بدأت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في دراسة ما إذا كانت ستفرض حظراً على واردات النفط الروسي إلى الولايات المتحدة بدون مشاركة الحلفاء في أوروبا، وذلك في البداية على الأقل، بحسب مصدرين مطلعين على الموضوع.
ولم تصدر الإدارة الأمريكية قراراً يتعلق بحظر عمليات الاستيراد الأمريكية، في ظل بقاء توقيت ونطاق أي تحرك دون تحديد، بحسب مصادر تحدّثت بشرط عدم الإفصاح عن هويتها.
وقالت المصادر، إن مسؤولي الإدارة الأمريكية كانوا على اتصال وثيق بالحلفاء فيما يتصل بفرض حظر محتمل، بينما يعملون أيضاً على التجهيز للتأثير الناجم عن ذلك على الصعيد المحلي.
وصعد سعر النفط إلى 139 دولاراً للبرميل في التعاملات الآسيوية في يوم الإثنين بعد أن ظهر أن إدارة بايدن كانت تقوم بدراسة عملية فرض حظر محتمل على خام النفط الروسي، وهو ما أثار مخاوف تتعلق بالإمدادات في سوق مضطربة فعلياً.
كما صعد خام برنت بنسبة بلغت 18% قبل تراجع المكاسب، في حين تراجعت العقود المستقبلية للأسهم الأمريكية إثر وجود احتمالية لزيادة معدلات التضخّم.
وكان مسؤولو الإدارة بصدد المناقشة مع قطاع النفط والغاز الأمريكي خلال الأسبوع الماضي حول الطريقة التي يمكن بها أن يؤثر الحظر على المستهلكين الأمريكيين وإمدادات الطاقة العالمية، حيث يتسابق المشرعون في كلا الحزبين في واشنطن لتقديم مشاريع قوانين لمنع تدفق واردات النفط الروسية من أجل معاقبة الكرملين على غزوه لأوكرانيا.
وقالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، في رسالة إلى المشرعين في يوم الأحد: إن مجلس النواب "ينظر في تشريعات صارمة" التي سيتم بموجبها حظر استيراد منتجات النفط والطاقة الروسية من بين تحركات أخرى لعزل روسيا عن الاقتصاد العالمي. وتصاعدت الضغوطات لاتخاذ إجراءات عقب مطالبة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للمشرعين بحظر استيراد النفط الروسي خلال مكالمة يوم السبت الماضي.
ضمان توفير إمدادات
في وقت سابق من يوم الأحد، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن" إن الولايات المتحدة وحلفاءها في أوروبا يناقشون عملية محتملة لفرض حظر على واردات النفط الروسية لتصعيد الضغوطات الاقتصادية على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جراء الحرب في أوكرانيا. وقال بلينكن، الذي كشف عن أنه ناقش الموضوع مع الرئيس جو بايدن يوم السبت الماضي، إنه سيتوجب ضمان توفير إمدادات النفط في حال اتخاذ إجراء من ذلك النوع.
وصرّح بلينكن، الذي عقد محادثات في منطقة أوروبا الشرقية يوم الأحد، لبرنامج "ميت بريس" على محطة تلفزيون "إن بي سي": "نحن حالياً في خضمّ مناقشات فعّالة تماماً مع شركائنا في أوروبا حيال فرض حظر على استيراد النفط الروسي إلى دولنا، بينما نحافظ في الوقت ذاته، قطعاً، على إمدادات عالمية من النفط في حالة استقرار".
وأظهرت البيانات الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن النفط الروسي يمثل نحو 3% من كافة شحنات الخام التي وصلت إلى الولايات المتحدة خلال السنة الماضية، وهبطت واردات الولايات المتحدة من الخام الروسي في سنة 2022 لتسجل الوتيرة السنوية الأكثر بطئاً منذ سنة 2017، بحسب شركة جمع المعلومات "كبلير" (Kpler).
وعندما يجري إضافة المنتجات البترولية الأخرى للقائمة - على غرار زيت الوقود غير المكتمل الذي يمكن استخدامه لإنتاج البنزين والديزل، فإن روسيا تكون قد استحوذت على نحو 8% من واردات النفط لسنة 2021، رغم أن هذه الشحنات اتجهت أيضاً إلى التراجع في غضون الشهور الأخيرة.
وعلى الأرجح سيقتفي حلفاء الولايات المتحدة الآخرون على غرار كوريا الجنوبية واليابان أثرها في حال حظرت إدارة بايدن النفط الروسي رغم أنه سيجعلهم عرضة للخطر، بحسب جون دريسكول، كبير الخبراء الإستراتيجيين في شركة "جيه تي دي إنرجي سيرفيسيس"، الذي أمضى ما يفوق 30 سنة في العمل بمجال تجارة النفط الخام والمواد البترولية في سنغافورة.
وقال دريسكول: "إنك تمسك بواحد من أكبر مصدري النفط على مستوى العالم وتخرجه من الحسابات. سينجم عن ذلك تأثير ملموس ليس فقط على صعيد صادرات النفط الروسية بيد أنه أيضاً سيؤثر على سلاسل التوريد بالكامل".
التأثير الاقتصادي
وكان الغاز والنفط الروسيان في الغالب بمنأى عن العقوبات التي وقعتها الولايات المتحدة والدول الأوروبية، جراء الشعور بالقلق حيال التأثير الاقتصادي لها، بما فيه اعتماد أوروبا بطريقة متزايدة على النفط الروسي، وبصفة خاصة الغاز الطبيعي.
وألمحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى صعوبة الحدّ من اعتماد الاتحاد الأوروبي على الوقود الأحفوري الروسي في الأجل القريب.
وقالت في برنامج "حالة الاتحاد" المذاع على شبكة" سي إن إن" في يوم الأحد: "نحن نناقش فقط في الاتحاد الأوروبي التوصل لمقاربة إستراتيجية، ووضع خطة ما، وسبل الإسراع من وتيرة الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، وطريقة تنويع إمدادات الطاقة الخاصة بنا".
وقدّم السناتور الديمقراطي جو مانشين، وهو عضو في مجموعة من أعضاء الكونغرس من الحزبين يدعمون مشروع قانون لفرض قيود، مقترحاً في يوم الأحد بأن تأخذ الولايات المتحدة هذا التحرك بمفردها.
وصرّح مانشين لشبكة "إن بي سي"، ضمن إشارة إلى موارد غير مستغلة في قطاع الطاقة الأمريكي قائلاً: "من الحماقة في الأساس أن نواصل شراء المنتجات ومنح الأرباح وإعطاء الأموال لبوتين حتى يستطيع استغلالها ضد الشعب الأوكراني". وتابع: "فلماذا لا نأخذ زمام المبادرة؟ لماذا لا نبين العزيمة التي نمتلكها؟".