عملة فنزويلا تستقر بعدما فقدت 99.99% من قيمتها

أوراق نقدية فنزويلية جديدة بعد شطب أصفار - المصدر: بلومبرغ
أوراق نقدية فنزويلية جديدة بعد شطب أصفار - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يبدو أن بوليفار فنزويلا بدأ ينتعش أخيراً بعد سنوات من سقوط حر بلا هوادة فيها أفقدته ما يداني كامل قيمته وأغرقت الملايين في فقر مدقع.

بلغ سعر العملة الفنزويلية 4.5 بوليفار مقابل الدولار تقريباً خلال الأشهر الأربعة الماضية، وهو استقرار جديد جاء دون حاجة لدعم من صانعي السياسة.

بدا وكأن هذه اللحظة لن تأتي أبداً مع خروج التضخم عن السيطرة، وواصلت الحكومة حذف الأصفار من البوليفار، حيث شطبت ستة منها في أكتوبر، وعمّت الفوضى الاقتصاد بعمق، إلا أن مجموعة عوامل تضافرت لكبح الانهيار، على الأقل في الوقت الحالي.

تشمل تلك العوامل النفط، الذي يجلب مزيداً من العملة الصعبة فيما ترتفع أسعاره دولياً ما نهض بالإنتاج المحلي بعد عقد من التراجع.

يجلب تعدين الذهب أيضاً الدولارات كما هو حال حفنة من صناعات التصدير الصغيرة والمتنامية مثل مزارع القريدس وصناعة الخمور وزراعة الكاكاو التي برزت في السنوات الأخيرة.

تبنى النظام الاشتراكي، الذي أثار دهشة الكثيرين، نهجاً تقليدياً إلى حد كبير لكبح جماح الإنفاق المالي وتحرير الاقتصاد، الذي طالما عانى من وطأة القيود الحكومية والبيروقراطية. حقق الاقتصاد نمواً لأول مرة منذ سبعة أعوام في 2021.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

استبدلوه بالدولار

جاء استقرار العملة بعد فوات الأوان أو متأخراً جداً للعديد من الفنزويليين، حيث فر الملايين من البلاد، وتخلت الملايين ممن بقوا في البلاد عن البوليفار واعتمدوا الدولار كعملة لهم، حيث يتلقون رواتبهم ويدفعون مستحقات كل شيء تقريباً بالدولار.

لكن عديداً من الفنزويليين الأشد فقراً ما يزالون يتقاضون أجورهم بالبوليفار، وبالنسبة لهم ساعدت قوة العملة بالحفاظ على القوة الشرائية القليلة المتبقية لديهم.

تباطأ التضخم بعملة البوليفار إلى وتيرة سنوية تبلغ 53% في الأشهر الثلاثة الماضية، انخفاضاً من أكثر من 1000% في السنوات الأخيرة، وفقاً لمؤشر بلومبرغ.

حتى أن الاقتصاديين المحليين الذين اعتادوا رؤية حكومة الرئيس نيكولاس مادورو ترتكب أخطاء متتالية في السياسات يعترفون بأن هذه المرة تبدو مختلفة بعض الشيء.

أوضح أسدروبال أوليفيروس، الذي يدير شركة "إيكواناليتيكا" (Ecoanalitica) للتحليل المالي، الأمر على هذا النحو: "سيبدأ البوليفار بالتراجع مقابل الدولار في مرحلة ما، لكن لن يكون على شاكلة التخفيض الهائل لقيمة العملة الذي هشّم الاقتصاد لسنوات".

يرى أوليفيروس في ظل حجم الاقتصاد الذي يُدار الآن بالدولار، أن الاهتمام الكبير الذي توليه الحكومة لـلبوليفار في غير محله، لكنه يقول "ما كنت لأسميها سياسة مصطنعة. إنها سياسة حقيقية".

ما تزال المخاطر كبيرة

إنها سياسة حقيقية لأن البنك المركزي استطاع إلى حد كبير بلوغ هذا الاستقرار دون الحاجة للسحب من احتياطياته الأجنبية المستنفدة بالفعل. وفرت زيادة الصادرات للبنك المركزي ما يكفي من العملة الصعبة لتلبية الطلب من البنوك.

باع البنك المركزي العام الماضي حوالي 1.5 مليار دولار ويورو في سوق الصرف الأجنبي، وفقاً لوثائق حكومية اطلعت عليها بلومبرغ.

ظلت الاحتياطيات الدولية في غضون ذلك ثابتة عند حوالي 6 مليارات دولار مع خصم أموال صندوق النقد الدولي التي لا تستطيع الحكومة الوصول إليها.

تبدو هذه السياسة مستدامة حالياً. باعت الشركات الحكومية حوالي 3.3 مليار دولار للبنك المركزي في 2021، مقابل 743 مليون دولار في 2020، حسب بيانات حكومية أُعلنت خلال مؤتمر عبر الهاتف مع المستثمرين الشهر الماضي وحصلت عليها بلومبرغ.

ما تزال المخاطر كثيرة. ستظل التدفقات الآتية من إنتاج النفط والصادرات الأخرى مرتفعة إذا واصل البنك المركزي المبيعات. ما يزال التضخم، فيما يتراجع، من بين أعلى المعدلات في العالم، ما سيؤدي في النهاية لضغط على العملة.

ترى تامارا هيريرا، الخبيرة الاقتصادية في "سينتيسيس فاينانسيرا" (Sintesis Financiera) ومقرها كاراكاس، مخاطرة بالثقة في أن البوليفار سيظل مستقراً على المدى الطويل، خاصة مع تقلب أسعار النفط والإنتاج. قالت: "احتمال أن يظل سعر الصرف مستقراً هذا العام مرتفع نسبياً... لكن هذا تبسيط مفرط لأحداث غير متوقعة".

يساعد عامل آخر على تفسير استقرار البوليفار، وهو انهيار الطلب على الواردات؛ حيث إن فنزويلا شديدة الفقر اليوم، والبوليفار أضعف من أن تشتري البلاد الكثير من الخارج.

بلغ إجمالي واردات فنزويلا أقل من 8 مليارات دولار في 2021 مقابل 53 مليار دولار قبل 10 سنوات.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك