من المشاريع الوطنية، بما في ذلك بناء طريق سريع وضخم عبر الأمازون بدأ في عقد الثمانينيات من القرن الماضي، واستغرق عقدين من الزمن حتى اكتماله. كما أدار سد "إيتايبو" للطاقة المائية خلال فترة حكم بولسونارو.