يقترب الحزب الحاكم في كوريا الجنوبية من تمرير مشروع قانون يشدد العقوبات على نشر "الأخبار الكاذبة"، فيما تقول منظمات إعلامية دولية إن الإجراء قد يعيق الحريات الصحفية ويقول المشرعون المعارضون إنه يهدف إلى تكميم أفواه النقّاد.
استخدم الحزب الديمقراطي التقدمي الذي يتزعمه الرئيس "مون جيه-إن" أغلبيته العظمى في البرلمان الأربعاء، لنيل مصادقة إحدى اللجان على مشروع القانون المعدل لقانون تحكيم الصحافة، لطرحه للتصويت في الجلسة العامة بالبرلمان خلال الأسبوع الجاري.
يطالب مشروع القانون المعدل المؤسسات الإخبارية إصدار تصحيحات فورية للنشر "المتعمد" أو "الإهمال الجسيم" لتقارير إخبارية كاذبة. كما يدعو إلى زيادة مقدارها خمسة أضعاف في التعويض المدفوع كعقوبة، إذا أقرت المحكمة بأن النشر كاذب.
يفرض القانون، فيما يخص الحالات التي يصعب فيها تتبع مبلغ الضرر المحدد، على المؤسسات الإعلامية تعويض المدعين ما بين 50 مليون وون (43 ألف دولار) و100 مليون وون (85 ألف دولار).
يهدف مشروع القانون لمكافحة نشر الأخبار الكاذبة، وفقا للحزب الديمقراطي، الذي أشار إلى ما يراه ارتفاعاً في مواد إخبارية غالباً ما تكون دون إسناد حركت الأسواق قبل تصحيحها أو حذفها. كما يقول الحزب الديمقراطي إن آخرين نشروا مزاعم مجهولة المصدر على الإنترنت تبين أنها غير صحيحة أو أنكرها المتهمون.
أخبار غير مواتية
قال المتحدث باسم الحزب الديمقراطي هان جون هو إن مشروع القانون "يؤسس ثقة الجمهور في الصحافة ويوسع من قيمة حرية التعبير".
وصف حزب سلطة الشعب المعارض الرئيسي لمشروع القانون، وصف القانون بأنه غير دستوري، وأشار إلى أنه يهدف لتعطيله، كما قالت المتحدثة باسم سلطة الشعب المعارض جون جو هيي يوم الاثنين "كشف الحزب الديمقراطي عن نيته كبح جماح وسائل الإعلام التي نشرت بشأنه أخباراً غير مواتية له".
تتسم حرية الصحافة بالحساسية في كوريا الجنوبية، حيث استخدم القادة الاستبداديون الذين حكموا البلاد حتى أواخر الثمانينيات من القرن الماضي سلطتهم للقضاء على المعارضة والضغط على وسائل الإعلام لتكون متوافقة مع الحكومة.
دعت جهات الدفاع عن الإعلام، بما فيها المعهد الدولي للصحافة ومقره في فيينا، حزب مون إلى سحب مشروع القانون.
قال سكوت غريفن نائب مدير المعهد الدولي للصحافة في بيان الأسبوع الماضي: "فيما تتبنى حكومات استبدادية ما يسمى قوانين مكافحة الأخبار الكاذبة بشكل متزايد لقمع الانتقادات، من المخيب أن نرى دولة ديمقراطية مثل كوريا الجنوبية تتبع هذه النزعة السلبية".
خاض مون، الذي تنتهي ولايته الوحيدة التي تبلغ خمس سنوات في مايو، وحزبه معارك مع الصحافة. كانت بعض أكثرها سخونة تتعلق باثنين من مرشحي مون لمنصب وزير العدل، وأجبروا على التنحي تحت ضغط تقارير وسائل الإعلام المحلية عن الكسب غير المشروع والمحسوبية، ما أدى في النهاية إلى تحقيق ادعاء عام وتوجيه تهم.
يأتي التوجه لإقرار مشروع قانون وسائل الإعلام بعد أن وضع حزب مون قانوناً دخل حيز التنفيذ في يناير يفرض أحكاماً بالسجن على من ينشر أكاذيب حول تظاهرات مؤيدة للديمقراطية في غوانغجو في ثمانينيات القرن الماضي سُحقت بقوة مميتة، ما أثار انتقادات من جانب المؤرخين الذين اعتبروا القانون بمثابة استخدام مفرط للسلطة.