ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا، يوم الإثنين، وسط انخفاض التدفقات من روسيا مرة أخرى، إذ تسود حالة من عدم اليقين بشأن تأمين الإمدادات الأوروبية هذا الشتاء.
قفزت أسعار الغاز الطبيعي الأوروبي القياسي، تسليم الشهر المقبل 20% لتبلغ 84.50 يورو للميغاواط ساعة عقب الانخفاض الذي شهدته في وقت سابق، وذلك بعد أن انخفضت التدفقات الروسية عبر الطريق الرئيسي لتلك الإمدادات عن طريق أوكرانيا.
وقد تزامن ذلك مع تفاقم المخاوف من نقص الإمدادات بسبب الطلب المتزايد المحتمل على الغاز في آسيا، مما قد يؤدي لاعتماد المنطقة على شحنات الغاز الطبيعي المسال لتتعطش أوروبا للوقود مرة أخرى.
قال توم مارزيك مانسر، محلل الغاز الأوروبي والغاز الطبيعي المسال في وكالة "أي سي أي إس" للتسعير: "اذا استمر خلال الأيام المقبلة نقص إمدادات الأنابيب الروسية لشمال غرب أوروبا بذلك المستوى القياسي الذي بدأ مع العام الجديد، سيدعم ذلك بلا شك الاتجاه الصعودي بمجرد عودة الطلب للارتفاع مرة أخرى".
الغاز المسال قد يخفف الأزمة
تستمر تقلبات الغاز الأوروبي الشديدة وسط ارتفاع الأسعار لمستويات قياسية قبل عيد الميلاد مع انخفاض التدفقات الروسية للمنطقة التي انخفضت بشكل حاد في الأيام الأخيرة من العام، وذلك بالتزامن مع توجه ناقلات الغاز الطبيعي المسال الأمريكية الإضافية نحو أوروبا، مما تسبب في بعض الهدوء داخل الأسواق التي تشهد عجزاً شديداً.
ما تزال الكميات المتعاقد عليها من الغاز الروسي لأوروبا محدودة، مما يعني استمرار الضغوط على السوق في الوقت الحالي، وهذا ما يدفع أوروبا إلى الاعتماد على مخزوناتها المستنفدة في الأساس، والاتجاه للاعتماد على مزيد من الغاز الطبيعي المسال.
انخفض تدفق الغاز الروسي عبر الطريق الرئيسية من خلال أوكرانيا، وعبر فيلكي كابوشاني في سلوفاكيا.
أشارت "يوروستريم" المسؤولة عن تشغيل النظام إلى تراجع الطلب على الوقود بنسبة 70% ليبلغ نحو 276 غيغاواط / ساعة يومياً ليسجل أدنى مستوى منذ فبراير.
توقفت شحنات الغاز الروسي إلى ألمانيا عن طريق يامال-أوروبا لمدة 14 يوماً. كما أظهرت الحجوزات لليوم التالي أنَّ التدفقات قد تظل متوقفة يوم الثلاثاء، لأنَّ شركة "غازبروم" لم تحجز أي سعة مرة أخرى. إذ تقوم "غازبروم" بإرسال الوقود لعملائها في "الاتحاد الأوروبي" بحسب التزامها بموجب العقود الحالية طويلة الأجل.
ارتفاع صادرات الغاز المسال
قالت "غازبروم"، إنَّها قد زادت صادراتها للمشترين الرئيسيين في أوروبا وتركيا والصين العام الماضي، و إن لم تصل لمستويات ما قبل الوباء, فيما عادت الشركة لتقليص عمليات التسليم لأنحاء أوروبا كافةً وسط أسوأ أزمة في إمدادات الطاقة للقارة منذ عقود.
أوقفت إندونيسيا أحد أكبر مصدري الفحم الحراري عالمياً يوم السبت الماضي الشحنات لتأمين الإمدادات المتضائلة لمحطات الطاقة المحلية.
وعلَّقت "إنجي إنرجي سكان" في تقرير اليوم الإثنين، أنَّ ذلك القرار قد يؤدي لزيادة الطلب على الغاز الطبيعي المسال من الصين، والهند، واليابان، وكوريا الجنوبية التي تلقت مجتمعة 73% من صادرات الفحم الإندونيسية في عام 2021.
قفزت الصادرات العالمية للغاز الطبيعي المسال لمستوى قياسي الشهر الماضي بعدما زادت المشاريع من الإنتاج، وعززت المرافق من السعة التخزينية للواردات، وفقاً لبيانات تتبع السفن التي جمعتها بلومبرغ.
وقد عززت قطر والولايات المتحدة وأستراليا - أكبر ثلاث دول مصدرة للغاز المسال في العالم –من الإنتاج في ديسمبر مقارنة بالعام السابق.
غادرت شحنات الغاز الطبيعي المسال الأمريكية ليلة رأس السنة الجديدة إلى أوروبا.
قالت "ماكسار" في تقرير أرسل بالبريد الإلكتروني يوم الإثنين، إنَّه من المتوقَّع اعتدال درجات الحرارة هذا الأسبوع في الأجزاء الجنوبية والوسطى من القارة بشكل غير معتاد في ذلك الوقت من العام، بينما تنخفض درجات الحرارة لأقل من المعتاد في الشمال مع بداية الأسبوع المقبل لتصبح بعد ذلك أكثر دفئاً.
ارتفعت أسعار الغاز الهولندي تسليم الشهر المقبل 18.5% لتصل إلى 83.3 يورو لكل ميغاواط ساعة بحلول الساعة 5:30 مساءً في أمستردام. وتم تعليق تداول الغاز في بريطانيا بسبب إغلاق منصة "أي سي إيه" للعقود المستقبلية الأوروبية بسبب العطلة.
ما تزال الأسعار أعلى بكثير من معدلاتها الطبيعية بزيادة تفوق 3 أضعاف عن مستوياتها العام الماضي، الأمر الذي أدى لارتفاع معدلات التضخم، وأجبر الشركات على كبح الإنتاج، ودفع باتجاه انهيار موردي الطاقة.
أدى ارتفاع أسعار الغاز لرفع أسعار الكهرباء مرة أخرى، فقد ارتفعت أسعار العقود الآجلة الألمانية للعام المقبل بنسبة 3.8% لتبلغ 124.7 يورو في بورصة "إي إي إكس". كما زادت تصاريح انبعاثات الكربون بنسبة 4.5% لتصل إلى 85.3 يورو للطن.
