تكثِّف روسيا جهودها في العمل على خط أنابيب "نورد ستريم 2" قبل أن تشدد الولايات المتحدة عقوباتها على المشروع المثير للجدل، والمصمم لتزويد ألمانيا بالمزيد من الغاز الطبيعي.
وقالت الشركة المشغِّلة للمشروع، إنَّ بناء خط الأنابيب بطول 1230 كيلومتراً (764 ميلاً) وصل إلى مرحلة مهمة يوم الإثنين مع استكمال مدِّ الأنابيب في المنطقة الاقتصادية الألمانية. وتضمُّ الخطوات التالية استئناف العمل في الجزء الدنماركي من بحر البلطيق، إذ سيتمُّ تحديد الجزء الأكبر من الأجزاء المتبقية من أنبوب الربط البالغ طوله 157 كيلومتراً.
وفي ردٍّ على الأسئلة في رسالة بريد إلكتروني يوم الثلاثاء، قالت شركة "نورد ستريم 2"، إنَّ "هناك حوالي 120 كيلومتراً في المياه الدنماركية، وحوالي 30 كيلومتراً في المنطقة الاقتصادية الألمانية. لسنا في وضع يسمح لنا بتقديم المزيد من تفاصيل العمل. وسنبلّغ عن المزيد من أنشطة البناء البحرية في الوقت المناسب ".
"انتصار بوتين وغازبروم"
يعدُّ التقدم في العمل على أنبوب الربط هذا انتصاراً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ولشركة "غازبروم" بطلة تصدير الغاز في البلاد. وسيسمح المشروع عند اكتماله لروسيا بتوسيع شحنات الغاز إلى أوروبا، والالتفاف على ممرِّ النقل التقليدي عبر أوكرانيا. وتقول الولايات المتحدة ودول أوروبا الشرقية، إنَّ "نورد ستريم 2" سيجعل ألمانيا، والاتحاد الأوروبي يعتمدان بشكل كبير على الغاز الروسي.
وتوقَّف بناء المشروع الذي تبلغ تكلفته 9.5 مليار يورو (11.6 مليار دولار) قبل عام بسبب العقوبات الأمريكية، ولم يُستأنف إلا في وقت سابق من هذا الشهر عندما حصلت "غازبروم" على سفينتها الخاصة لتنفيذ أعمال مدِّ خط الأنابيب. كما قالت الهيئة البحرية الدنماركية الأسبوع الماضي، إنَّ مشروع "نورد ستريم 2" يمكنه استخدام السفينة "فورتونا" لتنفيذ الأعمال بدءاً من 15 يناير، بمساعدة سفن البناء "مورمان"، و"بالتييسكي إيسليد"، و"فاتل"، وسفن إمداد أخرى.
وبناءً على التصريح الدنماركي، يجب على الشركة المشغِّلة تقديم جدول زمني محدَّث إلى هيئة الطاقة الوطنية قبل تنفيذ الأعمال. وقالت الوكالة، إنَّ الهيئة التنظيمية لم تستلم الخطة المحدَّثة حتى الآن. ويمكن لسفينة "فورتونا" مدّ حوالي كيلومتر واحد من الأنابيب يومياً.
ويقدِّر المحلّلون أنَّ "نورد ستريم 2" سيبدأ عملياته مع نهاية عام 2021 ، مع معدَّل الإنجاز هذا، ضمن سيناريو متفائل.
خطوات أمريكية جادة لفرض العقوبات خلال أسابيع
في غضون ذلك، تناور الولايات المتحدة لتشديد العقوبات، وتمديدها على الشركات التي تقدِّم الشهادات الفنية، والتأمين على العمل. وكان هذا التشريع جزءاً من مشروع قانون دفاع أوسع أقرَّه الكونغرس، لكنَّ الرئيس دونالد ترمب رفضه. وصوَّت مجلس النواب على تجاوز حقِّ النقض. إذا وافق مجلس الشيوخ، بقيادة الحزب الجمهوري بزعامة ترمب على ذلك، فقد تدخل الإجراءات الجديدة حيز التنفيذ في الأسابيع القليلة المقبلة.
وفي حال تجاوز مجلس الشيوخ حقَّ النقض الذي استخدمه ترمب؛ فإنَّ "العقوبات الجديدة ضد "نورد ستريم 2" ستتحول إلى حقيقة"، على حدِّ قول ماتيوز كوبياك، كبير المحلِّلين في شركة "إسبيريس" (Esperis) الاستشارية للطاقة، ومقرها وارسو. وأضاف: "قد يكون مجرد عامل آخر سيجعل من الصعب على الروس استئناف الأعمال بشكل فعال، وفي الوقت المناسب" في المياه الدنماركية في يناير.
وقال: "سيتمُّ الآن معاقبة جميع الأنشطة الإضافية لمدِّ الأنابيب، بما في ذلك أعمال المسح، والحفر، ووضع الصخور".
في حال تجاوز مجلس الشيوخ حق النقض الذي استخدمه ترامب، فإنَّ العقوبات الجديدة ضد "نورد ستريم 2" ستتحول إلى حقيقة
تؤكِّد الولايات المتحدة أنَّ "نورد ستريم 2" يمنح روسيا الكثير من النفوذ في أوروبا، وأنَّ إمدادات الغاز الطبيعي المسال الأمريكية هي بديل أفضل.
ويستفيد "نورد ستريم 2" من اقتصادات ألمانيا، وأوروبا؛ لأنَّ سعر خط الأنابيب الروسي أقل بنسبة 20% من سعر الغاز الطبيعي المسال الأمريكي، وفقاً لبوتين.
قال ديمتري بيسكوف المتحدِّث باسم الكرملين للصحفيين الأسبوع الماضي، إنَّ العقوبات الأمريكية قد تعقِّد استكمال مشروع "نورد ستريم 2". كما قال نائب رئيس الوزراء ألكسندر نوفاك لقناة "روسيا 24: التلفزيونية يوم الإثنين، إنَّ خط الأنابيب سيُعطل ؛ لأنَّه جيد للأعمال الأوروبية.