أبدت أذربيجان استعدادها لتزويد أوروبا ببعض إمدادت الغاز الطارئة في حال تعطل الشحنات بسبب التوترات الناشبة بين روسيا وأوكرانيا.
قالت إيلين سليمانوف، سفيرة أذربيجان لدى المملكة المتحدة، يوم الجمعة، إنه في الوقت الذي لن تكفي فيه الصادرات الإضافية لتحل محل المورد الأكبر المتمثل في روسيا، فإن الدولة الغنية بالطاقة يمكنها إرسال مزيد من الشحنات إلى القارة الأوروبية. ومع ذلك فإنّ أي زيادة كبيرة في أحجام الشحنات تتطلب من أوروبا التوقيع على عقود طويلة الأجل للغاز.
تسعى أوروبا لتأمين مصادر بديلة للغاز في حال توقف الشحنات من روسيا أو تعطلها، مع العلم أن أذربيجان قدمت بالفعل إمدادات إضافية إلى تركيا بعد توقف التدفقات القادمة من إيران.
أجرى مفوض الطاقة بالاتحاد الأوروبي قدري سيمسون محادثات مع الولايات المتحدة وقطر، وسيحضر اجتماعاً وزارياً سيُعقد في 4 فبراير لممر الغاز الجنوبي، وهي شبكة يدعمها الاتحاد الأوروبي بدأت في نقل الغاز من بحر قزوين إلى جنوب إيطاليا قبل أكثر من عام.
شراكات مع كبار منتجي الطاقة
قال سليمانوف في مقابلة أجراها في لندن: "إذا كانت هناك حاجة ملحة كما رأينا في تركيا، فسيتوفر بعض الشحنات بالطبع، لكن أحجام الشحنات القادمة من أذربيجان لا تعادل الأحجام الروسية، وهذا واضح".
من الممكن أن تنتج أذربيجان مزيداً من الغاز وتوسع ممر الغاز الجنوبي الخاص بها، وهو نظام إمدادات مملوك جزئياً لشركة النفط البريطانية الكبرى "بي بي" واستغرق أكثر من سبعة أعوام وما يصل إلى 33 مليار دولار لإتمام أعمال إنشائه.
وأوضح سليمانوف أن أذربيجان بإمكانها أيضاً توجيه التدفقات من تركمانستان في وقت تستعد فيه الدولتان لتطوير حقل كان موضع نزاع في السابق في بحر قزوين.
من جانبه، سيتواصل الاتحاد الأوروبي مع أي شخص يمكنه المساعدة في تأمين إمدادات جديدة، فيما يعمل على إقامة شراكات مع كبار منتجي الطاقة، حسبما قال مسؤولون كبار في المفوضية الأوروبية يوم الجمعة. وجاءت تعليقات هؤلاء المسؤولين قبل مجلس الطاقة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، الذي سيُعقد في 7 فبراير، وبعد أيام فقط من اجتماعات عُقدت في باكو.
عقود طويلة الأجل
في الوقت نفسه سيكون أي دعم فوري للإمدادات القادمة من أذربيجان محدوداً، وأي زيادة كبيرة تتطلب من المشترين الأوروبيين توقيع عقود غاز طويلة الأجل.
عادةً ما يسير الأمر على هذا النحو لأن البنية التحتية للطاقة باهظة الثمن ويستغرق بناؤها أعواماً، لذلك فإن الدول التي تستثمر في مشاريع جديدة تحتاج إلى شيء يضمن لها وجود مشترين. كما أن الصفقات التي تفضلها باكو تُعَدّ أيضاً شرطاً تنص عليه روسيا.
مع تحول أوروبا سريعاً إلى أشكال أنظف من الطاقة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مراراً وتكراراً إنّ هذا النوع من الصفقات سيكون ضرورياً إذا كان لروسيا الاستثمار في زيادة الصادرات إلى أوروبا.
قال سليمانوف: "نحن لا ننظر إلى أمن الطاقة والتوسع المحتمل وزيادة أحجام الشحنات من خلال أزمة قصيرة الأجل، ولا يمكنك النجاح بتفويضات قصيرة المدى، بل إنه تخطيط طويل الأمد، إنه عملية مستمرة، فالأمر لا يأتي بظهور شخص ما وقوله (أعطني مزيداً من الغاز)".
الاستهلاك المحلي
سيتعين على أذربيجان أيضاً أن تضع استهلاكها المحلي -الذي يرتفع في الشتاء- في الحسبان قبل توفير مزيد من الغاز لأوروبا. قال سليمانوف إن الدولة المطلة على بحر قزوين لا يمكنها أن تحل محل روسيا، ويتعين على الشركاء الغربيين فهم ذلك في مواجهتهم مع موسكو. وبينما كانت روسيا تحشد قواتها على الحدود مع أوكرانيا، نفى بوتين خططه للغزو.
أضاف سليمانوف أن "حقيقة الأزمة لا تعني مجرد مواجهة عسكرية محتملة، بل تعني أيضاً إمدادات الطاقة ونقص الطاقة، وحتى دون المواجهة عشنا للتوّ أزمة طاقة في أوروبا".
طاقة الفحم
ارتفعت أسعار الغاز الأوروبية بأكثر من ثلاثة أضعاف خلال العام الماضي، مع انتعاش الطلب في وقت لم يتمكن فيه العرض من مواكبة ذلك. كان الإنتاج في القارة في حالة انخفاض لأعوام، وكانت روسيا تقيّد الإمدادات منذ الصيف، كما أن انخفاض إنتاج الطاقة المتجددة تسبب في اعتماد دول من فرنسا إلى ألمانيا على الفحم الملوث للبيئة وكذلك النفط لإبقاء الأضواء مشتعلة.
قال سليمانوف: "في الوقت الراهن، من المحتمل أن يؤدي إنتاج الفحم إلى تلويث هواء أكثر في غضون شهرين مما قد يلوثه الغاز في أعوام. هناك نوع من النفاق يتعلق بهذا الأمر".
يمكن أن تسهم أذربيجان في تطبيع التوترات بين روسيا وأوكرانيا. فبينما لا تلعب البلاد أي دور وساطة حالياً، فإنها تتمتع بعلاقات جيدة مع كل من شركاء الاتحاد السوفييتي السابق، حسبما أفاد سليمانوف.
كان الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف آخر رئيس للبلاد يزور أوكرانيا، وفي الوقت نفسه يمتلك مصالح "متوافقة استراتيجياً" مع روسيا.
ختاماً، قال سليمانوف إن اجتماع ممر الغاز الجنوبي سيستضيف ممثلين عن المملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا.